اخبار سياسية

مشروع توسعة مطار قرطاج الدّولي التّونسي… هل هو القرار الصّائب؟

مطار تونس قرطاج

أعلنت تونس أخيراً جملة من المشاريع المتعلقة بتطوير مطار قرطاج الدولي، الأهم في حجم المسافرين، والثاني في المساحة، ويتعلق الأمر بتوسعة هذا المطار من خلال إنشاء قاعة تسجيل عصرية جديدة في المحطة الأولى، وإنشاء محطة جوية جديدة بمساحة مغطاة تقدر بحوالي 80000 متر مربع بطاقة استيعاب تقدر بـ8 ملايين مسافر سنوياً. وتهدف هذه التوسعة إلى رفع طاقة استيعاب المطار إلى حدود 13 مليون مسافر سنوياً لمواكبة الإقبال المتزايد على الوجهة التونسية في المجال السياحي، إذ يتوقع أن تتواصل الانتعاشة خلال هذا العام بعدما عاد العديد من الأسواق إلى التعامل مع الوجهة التونسية بعد مقاطعتها في السنوات الماضية. تطوير المحيطويتضمن المشروع تطوير محيط المطار من خلال توسعة ممره العلوي وربطه بوسط العاصمة وبمطار النفيضة – الحمامات الدولي، وهو المطار الأضخم في تونس من حيث المساحة وحجم المبنى المغطى، وذلك بخطين للسكك الحديدية. كما ستشهد منطقة البحيرة السياحية والترفيهية والتجارية القريبة من المطار، بحسب ما ورد في المشروع، إنجاز خط “مترو البحيرة” الذي يربطها بمنطقة البحر الأزرق بالضاحية الشمالية للعاصمة والذي يمر بمناطق فيها كثافة سكانية ملحوظة. ولقيت هذه المشاريع استحسان الكثيرين ممن تحمسوا لها بشدة ودافعوا عنها، وأيضاً معارضة كثيرين عبروا عن خيبتهم وإحباطهم منها، ولكل طرف من هؤلاء أسبابه. فالمدافعون يرون أن المطار بحاجة إلى رفع طاقة استيعابه وتحسين الخدمات في محيطه ليواكب المتغيرات، فيما يرى المعارضون أن العمر الافتراضي للمطار قد انتهى ولا بد من تشييد مطار جديد للعاصمة أو تحويل حركة المسافرين والرحلات الخاصة به إلى المطار الأكبر حجماً وهو مطار النفيضة – الحمامات الدولي.  المطار الرمزيرى الباحث السياسي التونسي مرسي التلمودي، في حديث لـ”النهار العربي”، أن مشروع توسعة مطار تونس قرطاج الدولي والمشاريع التي ستنجز في علاقة به وفي محيطه القريب سيكون لها تأثير إيجابي ودور كبير في دفع عجلة الاقتصاد والتنمية، باعتبار أنه سيمكّن من رفع طاقة استيعاب المطار وسيمكن من توفير فرص شغل جديدة تحتاجها تونس في هذا الوقت، كما أن “المطار في شكله الحالي لم يعد لائقاً بدولة مثل تونس تتوسط قارتي أفريقيا وأوروبا وتفصل مع إيطاليا بين حوضي المتوسط الشرقي والعربي، وتشرف على معبر مائي شديد الأهمية هو مضيق صقلية الذي يعتبر مفتاح السيطرة على البحر الأبيض المتوسط”. ويضيف: “كما أن تونس التي تضم تسعة مطارات مدنية موزعة تقريباً على معظم جهات البلاد، يزورها سنوياً، من دون احتساب السنوات العجاف التي تسببت بها عمليات إرهابية وجائحة كورونا، قرابة التسعة ملايين سائح، وثمة نية لرفع هذا العدد، وبالتالي فهي بحاجة إلى تأهيل مطاراتها وفي طليعتها المطار الرمز الذي يحمل اسم الحضارة الرمز الذي يقع غير بعيد عن مدينتها الأثرية القديمة. ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن نغير قطب الملاحة الجوية من قرطاج والعاصمة إلى مدن أخرى حتى وإن كانت أوتيكا أو الحمامات، مثلما يدعو إلى ذلك البعض ممن يرغبون في استغلال مكان مطار قرطاج لإقامة مشاريع سكنية وتجارية بذريعة أن المطار بات محاطاً بالأحياء السكنية، رغم أنه ليس الوحيد في العالم الذي انتشرت المباني السكنية والتجارية من حوله وابتلعه التوسع العمراني للعاصمة”. 

خارج مناطق العمرانفي المقابل، يلفت المهندس التونسي المتخصص في الهندسة المدنية وتخطيط المدن إسماعيل السويسي، في حديث لـ”النهار العربي”، إلى أن مطارات العالم الكبرى تقع خارج المدن وتبعد عنها بمسافات بعيدة، وذلك تخفيفاً من الاكتظاظ وتسهيلاً لحركة التنقل داخل المدن، كما أن وقوع هذه المطارات خارج مناطق العمران هو حماية لسكان المدن من حوادث الطائرات التي قد تنشأ عند الإقلاع أو الهبوط وحماية لهم من ضجيج حركة الملاحة الجوية. وبالتالي فإن مطار تونس قرطاج الدولي، الذي تحيط به المباني من كل جانب، والذي يقع غير بعيد عن وسط العاصمة، قد انتهى عمره الافتراضي ووجب استغلال مكانه كمتنفس لسكان العاصمة التي يعيش فيها وحدها قرابة ربع سكان البلد وفيها ازدحام مروري لافت. ويقول: “عوض إنفاق الأموال على توسعة مطار قرطاج، وجب إخراجه عن الخدمة وبناء مطار جديد خارج مناطق العمران في منطقة أوتيكا، حيث الأراضي الشاسعة أو في غيرها على غرار منطقة برج العامري التي تم الحديث عنها أيضاً في وقت سابق. كما أن هناك فرضية أخرى تتمثل في تحويل كل حركة المسافرين والرحلات الجوية من مطار قرطاج إلى مطار النفيضة الحمامات، وهو مطار ضخم وعصري تشغله شركة تركية لم تحسن استغلاله خلال السنوات الماضية، ويمكن إيجاد صيغة لإنهاء الاتفاق الحاصل معها لترك المطار الذي أنجز منذ البداية ليكون المطار الأول، لكن الثورة والظروف التي عاشتها البلاد بعد ذلك حالت دون استغلاله الاستغلال الأمثل”.