عندما سقط النظام السابق في العراق عام 2003، خرج العالم ليبشرنا بعهد جديد من الحرية والديمقراطية. قيل لنا إننا سننتقل من حكم الفرد إلى حكم المؤسسات، ومن الدكتاتورية إلى نظام تعددي يحترم الحقوق، ويبني دولة المواطنة، ويحقق العدالة للجميع. لكن بعد عشرين عامًا، ماذا حصل؟ هل أصبحت الديمقراطية نموذجًا للنجاح؟ أم أنها تحولت إلى مهزلة تُدار بالفساد والمحاصصة وسلطة السلاح؟
الحقيقة المرة التي يجب أن نواجهها هي أن الديمقراطية التي بُشّرنا بها لم تكن سوى كذبة كبرى، وأن العراق اليوم هو شاهد حي على كيف يمكن لنظام فاشل أن يدمّر بلدًا بحجم التاريخ نفسه.
ديمقراطية بلا دولة… دولة بلا سيادة
بعد عشرين عامًا من الديمقراطية، العراق لم يصبح دولة مؤسسات، بل بات محكومًا بميليشيات وأحزاب متصارعة، كل منها يبحث عن نصيبه من الكعكة. السلطة بيد من يملك السلاح، والقرار مرتهن بيد قوى خارجية، بينما المواطن مغلوب على أمره، يعاني الفقر، وسوء الخدمات، وانعدام الأمن.
فأين هي الديمقراطية التي أتوا بها؟ هل الديمقراطية تعني أن تكون الوزارات والمحافظات مقسمة بين الأحزاب وفق نظام المحاصصة الطائفية؟ هل الديمقراطية تعني أن يصبح البرلمان سوقًا للمزايدات والمصالح الشخصية؟ هل الديمقراطية تعني أن يكون صوت الشعب في الانتخابات بلا قيمة لأن النتائج تُحسم خلف الكواليس؟
الفساد: الوجه الحقيقي للديمقراطية العراقية
عندما نتحدث عن العراق اليوم، لا يمكن أن نفصل الحديث عن الفساد. فالعراق يُصنف باستمرار ضمن الدول الأكثر فسادًا في العالم، حيث تُسرق ثرواته أمام أعين الجميع، وتُهدر الميزانيات في مشاريع وهمية، بينما لا يجد المواطن أبسط مقومات الحياة الكريمة.
الديمقراطية العراقية لم تحقق العدل، بل صنعت طبقة حاكمة فاحشة الثراء على حساب الملايين من الفقراء. لم تحقق الأمن، بل جعلت العراق ساحة للصراعات الداخلية والخارجية. لم تحقق الاستقرار، بل خلقت بيئة يسودها الفوضى، حيث يغيب القانون وتحضر شريعة الغاب.
هل كان العراق بحاجة إلى “دكتاتورية عادلة”؟
إن السؤال الذي يطرح نفسه اليوم: هل كان العراق بحاجة إلى تجربة ديمقراطية فاشلة كهذه؟ أم أنه كان بحاجة إلى قيادة قوية، عادلة، وطنية، لا تخضع للمحاصصة، ولا تبيع سيادة البلاد بثمن بخس؟
إن التجربة تثبت أن الشعوب التي تعيش في الفوضى تحتاج إلى قائد قادر على فرض هيبة الدولة، وإرساء القانون، ومحاربة الفساد بقبضة من حديد. العراق اليوم لا يعاني من غياب الديمقراطية، بل من غياب العدل، وهيبة الدولة، والقرار الوطني المستقل.
قد يقول البعض إن الدكتاتورية خطر على الحريات، ولكن ما فائدة الحريات عندما يكون الوطن بلا سيادة، والناس بلا كرامة، والخدمات معدومة، والفوضى تحكم كل شيء؟ هل يريد العراقي أن يمارس “حرية الرأي” وهو لا يستطيع الحصول على كهرباء مستقرة، أو تعليم جيد، أو مستشفى لائق؟
الخلاصة: بين الدكتاتورية العادلة والديمقراطية الفاسدة
إن العراق لم يكن بحاجة إلى ديمقراطية “مستوردة”، بل كان بحاجة إلى حكم وطني قوي، لا يخضع للخارج، لا يسرق المال العام، ولا يسمح للفاسدين بالعبث بمصير الشعب.
لقد أثبتت التجربة أن الديمقراطية في العراق لم تكن سوى غطاء للفشل، والفساد، والهيمنة الخارجية، بينما كان الشعب العراقي بحاجة إلى حكم “عادل”، قد يكون مستبدًا لكنه منصف، قد يكون صارمًا لكنه يبني دولة، قد يكون قويًا لكنه لا يسرق ولا يخون.
فإذا كانت الديمقراطية تعني أن نعيش وسط الفوضى والفساد، فتبًا لها… وأهلًا بالدكتاتورية العادلة التي تحفظ كرامة الإنسان وتعيد للعراق هيبته بين الأمم!