اقتصادي

منظّمة التجارة قلقة من عودة ترامب: ستكون كارثة

دونالد ترامب خلال حملتع الانتخابية في كارولاينا الشمالية (ا ف ب)

يخيّم ظلّ ولاية رئاسية ثانية محتملة لدونالد ترامب على المؤتمر الوزاري لمنظمة التجارة العالمية هذا الأسبوع في أبوظبي، والذي يُنظر إليه على أنه الفرصة الأخيرة لدفع عملية الإصلاح في المنظمة التي نسفها الرئيس الأميركي السابق.

وترددت أصداء الانتخابات الأميركية في المؤتمر الوزاري الثالث عشر لمنظمة التجارة العالمية الذي ينعقد بآمال محدودة بتحقيق نتائج كبرى، في ظل مناخ جيوسياسي صعب وتوترات اقتصادية وتجارية بين الصين والولايات المتحدة.

ويقول مصدر ديبلوماسي إنّ “الناس بالطبع قلقون للغاية حيال فكرة فوز ترامب وما سيفعله. هل سيسحب الولايات المتحدة من منظمة التجارة العالمية؟”، لافتاً في الوقت نفسه إلى أن دولاً كبرى أخرى، مثل الهند والاتحاد الأوروبي والبرازيل، ستشهد انتخابات أيضاً خلال هذا العام.

ويبدو هذا الاجتماع الوزاري بالنسبة لكثيرين، بمثابة الأمل الأخير لإحراز تقدم في مواضيع مختلفة، لا سيما في ما يتعلق بإصلاح المنظمة، قبل العودة المحتملة لترامب الذي شنّ خلال ولايته الأولى حرباً تجارية على الصين، وعرقل قدرة المنظمة على حل النزاعات التجارية مهدداً بالانسحاب منها.

وبسبب إدارة ترامب أيضاً، بقيت المنظمة شهوراً عدة من دون ربّان بعد رحيل مديرها العام السابق البرازيلي روبرتو أزيفيدو في العام 2020.

إنقاذ ما أمكن إنقاذه”

استخدمت واشنطن حق النقض (فيتو) الذي يتمتّع به كل أعضاء منظمة التجارة العالمية – بحكم قاعدة الإجماع – لمنع ترشيح النيجيرية نغوزي أوكونجو-إيوالا، مفضلة المرشحة الكورية الجنوبية يو ميونغ-هي. وقد أتاح وصول جو بايدن إلى البيت الأبيض كسر الجمود.

وعليه، فإنّ عودة ترامب ستكون “كارثة” لمنظمة التجارة العالمية التي لن يكون عليها سوى “إنقاذ ما أمكن إنقاذه”، وفق ما يؤكد أحد المندوبين المسؤولين عن قضايا التجارة.

ولكن ما الذي تستطيع منظمة التجارة العالمية أن تفعله لحماية نفسها؟ “ليس هناك الكثير، كي لا نقول لا شيء”، بحسب سيدريك دوبون من المعهد العالي للدراسات الدولية والتنمية في جنيف.

ويضيف دوبون أن “الأميركيين مهووسون بالمنافسة الصينية التي يعتبرونها غير عادلة إلى حد كبير، وبما أن قواعد منظمة التجارة العالمية لا تغيّر شيئاً، فقد قرروا العمل ضد تلك القواعد (…) سوف تجد منظمة التجارة العالمية نفسها هشة للغاية بين المطرقة والسندان. وبطبيعة الحال، سيعاني الجميع، بما في ذلك الأميركيين”.

ورداً على سؤال حيال عودة محتملة لترامب، أشارت أوكونجو-إيوالا مؤخراً إلى “أننا سنواصل تقوية أنفسنا… وسنحاول إظهار سبب أهمية البقاء في إطار منظمة التجارة العالمية”.

أما بالنسبة لتأثير الانتخابات الأميركية على المفاوضات، فإن ذلك “يحد من احتمالات المشاركة البناءة الحقيقية من جانب الولايات المتحدة، لأنه موضوع حساس سياسياً، وقد يصبح الالتزام بشأنه خطراً على عاتق الطرف الذي سيقبله”، بحسب ما يقول سيباستيان جان، المدير المساعد في المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية.

رأس المال السياسي

لكن مندوباً مسؤولاً عن المصادر التجارية يقول: “نأمل أن تتخذ إدارة بايدن الخطوات اللازمة حتى لا يكون الاجتماع الوزاري فاشلاً”.

غير أن أحداً لا يتوقع أن يقدم الوفد الأميركي، بقيادة الممثلة التجارية كاثرين تاي، تنازلات كبيرة، ذلك أن هناك اعتقاد بأن إدارة بايدن ليس لديها أي نية لإنفاق رأسمالها السياسي في منظمة التجارة العالمية.

ورغم ذلك، تؤكد أصوات عدة، بما في ذلك رئيسة منظمة التجارة، التزام الولايات المتحدة داخل المنظمة.

وبحسب مسؤول الإعلام السابق في المنظمة بيتر أوتغفاكورن “على المستوى الفني، كانت الولايات المتحدة نشطة للغاية داخل منظمة التجارة العالمية”.

لكن هامش إدارة بايدن ضيّق، خصوصاً وأن الانسداد في بعض القضايا لا يأتي من الولايات المتحدة، بل من الهند أو جنوب أفريقيا أو الصين على وجه الخصوص.

وتؤكد إلفير فابري، الخبيرة في معهد جاك ديلور، أنّ “القضية الرئيسية التي يمكن لإدارة بايدن أن ترسل حيالها إشارة لتوحيد منظمة التجارة العالمية ستكون إصلاح هيئة الاستئناف”.

لكنها تشير إلى أنه “في هذه المرحلة، ينبغي أن يظل إحجام الإدارات الديموقراطية المتعاقبة (منذ باراك أوباما) هو السائد بدون السماح بحلحلة الأمور هذا الأسبوع” في أبوظبي.