حسن فليح / محلل سياسي
منذُ سقوط الشاه وقدوم الخميني من باريس بمرافقة المقاتلات الحربية لحماية الطائرة التي تقله الىٰ طهران وبتلك الطريقة الهوليودية المثيره للجدل والاستغراب ، يستدعي منا ان نتسائل من هو الخميني حتى تضحي لأجله أمريكا باكبر وأهم حليف لها في المنطقة حين ذاك ؟ ومن تلك اللحظة التي استلم فيها نظام خميني الحكم في ايران توجه بعدائهِ للعرب ، واصبح نظاماً يثير القلق والفتن والريبة من جراء سلوكه الذي يتسم بالتدخل وخلق التوترات ، تارةً بالطائفية وتارةً بالعامل القومي وتارةً بمفهوم تصدير الثورة ، وقام ببناء الفصائل المسلحة وتدريبها وتسليحها الموالية له وبأكثر من بلد عربي ، لزعزعة الامن والاستقرار ، ولم يبني اي علاقة مع اي بلد عربي اساسها التفاعل الايجابي ، حتىٰٖ البلدان العربية التي أستطاع ان يجد له فيها نفوذاً ليس بعيداً عن تلك العوامل المشينة التي أشرنا اليها ، هناك ظروف دولية خدمت النظام الايراني علىٰ حساب العرب ، منها توجهات دوليةبقيادة امريكية ومنها شؤون داخلية للعرب انفسهم ، وحقيقة الامر ان العرب لا صديق دولي لهم ولم يستطيعوا بناء صداقة متينة مع طرفاً دولياً يقف معهم الىٰ مالانهاية ويتفهم قلقهم ويقف معهم في قضاياهم ، وليس هناك ثقة دولية مطلقة بهم ودائما ماتكون تلك الثقة منقوصة بسبب الاداء السياسي السيء لادارة العلاقات والمصالح وبسب الدور الاسرائيلي المؤثر دولياً ومن خلفها الولايات المتحدة ، في حين لم يكن هناك دور عربي مؤثر بالمحيط الدولي موازياً للدور الاسرائيلي ، هذا الفشل احدث فراغاً متاحاً وجد النظام الايراني فرصته ومساحته الحيوية بالفعل والتاثير علىٰ العرب مضافاً لذلك تشضي العرب وغياب الموقف الموحد وغياب الرؤية الاستراتيجية في عملية بناء الامن القومي العربي ، ولم يستطيع العرب مجتمعين او منفردين من بلوغ العلاقة فيما بينهم ومع المجتمع الدولي والاقليمي علىٰ اساس المشتركات وماتقتضيه المصالح الدولية بشكل قوي لكي تترك اثراً في طبيعة الصراع الدولي وتعزز الامن المطلوب عربياً ، لكل تلك الاسباب تحتاج امريكا لسياسة التخادم مع النظام الايراني علىٰ حساب العرب ، وليس التخادم مع العرب ضد ايران ذلك من شأنه ان يخل بميزان القوىٰ لصالح العرب وعلىٰ حساب امن وهيمنة اسرائيل ، ابقاء العرب بين فكي الخطر الايراني والخطر ألاسرائيلي افضل لأمريكا واسرائيل معاً ، وبتلك الحالة يكونون العرب اكثر استجابة للشروط والرغبات والمصالح الامريكية والغربية والاسرائيلية شائو ام أبو ، تلك هي مشكلة العرب مع النظام في طهران ومشكلتهم مع اسياد اللعبة والمتحكمين بها في المنطقة ومن هنا يستمد نظام ايران قوته وديمومة بقائة ، ناهيك عن حاجة اللعبة السياسية الدولية اليه كنظام مصمم بالضد من العرب ومستهلك لهم سياسياً وعسكرياً واقتصادياً ومهدداً لأمنهم واستقراهم وبتأثير امريكي اسرائيلي غير واضح للعيان ويمضي بشكل خفي وتخادمي ، علماً أن النظام الايراني لم يكن يوماً وخلال اكثر من اربع عقود مضت وقف بالضد او تعرض لأسرائيل ، وعلىٰ العكس تماما يحتفظ بافضل العلاقات معهم ويهود ايران هم من كبار رجال التجارة والاعمال داخل ايران ومؤثرين في ادارة زخم الاقتصاد الايراني ، وذلك واحد من الاسباب المهمة التي جعلت العلاقة مع اسرائيل لم تتعرض للتصدع او القطيعة ، اما موضوع معادات اسرائيل لمشروع ايران النووي ذلك يعود كون نظام طهران الان اصبح مرفوض داخليا ومن محيطه الاقليمي ومهدد بالزوال والخشية من امتلاك ايران للسلاح النووي ان يقع بيد النظام القادم الذي يخلف نظام الملالي وعندها يصبح الامر في غاية الخطر عليها ، الان اسرائيل تكاد تكون ضامنة لعدم استخدام السلاح النووي ضدها في ضل النظام الحالي ، ولكنها غير ضامنة لتوجهات النظام الذي يليه ، وليست ضامنه للمتغير الدولي وانعكاساتة علىٰ المنطقة وبضمنها ايران ، وهكذا يأتي القلق الاسرائيلي وتسعىٰ ان لاتكون ايران دولة نووية ، كل المؤشرات الان في جنيف تشير الىٰ تقدم وتقارب لبلورة اتفاق بشأن مشروع ايران النووي لطمأنة اسرائيل ويشكل مزيدا من التدخل والضغوط علىٰ العرب ، ويجنب ايران ألخيار العسكري ضدها ، كون الضربة العسكرية لها تتسبب بخلل مركزي بالمعادلة الاقليمية لصالح العرب ، وهذا امر غير مرحب به أطلاقاً امريكياً واسرائيلياً ، تلك الممانعات هي التي تتحكم بالمشهد السياسي العام بالمنطقة ، والنظام الايراني يعرف ذلك جيداً ، والتي من خلالها وجد مساحتة وحريتهِ وسر بقائهِ دون رادع ودون خطر جدي عليه .