من جرّد الهلال من زعامته؟

1

رحيل سعود والفرج وإصابة ميتروفيتش وتخبطات خيسوس أثقلت كاهل الأزرق

خلال أقل من عام، انتقل الهلال من مرحلة إغناء خزائنه بمزيد من البطولات والإنجازات، إلى مرحلة البحث عن الذات والنهوض مرة أخرى، في مشهد صدم المنافسين قبل أنصار النادي، وأثار كثيراً من التساؤلات حول لغز «تجريد الأزرق من زعامته التاريخية محلياً وقارياً».

في الموسم الماضي لم يكن الهلال يُسجل انتصارات اعتيادية أو نجاحات عابرة، بل كان يقدم موسماً استثنائياً، لكن الانحدار المفاجئ في مستواه لم يكن متوقعاً أن يصل إلى هذه المرحلة من السوء.

حقق فريق الهلال بطولة الدوري السعودي للمحترفين دون أي خسارة، وتوج بلقب كأس الملك، ولقب السوبر السعودي، وودع بطولة دوري أبطال آسيا من الدور نصف النهائي على يد العين الإماراتي، في موسم كان النجاح عنوانه الأبرز.

وبعد الخسارة من الأهلي ظهر فهد بن نافل رئيس النادي بملامح حزينة ومحبطة، وقال إن ما حدث لم يكن مرضياً له، ولمّح إلى الرحيل بعبارة أشار خلالها إلى أن بدايته كانت بتحقيق بطولة آسيا، وأن نهاية مشواره قد تكون معها، لكنه شدّد على عدم ترك الفريق، وأنه سيتواصل مع العضو الداعم الأمير الوليد بن طلال لإيجاد الحلول.

وبالنظر إلى قائمة الفريق سندرك أن الهلال خسر كثيراً من التفاصيل، رغم أن الصورة الظاهرة تشي باستقرار إداري وفني وحتى على صعيد اللاعبين المحترفين الأجانب.

لقد كان الهلال يتميز بوجود ترسانة مميزة من الأسماء المحلية التي كان يُبنى عليها المنظومة، لكن هذا الأمر افتقده بصورة حقيقة هذا الموسم، فقد خرج سلمان الفرج قائد الفريق، وأنهى مسيرته الطويلة مع الأزرق برحيله صوب نيوم، ولحق به محمد البريك صاحب المنجزات الكبرى مع النادي، وودّع صالح الشهري البيت الهلالي، وخرج سعود عبد الحميد للاحتراف في روما الإيطالي ليفتقد الهلال أبرز موهبة ظهرت في الملاعب السعودية خلال السنوات الأخيرة.

كما غادر الفريق عبد الله رديف المهاجم الشاب، وكذلك جدّد مصعب الجوير إعارته للشباب، وانتقل عبد الإله المالكي للاتفاق بنظام الإعارة، واكتفى الأزرق العاصمي بتدعيم الفريق بالتعاقد مع متعب الحربي وخالد الغنام بنظام الإعارة.

قد تكون مشاركة كثير من الأسماء محدودة، لكن امتلاك خيارات على مقاعد البدلاء أمر كان يمتاز به الهلال كثيراً، لكنه خسره بصورة كبيرة هذا الموسم.

وطاردت لعنة الإصابات النجم البرازيلي نيمار، ولم يستفد الهلال منه كثيراً، والشيء السيئ في هذا الجانب، عدم جدية اللاعب في برنامجه العلاجي والتأهيلي، الأمر الذي فاقم السوء وزادت مدة غياب اللاعب حتى بات مصدر قلق للفريق والمدرب خيسوس.

 

خيسوس اتخذ قرارات مصيرية أحدثت خللا كبيرا في أداء الهلال (أ.ف.ب)
خيسوس اتخذ قرارات مصيرية أحدثت خللا كبيرا في أداء الهلال (أ.ف.ب)

 

وبعد عودة نيمار كان خارج قائمة المنافسات المحلية، وشارك في أبطال آسيا ثم عاودته إصابة مختلفة، غاب معها وتضاءلت حظوظه بالعودة للقائمة في يناير (كانون الثاني) الماضي، لكن اللاعب رحل عن الفريق ولم يكمل عقده قبل أشهر من النهاية.

ولم يتعلم الهلال من الدرس جيداً، إذ يتضح الخلل في حال غياب المهاجم الصربي ميتروفيتش عن صفوف الفريق بداعي الإصابة، وهو الأمر الذي عانى منه الهلال بوداعه للبطولة القارية في نسختها الماضية، حينما غاب الهداف الصربي عن مباراتي نصف النهائي أمام العين الإماراتي.

وهذا الموسم أتم الهلال تعاقده مع البرازيلي ماركوس ليوناردو بصفته لاعباً شاباً يراهن على قدرته، لكن المدرب لم يكن يرى فيه ذلك اللاعب القادر على سد الفراغ الذي يتركه ميتروفيتش.

وغاب مجدداً ميتروفيتش، بداعي الإصابة، وودع الهلال بطولة كأس الملك بعد خسارته أمام الاتحاد في الدور نصف النهائي، وهي المواجهة التي شهدت إصابة ميتروفيتش في دقائقها الأولى، وبعدها خسر صدارة الترتيب بعد مُضي عدة جولات. وبدوره قدّم ليوناردو أرقام مثالية وأصبح هدافاً للفريق في فترة وجيزة، لكن خيسوس كان له رأي آخر بالاعتماد على ميتروفيتش رغم معاناته من الإصابة وعدم جاهزيته البدنية، وكان عذره الدائم في المؤتمرات الصحافية أنه يُجهز اللاعب للاستحقاق القاري.

وبين ضغط خيسوس واستعجاله لعودة اللاعب كاد غياب ميتروفيتش أن يتفاقم، وبين عدم فاعلية اللاعب الهداف بعد العودة من الإصابة وغياب شراسته الهجومية، خسر الهلال أحد أهم المراكز التي يعول عليها وكانت النتيجة الوداع الآسيوي بعد إخفاق محلي.

كما أن شرارة الأزمة الفنية أشعلها خيسوس، وذلك بالإصرار على مشاركة البليهي مدافعاً بجوار السنغالي كوليبالي رغم المستويات المميزة التي يقدمها المدافع الشاب حسان تمبكتي.

ويعزز الحديث عن تفوق حسان تمبكتي على البليهي، عدة أمور، أولها، خروج الأخير من قائمة المنتخب السعودي بعد تراجع مستوياته وانخفاض أدائه وكثرة الهفوات التي يرتكبها، والثانية عدد المباريات التي يخرج فيها الهلال بشباك نظيفة خلال مشاركة تمبكتي على حساب البليهي.

ولم يعرف الهلال يوماً الوهن الدفاعي كما يحدث له الموسم الحالي، فشباكه في الموسم الحالي استقبلت 34 هدفاً، وهو رقم متقارب مع الفرق المنافسة، لكن على صعيد الهلال يبدو أمراً دخيلاً، فالموسم الماضي استقبلت شباكه فقط 23 هدفاً.

وقد يكون خيسوس مدرب الهلال من المدربين القلائل الذين يفضلون عملية تدوير اللاعبين، حتى في حال انتصاره أو مواجهة خصم يقل عنه، وهو يُفضل الاعتماد على ذات الأسماء، حتى ظهرت الإصابات العضلية وعانى منها نيفيز وميتروفيتش وكانسيلو ولودي، إضافة للاعبين انخفضت مستوياتهم مثل مالكوم وسافيتش وكوليبالي.

حسابياً سيكون الهلال قادراً على المنافسة في آخر جولات الدوري السعودي للمحترفين، لكن الأمر يتطلب انتصارات لا تتوقف، ومعها تعثران للاتحاد متصدر جدول الترتيب، عدا ذلك فإن الهلال سيخرج بموسمه الحالي بلقب السوبر السعودي وحيداً.

أخيراً يبدو أن الثقة اهتزت بين الهلال وخيسوس، لكن هل يسعف الوقت الهلاليين لتدعيم صفوفهم في فترة التسجيل الاستثنائية قبل انطلاق كأس العالم للأندية التي ستقام يونيو (حزيران) المقبل في أميركا؟

وما بين شكوك الجماهير، وضغط الزمن، يدخل الهلال أخطر اختباراته الإدارية والفنية قبل مواجهة ريال مدريد الإسباني في المونديال، فهل يعيد ترتيب صفوفه أم يودع طموحاته الكبيرة ويصبح موسماً للنسيان؟

التعليقات معطلة.