ابتسام آل سـعـد
الذي ينظر لخريطة الوطن العربي اليوم يقسمها لعدة أقسام ودول على غير ما تشهده الخريطة أساسا من تقسيمات جغرافية وضعها الاستعمار أولا وقبل أن نخوض نحن العرب في تعميق هذه التقسيمات بيننا فالشاهد لمنطقة الخليج العربي ينظر لكتلة دول تقوم على الإعمار وبناء نفسها وشعوبها وكل دولة من دول الخليج تختار الخطة التي من شأنها أن ترتفع بأسهم دولتها عاليا التي تحاول إثبات نفسها في صفوف الدول المتقدمة والحديثة وهذا يعود لعقلية الحكومات التي تحكم منطقة الخليج في رغباتها بأن تتقدم أكثر فاكثر في مشاريع نهضوية تضاعف بها سمعة دولها في العالم كدول نفطية غنية وعلى ضفاف هذا الخليج الغني المتقدم منطقة ما يقال لها بلاد الشام وهي المنطقة الأقل حظا من مثيلاتها من دول الخليج في التمتع بخزائن نفطية هائلة ولذا فهي ترى بأن استمتاعها بمناطق أثرية وأماكن سياحية كبرى يمكن أن يمثل لها ممرا مفتوحا لأن تجد نفسها في هذا المجال دون الدخول في مشاريع ضخمة لا تستطيع تحمل كلفتها وبالتالي فهي على الرغم من معرفتها لإمكانياتها فإن عدم الاستقرار السياسي في بعضها مثل فلسطين وسوريا ولبنان بغض النظر عما تحمله فلسطين من جانب متفرد في عدم الاستقرار هذا لكونها خاضعة لاحتلال إسرائيلي يفرض عليها أمورا لا تجد من شبيهاتها من دول الشام نفسها مفروضة عليها ولكن عدم الاستقرار السياسي أثر تأثيرا كبيرا من أن تتقدم هذه الدول إلى ما ترغب به الشعوب وتحلم به أن تكون فالناظر إلى سوريا مثلا يجدها توقفت عند اللحظة التي خرج فيها الشعب مطالبا بإسقاط نظام بشار الأسد الذي للأسف لم يسقط لكنه أسهم مساهمة بالغة في إسقاط مفهوم الدولة الديمقراطية في بلاده التي تقوم اليوم على عاصمة خاضعة بالكامل لحكمه بينما باقي المحافظات والمدن هي لقمة سائغة لعصابات الشوارع وتمزقها حروب أهلية ومناوشات بين سوريين من ذات المحافظة لذا توقفت عجلة سوريا عند هذا الخط وتراجعت للوراء آلاف الخطوات لأنها بلا حكم قوي ولا استقلال ظاهر يؤكد أن فيها من يبني لا يهدم أما لبنان الذي يعيش هذه الأيام انتخابات برلمانية ليست الأولى ولن تكون الأخيرة فقد مزقه الفساد من الحاكم وحتى أصغر رجل بالحكومة والجميع فيه يريد أن يأكل ولكن كيف ومن أين فهذا لا يهم للأسف لذا لا يمكن مباركة أي انتخابات في لبنان إلا إذا توقفت الأنانية في الأكل فرادى وليس على شكل جماعات تمثل الشعب الذي وقف ببلاده عند قضايا داخلية لا يمكن بعده أن يكون لبنان مؤثرا في أي قضايا خارجية للأسف وعليه فهذه البقعة تمثل السير للوراء في عجلة النماء التي نريدها لوطننا العربي الكبير.
أما الذي يقفز للشق الإفريقي من وطننا العربي الممتد على قارتين فتجد أن جميع هذه الدول توقفت عند النقطة التي رأت كل حكومة أنها يجب أن تقف ببلادها عندها فمصر على سبيل المثال لا الحصر اُشبعت حاليا بالتناقش حول أسعار موادها الغذائية وثمن الرغيف والزيت والخضار والفاكهة وعبوة الغاز وتلتف كل مرة حول هذه القضايا التي يسيطر عليها قيمة الجنيه وصعوده أو هبوطه لذا توقفت القاهرة عند هذا الخط من القضايا الداخلية التي لربما على صغرها فإن وقوف ما يزيد عن مائة مليون مواطن مصري عندها تمثل فارقا فيما يجب أن تتجاوزه مصر للنهوض بنفسها ودورها كبلد عربي له ثقله السياسي ومثلها السودان الذي سقط أيضا في حفرة أوجاعه السياسية التي جعلته حتى هذه اللحظة غير قادر على تجاوزها بنجاح ودول المغرب العربي التي خضع منها لثورات الربيع العربي فلا عاد الربيع ولا جاء الصيف ولا هطل المطر ولا لبس الشعب معاطفه ولا فتح مظلاته ولا سار خطوة ولا تأخر خطوات !.
هذا الوطن العربي من الخليج للمحيط… وكفى !.