مقالات

{من هو ابو جعفر المنصور ومن انتم}

حسن فليح/ محلل سياسي

كما حدثنا التاريخ عن “أبو جعفر المنصور”، هو الخليفة العباسي الثاني، وهو المؤسس الحقيقي للدولة العباسيةِ وباني بغداد، ويعتبر سادس الأئمة الـ12 لدى الشيعة، مؤسسا للمدرسة الفقهية المعروفة بـ”الجعفرية ،
رغب الخليفة أبو جعفر المنصور في بناء عاصمة جديدة لدولته بعيدة عن المدن التي يكثر فيها الخروج على الخلافة كالكوفة والبصرة، وتتمتع باعتدال المناخ وحسن الموقع، فاختار “بغداد” على شاطئ دجلة، ووضع بيده أول حجر في بنائها سنة (145هـ = 762م) واستخدم عددا من كبار المهندسين للإشراف على بنائها، وجلب إليها أعدادا هائلة من البنائين والصناع، فعملوا بجد وهمة حتى فرغوا منها في عام (149هـ = 766م) وانتقل إليها الخليفة وحاشيته ومعه دواوين الدولة، وأصبحت منذ ذلك الحين عاصمة الدولة العباسية، وأطلق عليها مدينة السلام؛ تيمنا بدار السلام وهو اسم من أسماء الجنة، أو نسبة إلى نهر دجلة الذي يسمى نهر السلام. ولم يكتف المنصور بتأسيس المدينة على الضفة الغربية لدجلة، بل عمل على توسيعها سنة (151هـ = 768م) بإقامة مدينة أخرى على الجانب الشرقي سماها الرصافة، جعلها مقرا لابنه وولي عهده “المهدي” وشيد لها سورا وخندقا ومسجدا وقصرا، ثم لم تلبث أن عمرت الرصافة واتسعت وزاد إقبال الناس على سكناها ،ونتيجةً لاهتمامِهِ بالعِلم والعُلماء، قام المَنْصُور باجتذاب الأطباء النَّساطِرة إلى العاصِمة العَبَّاسِيَّة بَغْدَاد، وتُرجِمت لهُ كتب في الطُّب، والنجوم والهندسة، والآداب، وترجم في عهدِه مؤلفات كثيرة في الطب من الإغْرِيقيَّة إلى العَرَبيَّة، كما أن المَنْصُور طلب من مَلِك الرُّوم أن يرسل له أعمال إقليدس والمَجَسْطِي لبطليموس، وترجم كتاب إقليديس للعربية، وكان هذا الكتاب أول كتاب يترجم من اليونانية إلى العربية في عهد الخِلافَة العَبَّاسِيَّة، قرر المَنْصُور لاحِقاً إنشاء خزانات لهذه الترجمات وغيرها من المخطوطات القيَّمة في شتى المجالات، وحتى نهاية عهده كانت مخطوطات التراث ودفاتر الترجمة والتأليف تُحفظ في قصر الخلافة في بَغْدَاد، حتى ضاق عنها على سعة قصره، واستمرَّ مِن بعده الاهتمام بتطوير بيتُ الحِكْمَة من قبل خُلفائه،
بنى المَنْصُور عاصِمتَهُ الجَديدة بَغْدَاد، وقد دمرها من لايعرف القيمة الحقيقة لبغداد وعزتها وشموغها بالعلم والمعرفة فمن انتم بالمقارنة مع رجل هو خليفة المسلمين وباني بغداد واصبح رمزا لها ، اكتفي بتعليق جميل لمدير التنفيذي لمركز جنيف الدولي للعدالة “ناجي حرج”، صدر هذا اليوم، قائلا إن “تمثال أبو جعفر المنصور مجرد حجر قد تسقطونه كما فعلتم سابقا، لكنكم لن تسقطوا تاريخه، ومنجزاته، فهو باني بغداد، وصانع مجدها الذي يتغنى به العالم، في حين لا يذكر منكم إلا فسادكم ووساختكم وطائفيتكم وجرائم مليشياتكم .