الفرح العارم الذي اجتاح شعب غزة يظهر بالصوت والصورة أن السلام كان هو خيار أهل غزة المنكوبين، بعكس ما ادعى المرجفون والكاذبون، أول الحزينين بقرار «حماس» القبول بمبادرة الرئيس ترامب، هو نتنياهو والأحزاب اليمينية المتطرفة معه، بعد أن حصدوا لعامين خيرات رفض إطلاق الرهائن عليهم، من كسب المساعدات الأميركية السخية، والتدمير الكامل لغزة، وإطلاق أيديهم في القضاء على أعدائهم من دول وأحزاب وقيادات واحتلال أراضي الدول الأخرى…
وثاني الحزينين لحقن دماء الشعب الفلسطيني وحفظ ما تبقى له من بناء هم المتاجرون بالقضية الفلسطينية ومتكسبو العقود والنقود والمحاربون المخادعون من مخادعهم الدافئة البعيدة، فهؤلاء هم من يُستأجرون ويدفع لهم لإعلان تلك المواقف المتشددة الرافضة بالعلن لكل الحلول، مما أعفى إسرائيل وخلال مئة عام من تاريخ القضية من مسؤولية رفض الحلول التي لا تريدها، وجعل اللوم فيها يقع على الجانب الفلسطيني المتضرر الأول من ضياع فرص الحلول الواحدة تلو الأخرى، من دون أن يشير أحد بالأصبع للطرف المتشدد الذي أضاع جميع تلك الفرص، ولا شك أن حلم اليمين الإسرائيلي المتطرف هو أن ترفض «حماس» حل الرئيس ترامب، كي لا تبقى قطرة دم في شريان طفل فلسطيني، ولا حجر على حجر في غزة ولا ذرة رمل من أرض فلسطينية لم تحتل…
آخر محطة:
(1) يجب أن تكون حرب غزة الأخيرة هي آخر الحروب وليست هدنة مؤقتة أو معركة أخرى، ضمن سلسلة معارك سابقة ولاحقة، فعدد الضحايا الفلسطينيين هذه المرة يفوق مجموع ضحايا القضية الفلسطينية من فلسطينيين وعرب خلال مئة عام الأخيرة…
(2) إذا لم يتم تعلم الدرس هذه المرة بعد الأشلاء وشلالات الدماء، وتمت عرقلة مشوار السلام ومشروع الدولتين التي حشدت المملكة العربية السعودية العالم أجمع لتحقيقه في جهد غير مسبوق تاريخياً، والذي ما قامت حرب أكتوبر 2023 إلا لعرقلته، فلن توجد مستقبلاً كلمات تستحق أن تقال لوقف المأساة المقبلة تحت أي الذرائع حتى لو غطيت بملهاة نزع السلاح.. إلخ!