محمد صلاح

1

 
سيناء النظيفة
 
على الأرجح سيجري في غضون أيام الإعلان عن انتهاء العملية العسكرية الشاملة 2018، التي بدأها الجيش المصري لتصفية الإرهابيين في شبه الجزيرة في 9 شباط (فبراير) الماضي، لكن انتهاء العملية لن يعني التوقف عن مطاردة باقي الإرهابيين والتكفيريين، أو الإعلان عن انتهاء الإرهاب هناك في شكل نهائي، فمصر ستظل تواجه الإرهاب طالما بقيت دول تدعمه وتنفق على منفذيه وتبرر جرائمه عبر منصات إعلامية ضخمة. انتهاء العملية يعني إعادة الحياة إلى طبيعتها في سيناء، التي تعاون أهلها في شكل كبير مع قوات الجيش والشرطة لإنجاح المهمة الشاقة لتبقى معدلات الإرهاب في شبه الجزيرة طبيعية كغيرها من المناطق في مصر، أو حتى دول أخرى بينها دول غربية.
 
كان الهدف من العملية تطهير سيناء وتنظيفها من الإرهاب، وتمهيد البيئة أمنياً واجتماعياً هناك لإطلاق مخطط التنمية فيها، الذي رصدت الدولة له 275 بليون جنيه، إذ طلب الرئيس عبدالفتاح السيسي الإسراع في تنفيذ المخطط باعتباره مسألة «أمن قومي»، ويهدف إلى توطين 3 ملايين مواطن في سيناء في غضون أربعة أعوام، علماً بأن عدد السكان في الشمال حالياً لا يتخطى 450 ألفاً، ومن بين النجاحات المهمة للعملية توثيق هويات كل السكان في شمال سيناء ووسطها، إذ إن غالبيتهم غير مُسجل ضمن مواطني الدولة، ما صعب لسنوات عملية التدقيق والرقابة الأمنية. كانت سيناء تحولت ملاذاً للإرهابيين بعدما ضربت عواصف الربيع العربي مصر، واستفحلت الظاهرة بوصول الإخوان إلى سدة الحكم، ثم نزع السلطة عنهم بعد ثورة الشعب المصري على حكم الجماعة، إضافة بالطبع إلى انتقال أعداد من الإرهابيين من دول أخرى إلى هناك، إما فراراً بعد هزيمتهم في مناطق الصراع، أو لإعانة إخوانهم الإرهابيين ودعمهم من أجل مواجهة الجيش والشرطة والأهالي. كان لزاماً على الحكم بعد مرحلة الإخوان وضع الأسس الضرورية الاجتماعية والاقتصادية لعملية الربط الكثيف بين سيناء والوادي، فبدلاً من نفق واحد لمرور السيارات بين ضفتي القناة، وهو نفق الشهيد أحمد حمدي الموجود في السويس، أصبح هناك ستة أنفاق سيتم افتتاح خمسة جدد منتصف العام الجاري، فضلاً عن جسر ضخم يعمل بالتوازي مع جسر السلام، إضافة إلى تدشين عبارات جديدة بين ضفتي القناة. الهدف بالطبع القضاء على أسباب انفصال وابتعاد شبه الجزيرة عن باقي الأراضي المصرية.
 
العملية العسكرية رغم أنها تركزت في سيناء، لكن كان معروفاً منذ انطلاقها أنها تمتد في كل ربوع مصر، وليس سيناء فقط، بمشاركة أكثر من 120 ألف جندي من الجيش والشرطة، غالبيتهم تركزت جهودهم في شبه الجزيرة. والمؤكد أن وتيرة العمليات الإرهابية انخفضت، ورغم انضمام تنظيمات إخوانية كـ «حسم» و «لواء الثورة» إلى منظومة التنظيمات الإرهابية، إلا أن الدعم الشعبي الذي لاقته جهود الأجهزة الأمنية أفضى إلى تأييد غير مسبوق في التعاطي مع العناصر الإرهابية.
 
ووفقاً للأرقام الرسمية، فإن القوات البرية التي شاركت في العملية عبارة عن 127 كتيبة برية تضم 60 ألف مقاتل و3000 معدة، مُقسمة كالتالي: 88 كتيبة بإجمالي 42 ألفاً و630 مقاتلاً و800 مركبة في سيناء، وفي غرب مصر 15 كتيبة تضم 5 آلاف و175 مقاتلاً و150 مركبة، وفي الجنوب 10 كتائب بإجمالي 4 آلاف 956 مقاتلاً و189 مركبة، وفي المنطقة المركزية تشارك 12 كتيبة بـ6500 مقاتل و385 مركبة، وفي الشمال 6 كتائب تضم 3500 مقاتل و180 مركبة. ويضاف إلى تلك القوات 52 ألفا ًو570 فرداً و2750 معدة من الشرطة المدنية. كما شاركت القوات البحرية التي تؤمن مسرح العمليات في البحرين الأبيض والأحمر بـ4900 مقاتل و60 وحدة بحرية، والقوات الجوية تشارك بـ355 طائرة من أنواع مختلفة منها 230 طائرة في سيناء وحدها، والدفاع الجوي يشارك بـ15 كتيبة تضم 3100 مقاتل و295 معدة.
 
تعكس تلك الأرقام حجم العملية وكلفتها المالية، وجدية التعاطي مع الأوضاع في سيناء بهدف تنظيفها من الإرهاب والقضاء على أماكن تجمع الإرهابيين، ما ينزع من الإخوان والجهات التي تدعمهم سلاحاً ظلوا يستخدمونه لمحاولة الثأر من الشعب المصري، والتأثير في الأحوال المعنوية للمصريين بإشاعة الطاقة السلبية والشماتة مع سقوط كل شهيد، واتهام الدولة بالتقصير أحياناً، وبالتسبب في الإرهاب في أحيان أخرى. بعد أيام سيتم إعلان سيناء نظيفة من الإرهاب لتزداد معاناة الإخوان ومن يحترمونهم!

التعليقات معطلة.