لدى تايوان خمسة أعوام لتستعد فيها لغزوٍ صيني إذا تحققت مخاوف الولايات المتحدة وتخلت بكين عن “إعادة التوحيد السِلمي” في 2027، وقررت الاستحواذ على الجزيرة الديمقراطية بالقوة.
كان هذا تاريخ الغزو المُفترض، وفق الفريق أول البحري فيل ديفيدسون الذي أخبرَ مجلس الشيوخ في العام الماضي بأن طموحات الصين تتسارع و”تهديدها كان واضحاً خلال العقد الراهن، والواقع أن هذا أمر متوقع في الأعوم الستة المقبلة”.
دون تدخل عسكري
وصرحَ نائب مدير وكالة الاستخبارات المركزية ديفيد كوهين، من جهته، بأن الرئيس الصيني شي جين بينغ أمرَ جيشه “بأن يكتسب القدرات التي تؤهله السيطرة على تايوان بالقوة بحلول 2027″، حسب تقرير شبكة “سي إن إن” الأمريكية، ولو أن الوكالة لا تزال تعتقد أن شي يود “إحكام سيطرته على تايوان بسبلٍ غير عسكرية”.
وقال الرئيس الأمريكي جو بايدن أربع مرات حتى الآن إن الولايات المتحدة ستدافع عن تايوان ضد أي هجوم بغض النظر عن التظاهرات الصينية و”الغموض الاستراتيجي”.
ويبقى السؤال المطروح الآن هو: ما الذي نفعله لردع الصين؟
يقول بول زولدا، رئيس تحرير “The Ruck” المتخصص في مستقبل الأمن القومي، في مقال نشره الموقع الأمريكي: “من غير الواضح إذا كانت الصين ستغزو تايوان في 2027 أو 2049 أو أنها ستغزوها أصلاً. غير أن الولايات المتحدة بلا شك تفضل الوضع الراهن. فتايوان المُستقلة ومضيق تايوان الذي يعمل بسلاسة وبلا عوائق أفضل بكثير للاستقرار العالمي كله”.
ومع ذلك، يضيف الكاتب، أن على واضعي الخطط العسكرية التأهب للأزمات على أي حال. ورغم أن 5 أعوام قد تبدو بعيدة، والأسلحة الأمريكية المُستخدَمَة حالياً للدفاع عن أوكرانيا ضرورية لتعزيز موقف تايوان، لكن المخزون من هذه الأسلحة تراجع وسيستغرق إعادة بنائه أعواماً.
صعوبة تسليح تايوان
وأوضح الكاتب أنه سيكون من الصعب تسليح تايوان على عكس أوكرانيا ذات الحدود الحافلة بالثغرات التي تستطيع شحنات الأسلحة والدعم النفاذ عبرها، خلال الصراع العسكري المتوقع، حسب تصريح بليك هيرتزنغر، الخبير الأمني بمنطقة المحيط الهادئ.
فجزيرة تايوان تقع على بُعد 100 ميل شرق الصين، وهي ضمن نطاق صواريخها، بينما يُفترض أن تستجيب القوات الأمريكية من اليابان، ومن بقاع أخرى في قارة آسيا.
وكتب هيرتزنغر أخيراً في مجلة فورين بوليسي ما مفاده أن “المدفعية ذاتية الحركة ومنصات إطلاق صواريخ كروز هي المعدات التي يجب أن تُعلي تايوان أهميتها، غير أنها لم تَضمها بعد إلى قوات دفاعها”.
وقال الفريق أول البحري المُتقاعد لي هسي-مِين الرئيس الأسبق للأركان العامة لتايوان بين 2017 و2019 والمسؤول عن خطط الدفاع عن الجزيرة إن تايوان في حاجة أيضاً “إلى عددٍ كبير من الدفاعات الصغيرة”.
وتشمل هذه الدفاعات نُظم المعلومات الاستخباراتية والمراقبة والاستطلاع، ونُظُم مكافحة الاستخبارات والمراقبة، والاستطلاع، وأسلحة صغيرة بالغة الدقة يمكن إخفاؤها عن الهجمات الصاروخية، وأسلحة مضادة للطائرات، لمنعها من الاقتراب، وغيرها من الذخائر التي يمكن أن تُلحق خسائرَ جسيمة بالغزاة على مقربة من الشاطئ.
وأضاف لي في يوليو(تموز) بقوله: “إذا أردنا أن نصمد، وإذا أردنا أن ننجح في الدفاع عن نفسنا، فعلينا أن نتغير. هذه مسألة حياة أو موت”.
مخاوف من حصار صيني
ولفت الكاتب إلى أن هناك بالطبع قضايا دبلوماسية شائكة كامنة في هذا السياق. فمد يد العون لتايوان سيُغضب بكين. وإذا طالبت تايوان بالاستقلال، فإن غزوها سيكون مؤكداً. ولكن هناك احتمال آخر بدأ يقلق المسؤولين عن التخطيط الأمريكيين، هو فرض الصين حصاراً أو “حَجْراً” من شأنه أن يُعقِّد الاستجابة لها.
ويقول الفريق البحري كارل توماس قائد الأسطول الأمريكي السابع: “لديهم سلاح بحرية كبيراً جداً، وإذا أرادوا أن يستعرضوا قوتهم ويضعوا سُفناً حول تايوان، فلن يقف شيء في طريقهم. ومن الواضح أنهم لو أقدموا على أي خطوة لا تتطلب تحركات، أعني أن يضربوا حصاراً إذ يعد خطوة لا تنطوي سوى على تحركات أقل، فحينها سيتعين على المجتمع الدولي أن يتدخل للتوصل إلى طريقة للتعاطي مع هذا التحدي”.
وحسب دراسة حديثة لمؤسسة راند “من الأرجح أن تنظر الصين إلى الحجر بوصفه خياراً أقل خطورة”، مُوضحةً أن حظر السفن من دخول تايوان، لا يعدو أن يكون محاولة لتنظيم التجارة إذا قُورِنَ بالغزو والاحتلال”. غير أنه لا يجب النظر إلى الحجر الذي ينَفذ على غرار الذي أقر بعد أزمة الصواريخ الكوبية، على أنه محدود المخاطر.
وجاء في الدراسة نفسها أن “على الولايات المتحدة وحلفاؤءها النظر إلى احتمال فرض حجر على تايوان من جانب جمهورية الصين الشعبية بصفته مساراً مُزعزعاً للاستقرار يمكن أن يمسي خطيراً للغاية بسرعة”.
وفيما يلي ما يمكن أن يترتب على الحجر وفقاً لمؤسسة راند.
“ستتأثر تايوان سريعاً، إذ سيجعل عدم التماثل بينها وبين جمهورية الصين الشعبية قدرة الأولى على العمل اقتصادياً غير مُستقرة. وستُرغم الولايات المتحدة على تحريك قواتها على مقربة من منطقة مُتنازَع عليها، ما يزيد من تعرضها للخطر. إن مكانة تايوان بصفتها مُورداً لمكونات التقنية العالية ربما زادَ في حقيقة الأمر الحافز لدى دول العالَم لإيجاد حلٍ سريع للأزمة، بينما يخلق في الوقت ذاته دوافع لجمهورية الصين الشعبية لتسعى للهيمنة على الصناعات الأساسية. ومن الأرجح ألا يكون ذلك صراعاً سريع الوتيرة، وإنما أزمة مُتصاعدة بسرعة”.