لم تكن عناوين القضايا الساخنة (التي طفت على سطح السياسة والتنافسات الانتخابية الرئاسية (التي انطلقت قبيل أيام على أيدي المرشحين الديمقراطيين) كما يتوقع العديد من المتابعين في عالمنا العربي القاصي عما يحدث في “العالم الجديد”، عقلا ومزاجا وذائقة. نحن بعيدون عما يجري بدقة!
وإذا كنا نتوقع عنوان تفجر للأحداث في الخليج العربي، فإن الأهم بالنسبة للناخب الأميركي إنما هو الخوف من الشبح النووي الذي تشكله كوريا الشمالية التي برهنت، عمليا وعلميا، بأنها قادرة على إلحاق الأذى بأراضٍ أميركية بواسطة صواريخها مباشرة. وإذا كان هذا الجمهور الشرق أسطي المتابع يعتقد بأن قضية القدس وأنشطة ما أطلق عليه تعبير “صفقة القرن” هي الأهم، فإن الحقيقة على الأرض في الولايات المتحدة قد دلت على أن الناخبين الأميركان مشغولون الآن بمسألة أمن الحدود الجنوبية وبمأساة المهاجرين غير الشرعيين إلى الولايات، دون ذكر مهما كان بسيطا، للقدس ولنقل سفارة الولايات المتحدة من تل أبيب إليها قط!
من منظور التهديد النووي، لا يعير الناخبون الأميركان اهتماما ملحوظا لما حدث ويحدث في الخليج العربي، بقدر ما يعيرون جل اهتمامهم بقضية تدخل موسكو في الشأن الانتخابي الرئاسي، بوصفه تخريبا لــ”ديمقراطيتنا”، في حين استقطبت محاولات الرئيس ترامب “نزع” أو “تجميد” برنامج التسلح الكوري الشمالي كامل نشرات الأنباء، ناهيك عن محاولاته “تسكين” أو “تهدئة” عصابية الرئيس الكوري “كيم أون سنج”.
أما من منظور الصراع الفلسطيني ـ الإسرائيلي، فلم يؤلِ الناخبون الأميركان اهتماما ملحوظا بهذا الموضوع، كما نتخيل هنا بسبب قربنا من سخونة الأحداث في الشرق الأوسط وتحت ضغوط الإعلام المحلي. وبدلا عن ذلك تستحوذ سياسة الرئيس ترامب الأكثر شهرة تحت عنوان الــ”تسامح صفرا” Zero tolerance، ناهيك عن إعلانه الأخير بقراره إطلاق وحدات كبس وتسفير لكافة المهاجرين غير الشرعيين داخل الولايات المتحدة (ويقدرون بأكثر من مليون نسمة) بعضهم مستقر، بل ويساهم بالانتخابات المحلية والفيدرالية، درجة ملاحظة الرئيس ترامب ذلك وإصراره على إدراج سؤال الجنسية الأميركية ضمن بطاقات الانتخابات الرئاسية القادمة، خشية التزوير والتلاعب من قبل المهاجرين غير الشرعيين الموجودين في كل مكان داخل أميركا.
وإذا كان “سؤال الجنسية” الأميركية مهما بالنسبة لحزب الرئيس ترامب الجمهوري، فإن الأهم بالنسبة لمنافسي الرئيس إنما يتمثل في أوضاع الأطفال المحتجزين في مراكز احتجاز (هي أقفاص) بالقرب من الحدود الجنوبية، نظرا لازدحامها ولافتقار هذه المراكز لأدنى الشروط الصحية المطلوبة. زد على ذلك أزمة فصل بعض هؤلاء الأطفال واليافعين عن أولياء أمورهم.
للمرء أن يستعرض ما يشغل الناخب الأميركي من أولويات، تصحيحا لما يدور في خلد الكثيرين هنا، معتقدين بأنه مهم أو أهم! (وستبقى مرآة واشنطن تعكس الحقائق على نحو متواصل من هناك إن شاء الله)
مرآة واشنطن: مشاغل الناخب الأميركي
التعليقات معطلة.