مشهدان يغطيان رؤوسنا ويعريان البقية الباقية

1

حنان شومان
 
مشهدان متكاملا العبثية يجب أن نتوقف أمامهما طويلاً أو قصيراً ولكنهما يستحقان التوقف بجدارة، أما المشهد الأول فهو كالتالى: فنان وكاتب شاب كتب سيناريو فيلم بعنوان الشيخ جاكسون والتزم بقانون الدولة فعرضه على الجهة المنوط بها التصريح له بالتصوير وهى الرقابة على المصنفات الفنية التابعة لوزارة الثقافة، فحصل على تصريح بالموافقة على التصوير، ثم صور الفيلم وعاد ليطلب كما ينص القانون موافقة الرقابة على المصنفات فوافقت الرقابة ومنحته حق العرض وبالفعل عُرضَ الفيلم، وأعجب البعض ولم يُعجب آخرين كأى فيلم يتم عرضه واستمر فى صالات العرض لفترة، ثم جاء محامٍ ما فى لحظة فراغ أو شبق لشهرة أو عبث قرر أن يقدم بلاغا فى صناع الفيلم بتهمة ازدراء الدين الإسلامى، لأن هناك مشهدا فى الفيلم لبطله الذى يعانى من خيالات مرضية (خلى بالك من كلمة خيالات مرضية) فيتصور مشهد رقص أثناء الصلاة فى الجامع والمشهد لرقص مجموعة من الرجال ليس بينهم الست تحية كاريوكا، رحمها الله، أو دينا لا سمح الله!!!
ولأننا فى دولة تسمح لكل عابر سبيل بتوجيه اتهام، فتحقق النيابة فى الأمر ولا تصدر بياناً أو حكماً يقول إن صناع الفيلم اتبعوا القانون، وإن الرقابة وهى الجهة المخول لها بالعرض أو المنع قد فعلت، ولكن بدلاً من ذلك تحيل الرقيب ذاته للتحقيق، وتزيح الأمر عن كاهلها فى الحكم وتطلب رأى الأزهر، وكأن صاحب الفيلم أصدر فتوى خاطئة أو سن دينا جديدا يهاجم به الإسلام، مما يستدعى دعوة الشيوخ للاجتماع وإصدار حكم.
مشهد فى فيلم يحكى عن خيال رجل مريض يستدعى طلب مشورة أعلى جهة فى مصر تهتم بشؤون الدين، أى عبث ذاك الذى نعيشه؟
فنانة تتسم بالتلقائية والاهتمام بتفاصيل الحياة اليومية ككل مواطن فى مصر، يستضيفونها فى أحد البرامج ومن بين ما تقول تتحدث كمصرية عن بعض ما تراه من سلبيات، فتهاجم أصوات كثيرين ممن يؤذنون فى الزوايا والمساجد وأغلبها بالفعل أصوات منكرة تؤذينا جميعا فى كل الأوقات، وتتساءل عن قرار الأذان الموحد الذى طال الحديث عنه وتتمنى أن يتم تنفيذه وتصف الأصوات القبيحة بالجعير، وهو وصف دقيق رقيق، فى مقابل وصف صريح فى القرآن لأصحاب الأصوات العالية المنفرة بأنهم كأصوات الحمير، وهو أنكر الأصوات، فإذا بمن ينتفضون ويطالبون بمحاكمة الفنانة المصرية بتهمة ازدراء الدين، وتقام فقرات فى البرامج التليفزيونية للحديث عن فعلة الفنانة الشنعاء ويُطلب رأى رجال الدين فى أمر ليس من الدين أو ربما له علاقة بالدين من حيث أن الرسول عليه الصلاة والسلام حين قرر أن يؤَذن للصلاة منح هذا الشرف لمن كان عبدا أسود فى مجتمع طبقى، ولم يمنحه لأبو بكر أو على أول من أسلما، وذلك لأن هذا العبد المُعتق كان الأجمل والأعذب صوتاً من بين كل كبار الصحابة، إذا فالأذان منذ نشأته مرتبط بجمال الصوت، أما وأن صوت أغلب المؤذنين ليس فقط قبيحا ولكن يتسم بالخطأ فى النطق فكلام الفنانة يجب أن يندرج تحت احترام الدين وليس ازدرائه.. أى عبث ذاك الذى نحيا فيه حين تدافع مصرية تعمل فى أى مهنة عن حق أصيل لإنسان فيتحول الأمر لتهمة بالكفر وخوض فى عرضها لأنها قالت فى العلن ما نقوله جميعاً فى كل الأوقات!!!!
عمرو سلامة وشيرين رضا مجرد مثلين لمجتمع يغطى رأسه ويعرى البقية الباقية.

التعليقات معطلة.