حسن فليح / محلل سياسي
المنطقة الان على شفا حرب اقليمية تكون الاساس في تغيير التوازنات بالشرق الاوسط وربما في العالم ، ومايحصل الان في غزة بمثابة البوابة لتلك الحرب التي اصبحت هدفا دوليا واقليميا لايمكن تجاوزها لتحقيق الاهداف المتوخات من تلك الحرب ؟ جميعنا ندرك ماذا فعلت عملية 9/11 بتفجير البرجين حينها ، ذلك التفجير المفبرك بعناية الذي كان السبب والمبرر باحتلال افغانستان وعاصفة الصحراء لتدمير الجيش العراقي في الكويت ومن ثم الغزو الامريكي لاحتلال العراق واسقاط نظام صدام حسين ، ذلك الحدث المدوي الذي اصاب التوازنات التي كانت قائمة حين ذاك بالمنطقة ، استثمرت الولايات المتحدة فوزها بتلك الحرب واحتلالها لبغداد وشرعت بتدبير الربيع العربي الذي اسقط الانظمة المعروفة واحدا تلو الاخر واطلقت العنان للنفوذ الايراني باجتياح المنطقة بغياب القوة الرادعة التي كانت متمثلة بالعراق !! وعاشت المنطقة بتوازنات ومعادلات جديدة كان العرب ولازالو الخاسرين الوحيدين فيها ، ان عملية طوفان الاقصى كانت بمثابة الزلزال المدمر الذي ايقض العالم المتحالف مع اسرائيل بوجه التحديد وهدد منظومتها الامنية التي وصفها الاعلام الاسرائيلي والغربي بالاسطورية والتي اصبحت عبارة عن منظومة كارتونية هزيلة امام تلك العملية المفاجئة !! التي هزت الكيان الصهيوني برمته وكذلك استهدفت ثقة المواطن الاسرائيلي بامنه واستقراره وساد الشعور بالخطر الحقيقي الذي يهدد سلامة العيش باسرائيل ! وهنا تكمن عقدة الحدث الذي مس صميم استراتيجية اسرائيل القائمة على زرع الثقة بمواطنيها للتواجد على ارض هي ليست ارضهم ! الاسرائيليون اليوم منشغلون بكيفية مواجهة الانيهار النفسي الذي اصابهم واحتواء الامر المعنوي الذي انهارت اركانة تماما لدى المستوطنين ، الامر الذي لم يحدث بهذا الحجم على مدى الصراع العربي الاسرائيلي منذ 75 عاما خلت !!! لذلك نجد استخدام الرد العنيف الى اقصاه على غزة هدفه التغطية على الفشل الذريع لمنظومة الامن امام مواطنيها حيث اصابهم الذعر وعدم الثقة مجددا بما كان يوعدون به من قبل المسؤولين الاسرائيليين !! بات الامر يثير التسائلات التالية هل القضاء على حماس يعيد ثقة المستوطنين بالعيش بسلام ؟ وهل ينعم المواطن الاسرائيلي بالسلام والطمأنينة بوجود حزب الله في لبنان ؟ وهل السلام داخل اسرائيل مرهون بازالة خطر حزب الله وحماس فقط ؟ ام ان الامر ابعد من ذلك بكثير ؟ كل تلك الاسئلة وغيرها باتت تشغل بال اسرائيل وحلفائها ، واصبح الواقع الجديد الذي فرضته عملية طوفان الاقصى على الوضع الامني داخل اسرائيل يتطلب المعالجة بخطوات تتعدى بحدودها غزة وحماس وحزب الله ولابد من تغيير خارطة التوازنات واعادة الحسابات بدقة متناهية ، كانت لعملية 9/11 الاثر البالغ والحجة القوية بتغير المعادلة التي كانت قائمة حين ذاك وغزو العراق كان المفتاح لترسيخ تلك المعادلة الجديدة بان تأخذ طريقها بالمنطقة ، ولكن بعد اثبات فشل تلك المعادلة طيلة العشرين سنه الماضية وماترشح عنها من تداعيات هشاشتها خاصةً بعد الحرب الروسية الاوكرانية وذهاب ايران بتشكيل تحالف محوري “روسيا الصين ايران” ومحاولات التقرب من المنطقة عن طريق طهران كان بمثابة الانذار شديد الوقع على امريكا ومن معها لتدارك الموقف وايجاد السبيل بازالة اثار تداعيات هذا الفشل والعمل بشكل جذري على اجتثاث تداعياته وجعل المنطقة بمنظور جديد يواكب الحد من الشغف الدولي بالاستحواذ والنفوذ على المنطقة وقطع الطريق امامه تماما وعدم جعل المنطقة سهلة وهشة لهذا الطرف الدولي او ذاك ، وبهذا لماذا لاتكون عملية طوفان الاقصى المبرر والركيزة لعملية عاصفة شرق اوسط جديدة التي من شأنها الاطاحة بجميع المبررات التي ساهمت بتشكيل التوازنات القائمة حاليا ؟ وتشكيل معادلات تحل بدلا عنها تضمن ان يكون الشرق الاوسط خاليا من جميع القوى الهجينة واللا دولتية التي نشأت وترعرعت بعوامل طائفية تسيدت الساحة واصبحت بفعل النفوذ الايراني وبدفع منها هي المسيطرة على المشهد المقلق بالمنطقة الذي توجب استهدافة واستهداف من يقف ورائه .