على خطى الربيع!
على خطى الربيع العربي، يسعى الحلف الإيراني– القطري إلى هدم المجتمعات العربية على من فيها، بخلط الأوراق وتعقيد الخيوط وتشويه الصورة. وكلما جاءت النتيجة فشلاً زاد الغضب وتحول سعاراً، خصوصاً مع إصرار الدول الأربع: السعودية ومصر والإمارات والبحرين على المضي في مواجهة السياسات القطرية، وعدم الخضوع للابتزاز، أو الخوف من تلك الآلة الإعلامية الضخمة التي كانت مؤثرة ولم تعد خطيرة، وصارت مضحكة بعدما كانت مدمرة. أهم ما أفرزته التطورات في المنطقة خلال الأسبوعين الماضيين أن الدول الأربع تتعاطى مع أزمة قطر باعتبارها أزمة هامشية بالفعل، واهتمت بتماسكها الداخلي الذي يُمكّنها من مواجهة الأخطار الخارجية، وبينها الخطر الإيراني.
لسنا في حاجة إلى أدلة وبراهين لإثبات التنسيق الإيراني– القطري بهدف الإضرار بمصالح وأمن واستقرار الدول الأربع التي أعلنت مقاطعتها قطر، وتتخذ مواقف صارمة ضد السياسات الهدامة لإيران، فالواقع على الأرض يعكس التحالف الإيراني– القطري، ولعبة تقسيم الأدوار تمارس بصورة واضحة بين الحليفين لتحقيق الأذى لشعوب الدول الأربع.
بالطبع كان «الإخوان المسلمون» طرفاً أيضاً في اللعبة، فاللجان الإلكترونية الإخوانجية ووسائل الإعلام الغربية المتسرطنة بعناصر الجماعة ومراكز الأبحاث والمنظمات الحقوقية التي يسيطر عليها «الإخوان» ويسيرون عملها، كانت حاضرة طوال الأسبوع واضطلعت بالدور المتوقع لتقديم الدعم والمساعدة والترويج للسيناريو الإيراني– القطري وتبييض وجوه الأشرار والإساءة إلى كل رمز من رموز الدول الأربع. كان واضحاً أن التسخين الإيراني عموماً، وفي اليمن ولبنان خصوصاً، يُجرى في الوقت الذي اضطلعت فيه وسائل الإعلام القطرية وقنوات الدوحة وتلك التي تبث من اسطنبول ولندن وعشرات المواقع الإلكترونية سواء الإخوانجية أو القطرية، بمهمة تحقيق إنجاز في ضرب المجتمعات من الداخل، وتحريض الشعوب على الحكام وتكثيف المعلومات الكاذبة والتصريحات المزورة والصور المزيفة والأقلام المفبركة لتشتيت الناس وتغييب الوعي وإحداث ضجة حول كل حدث واختلاق المشاكل حول كل واقعة. كانت الحملة السعودية ضد الفساد ومؤتمر الشباب في شرم الشيخ وحوادث الإرهاب في البحرين والنشاط الاجتماعي والثقافي في الإمارات مناسبات، كي تسعى المنصات الإعلامية القطرية إلى الصيد في كل مياه عكرة، وزرع الشكوك والريبة في عقول الناس وإرباكهم، وشغل الحكومات بأزمات داخلية حتى تسهل مهمة إيران في السيطرة على لبنان، ونقل الأسلحة الثقيلة إلى الحوثيين في اليمن. صحيح أن الإعلام القطري والإخوانجي يتبنى منذ فترة منهجاً يقوم على ضرب مجتمعات الدول الأربع من الداخل والسعي إلى هدمها، لكن الأيام القليلة الماضية شهدت تسريعاً في وتيرة الكذب وتكثيفاً في حجم التزييف وتجييشاً لكل الإمكانات، بهدف تحقيق ربيع عربي جديد ينقذ الدوحة ويمكن إيران!! لم تتوقف أيضاً محاولات إحداث الوقيعة بين الدول الأربع، سواء بتحريف تصريح لهذا المسؤول أو ذاك، أو إبراز التناقضات في سياسات الدول الأربع، حتى لو كانت هامشية أو غير مؤثرة أو تتعلق بقضايا فرعية، وتفسير موقف كل دولة من الدول الأربع تجاه قضايا المنطقة وكأنه يضرّ بالدول الثلاث الأخرى، أو واحدة منها!
عموماً، بدت ردود الفعل الشعبية المرصودة تجاه المعزوفة الإيرانية- القطرية- الإخوانجية داعمة مواقفَ الدول الأربع، ليس فقط لأن العزف جاء كل مرة نشازاً، أو لأن الأكاذيب صارت مفضوحة، أو لأن تسريع وتيرة العزف أضر بمحتواه ومستواه، ولكن أيضاً لأن الشعوب العربية أدركت حجم الخداع الذي تعرضت له من منصات الإعلام القطري- الإخوانجي، كما أن ذلك الربيع العربي الذي روجت له قطر ورحبت به إيران وسارت النخب العربية خلفه لم يسفر إلا عن خراب ودمار وفوضى، ولم يخرج منه أي طرف فائز إلا «الإخوان»، بينما دفعت الشعوب ثمن اندفاعها شهداء من أبنائها ودماراً في مجتمعاتها وفقراً ضرب بنيتها الاقتصادية. وفي النهاية، اكتشف الناس أنهم كانوا ضحية لعبة، وأنهم استُخدموا لتحقيق أغراض دول وجهات وجماعات، وبالتالي صاروا أكثر حرصاً على بلدانهم وانتباهاً لمخططات ومؤامرات تلبس رداء النقاء وتتغطى بثياب الحريات، بينما هدفها مزيد من الشقاء… وخيام الإيواء.