مرحبا روحاني.. وداعا ترامب

3

 
 
علي حسين فيلي/
 
لا يعقل ان تكون زيارة روحاني الى العراق من اجل الحرب ضد امريكا، ولم يزر ترامب العراق لرسم خطة اسقاط النظام الايراني، فزيارة الرجلين الى بلد تهزه الازمات بين الفينة واخرى، تتم قراءتها بشكل مغاير.
جاء ترامب الى العراق قبل ثلاثة اشهر، واليوم اتى روحاني، فمن القادم غدا؟ من المحتمل ان تكون امريكا تفكر في اسقاط النظام الايراني ولكن العراقيين يريدون – بأضعف الايمان – ان تكون الاوضاع السياسية والامن والاستقرار اهون مما هي عليه الان.
شعار الموت لأمريكا، لن يبعد العراق عن تهديدات وظهور الحرب الطائفية والقومية والسياسية. المشكلة هي انه ليست في اجندات وبرامج هذين البلدين، العدوين المتخاصمين كما يقال، مسألة المصالح العراقية.
وهناك رأي يقول، ان الامر الذي يحصل على الاراضي العراقية يسير وفقا لسيناريو متفق عليه بين ايران وامريكا، من دون التحدث عن تأثيرات تلك السياسة على الاوضاع الداخلية العراقية وابعادها المستقبلية بعيدة المدى.
ومن وجهة نظر طرف اخر ان الزيارات والمغادرات التي يشهدها العراق انما هي لها رائحة التهديدات المتبادلة والتوترات ومن ثم الحرب.
ومهما تكن الروايات يجب ألّا ننسى ان امريكا في عهد ترامب وبعيدا عن التهديدات وتوجيه الضربات الجوية والصواريخ المحدودة، لم تشن ولو حربا واحدة تتسبب بإسقاط ند او خصم حقيقي! وايران في عهد روحاني لم تنسحب قيد انملة من مناطق وجغرافية نفوذها. فهذه امريكا التي تتحدث عن الحرب ضد الارهاب وتعد ايران مصدر الارهاب في العالم، وتلك ايران التي تتحدث بايديولوجياتها عن جبهتها المدافعة وتعد امريكا الامبريالية العظمى. والعراقيون حائرون؛ ففي الوقت الذي شهد شكل الحكم في العديد من البلدان تغييرات كبيرة، لم يتوصل هذان العدوان اللدودان والخصمان العتيدان منذ 40 عاما الى مرحلة حسم المشكلات بينهما سواء بالحرب او بالسلم. ورغم الحصار الامريكي القاسي على ايران، لكن حتى حلفائها غير متيقنين من صدقها في حسم المسألة.
واليوم، ارض العراق هي الساحة التي تتواجد عليها ايران والولايات المتحدة اقرب الى بعضهما من اي مكان في العالم من دون ان يحصل بينهما اي اشتباك. وهي المكان الذي يسعى فيه الجانبان منذ سنوات طوال للمحافظة على مكانتهما ومصالحهما، ولكن السؤال يكمن في ان حكومة العراق نفسها ما دورها في هذا التشابك؟! وهل بإمكانها المحافظة على التوازن؟
مما لا شك فيه ان السياسة الامريكية تهدف الى تأمين مصالح بلادها ومواطنيها، ولكن السياسة الخارجية الايرانية لا يمكن تفسيرها بانها تصب في السعي لتأمين العيش الرغيد لمواطنيها في الداخل.
صحيح ان ترامب زار العراق من دون استقبال من اي مسؤول عراقي وكانت الزيارة في الخفاء وتحت جنح الظلام؛ وان روحاني زار العراق بشكل علني ورسمي وتم استقباله في وضح النهار على الرغم من عدم وضوح النتائج النهائية للزيارتين لحد الان. ولكن حلفاء ايران يتعاملون مع زيارة ترامب بحد يصل الى العداء، في وقت يدافع حلفاء امريكا في العراق عن انفسهم بشكل خجول منذ سنين بسبب السياسات الامريكية غير الواضحة.
في مسألة سياسية وجيوستراتيجية كهذه، تتعامل السياسة بشكل لا رحمة فيها وحتى غير اخلاقية مع الشعوب. ليس شرطا سياسة من اجل الحرب، ولكن العراق هو المكان الاكبر للمناكفات وميدان للصراع بين امريكا وايران. وترامب وروحاني يعرفان ماذا يريدان من العراق وماذا يفعلان فيه، فقط حكومة العراق مثلما يقال اذا لم تنجح جهودها للوساطة بين الطرفين، ومن وجهة نظر البلدين اذا تخطت الخطوط الحمراء، هناك احتمال كبير ان يقع العراق مرة اخرى وسط دوامة الحرب القومية والطائفية او هجمات كالتي شنها “داعش”.
وفي مثل هذه الاوضاع، اذا لم تتم المحافظة على سيادة العراق، فان ابعاد هذه التدخلات وجولات الزيارات والمغادرات، لن يكون اي منها في صالح الشعب العراقي، وبذا يجب الا نكون مطمئنين من مستقبل هذا البلد والمكتسبات التي تحققت فيه لحد الان.

التعليقات معطلة.