بقلم : ذعار الرشيدي
عندما تم تشخيصي بمرضي للمرة الأولى كان من بين من زارني ابن خالتي العزيز جدا حمود نافع الرشيدي، وكان قد أُبلغ قبل حضوره إليّ بحالتي والتشخيص من قبل إخواني. عندما دخل كانت الابتسامة تملأ محياه، هادئا رصينا متزنا ثم قال: «قالوا لي شنو فيك… ما عليك باجر تصير سوالف»، كان يتحدث بتفاؤلية مفرطة رغم اعتقادي أنه أُبلغ بأنني بالمرحلة الرابعة. لكن وكما بدا لي يومها لم يكن يهتم كثيرا لتشخيص حالتي، قدر إيمانه وثقته بالله سبحانه وتعالى وأنه سينجيني مما أنا فيه ويخففه عني. يومها لم أكن أعلم من أين جاء بكل كمية التفاؤل تلك، يكفي ان ابتسامته وحديثه المشع بالتفاؤل خفف عني وأراحني بل لا أبالغ إن قلت انه صنع يومي.
***
عتيق حييان، الذي تعود صداقتي معه إلى أكثر من 35 عاما عندما كان يزورني لا يتحدث لي عن مرضي ولا عما سيحصل ولا متى ستنتهي الجرعات، ومع بداية دخوله يبدأ حوارا عاديا جدا بين صديقين تجمعهما عشرات الذكريات، يحدثني عن اي شيء إلا مرضي، يسألني عن سيارتي ربما ولا يسألني عن مرضي إلا في بداية الحديث ليطمئن ثم يغلق الباب ليفتح أبوابا من الأحاديث الممتعة ويبدأ بنبش الذكريات القديمة، كان بطريقته تلك سواء قصدها أم لم يقصدها يخفف عني كثيرا.
***
شقيقي فهد، اعتبره ملكا من ملوك التفاؤل من خلال ما مررت به من محنة، طريقته جدا سهلة في زرع التفاؤل، وهو أنه كان يجلب لي الأشياء التي تسعدني أيا كانت كتب مجلات او هواتف أو أقمشة، لا يهمه إن كنت قرأتها أو ارتديتها أم لا، المهم أن يحضرها لي، طريقته كانت مبعث سعادة عظيمة بالنسبة لي، قدرت قيمتها حينها والآن أنا أعلم حجم أثرها علي وعلى نفسيتي.
***
الرابع، وليس الآخر وليس الأخير، الصديق نايف معيبر يزورني بتقطع بسبب أعراض الكيماوي ونقص المناعة، ولكنه في كل زيارة كان يأتي بحكاية مختلفة، كل حكاية تزرع الأمل بداخلي، يحدثني عن أشياء أحبها، تعود صداقتي به لنحو 40 عاما، ما اكتشفته أن الأصدقاء القدامى هم سر من أسرار السعادة بل سر من أسرار الحياة.
***
توضيح الواضح: الأربعة الذين ذكرتهم هم فقط من خطر في بالي، بقية اخوتي وأصدقائي وجيراني وزملائي ما قصروا أعجز عن شكرهم فردا فردا ولكنهم يعرفون قدرهم ومكانتهم جيدا.
***
توضيح الأوضح: غداء شقيقتيّ مريم وسارة واللتين كانتا ترسلانه لي في المستشفى رغم الحظر والمنع والحجر أعتقد يقينا انه جزء من علاجي، بارك الله لهما ولا حرمني من أيّ منهما.
***
للحديث بقايا.