منوعات

مغالطات شائعة عن الصحة النفسيّة

 
 
الأرجح أن أحد المعطيات المتناقضة للحظة الحاضرة هي شدّة انتشار المعلومات بأنواعها بفضل الشبكات الرقمية، وكذلك شدة انتشار المعلومات الخاطئة بأشكالها بتأثير تلك الشبكات عينها! ينطبق ذلك على السياسة والنقاش المستعر في الأخبار الكاذبة التي تنشرها الـ «سوشال ميديا»، لكنه يصح أيضاً في مجالات علمية شتّى من بينها علوم النفس وأمراضها.
 
 
وإذا سمعت دردشة عن أشياء ومعطيات وظواهر لها علاقة بعلم النفس، ربما لن يدهشك أن تعرف أنها مملؤة غالباً بالمغالطات! وينطبق الوصف نفسه على برامج التلفزيون وأفلام السينما وغيرها. بقول آخر، الثقافة الشائعة عن علم النفس تنتشر فيها أخطاء وأوهام كثيرة. وأخيراً، أثار ذلك الأمر اهتمام موقعين مختصين بالمعطيات النفسيّة هما موقع «مايندفول ميديتايشن. أورغ» (مختص بنوع خاص من التأمّل النفسي) وموقع «سيكولوجي توداي. كوم» (المختص بالثقافة النفسيّة).
 
هناك نصيحة: إذا سمعت عن أشياء جرّبها عشرات الأشخاص، عليك الحذر قبل تصديقها. بقول آخر، اعتمد على البحوث الموثوقة وليس الأحاديث عن تجارب وخبرات من هنا وهناك.
 
ويبرز من بين تلك المغالطات ما يلي:
 
1- «وضعيّة قوّة». ضمن الأحاديث عن لغة الجسد، يأتي من يتحدث عن أوضاع توحي بالقوة، مثل وضع الرجلين على المكتب أو الوقوف على رجلين متباعدتين مع وضع اليدين على الخصر. بيّنت بحوث حديثة لـ «الرابطة لأجل العلوم النفسيّة» عدم صحة ذلك.
 
2- الابتسام يعطيك السعادة. راج ذلك الشعار منذ ثمانينات القرن العشرين، لكن بحوثاً عدّة وثقتها «الرابطة الأميركية للسيكولوجيا»، نفت صحة تلك العبارة الرائجة.
 
3- قنن قوّتك النفسيّة. وصفت «الجمعية البريطانية لعلم النفس» ذلك المفهوم بأنه «إحدى النظريات الأشد تأثيراً في الأزمنة المعاصرة». ويقصد بالتقنين أنك إذا استخدمت قوّتك النفسية في موقف ما، فسوف تنقص من «مخزونك» النفسي، فلا تجد قوة نفسيّة كافية لمواجهة الموقف الذي يليه مباشرة. ووفق دراسة نشرتها «مجلة علم النفس التجريبي»، راجع خبراء 116 دراسة عن ذلك الأمر، ولم يجدوا سنداً له فيها!
 
4- ارتد ثوباً أحمر لتلفت نظر الشريك الجنسي. هناك فكرة شديدة الشيوع تقول إن الرجال يرون أن الأنثى المرتدية ثوباً أحمر هي أكثر إثارة وجاذبية جنسيّاً. ومنذ 2016، راجعت مجلة «الطب النفسي التطوري» بحوثاً عدة، فوجدت أن تلك الفكرة لا ترتكز الى أساس علمي، بل هي نموذج عن وهم شائع!
 
5- تأثير التفكير الإيجابي. يحذّر الاختصاصي في الطب النفسي الدكتور طوني برنهارد، وهو مؤلف كتب عن البعد النفسي في الأمراض الجسدية، من الافراط في استعمال ذلك الاستناج. واستناداً إلى بحوث متنوعة (وكذلك خبرته الطويلة مع المرضى)، يرى أن الإكثار من استعمال ذلك القول ينقلب إلى ضدّه تماماً! ويضرب مثلاً عمليّاً على ذلك: إذا أكثرنا من القول لمريض يعاني آلاماً مزمنة بأن التفكير الإيجابي يُحسّن حالته، فكأننا نحمله هو مسؤولية عدم تحسّن حاله واستمرار آلامه! ويقترح التعاطف مع المريض وحضه على الاستمرار في مكافحة آلامه المزمنة، مع تقبل الأوضاع المتقلبة صعوداً ونزولاً، التي ربما يعانيها.
 
تذكّر أيضاً أن الأشياء الخمسة السابقة لا تغطي المغالطات الشائعة بشأن الصحة النفسية، بل تقدم مجرد أمثلة بسيطة عنها!