مواجهة كردية حامية في انتخابات كركوك تستعيد خطاب الحرب الأهلية

1

المصدر: النهار العربي رستم محمود

معركة كردية في انتخابات كركوك.

معركة كردية في انتخابات كركوك.

تشكّل حملة الانتخابات المحلية في محافظة كركوك، والمقرّر إجراؤها بعد شهر من الآن، ساحةً لصراع سياسي بين الحزبين الكرديين الرئيسيين، وهما يعتبرانها فرصة لإثبات نفوذ كل منهما على المجتمع الكردي في العراق. المنافسة بدأت حامية من خلال تمزيق مناصري الحزبين البوسترات الخاصة بمرشحيهم وبرامجهم السياسية. وقالت مصادر إعلامية وسياسية مقرّبة من الحزب الديموقراطي الكردستاني، إنّ اللوحات المنصوبة لمرشحي القائمة 197 تعرّضت للتخريب والتشويه في مناطق عدة. وأكّدت المصادر رفع المرشحين دعاوى قضائية وتقديم بلاغات أمنية للجهات المعنية في المحافظة، لكن من دون الإشارة إلى مسؤولية أي طرف، رغم تأكّدهم من معرفة الجهة التي تقف وراء تلك الأعمال. الموقع الرسمي للاتحاد الوطني الكردستاني نشر معلومات عن “خروق واعتداءات” طالت مرشحيه، وقال مسؤول مركز الانتخابات في محافظتي كركوك وصلاح الدين محمد أمين: “نحن كاتحاد قدّمنا شكوى ضدّ الذين قاموا بهذه الخروق إلى المفوضية العليا المستقلّة للانتخابات، ونطالب بتوقيف المخرّبين وسوقهم إلى القضاء… قمنا بجمع الأدلة اللازمة بهذا الصدد وقدّمناها الى الأطراف المعنية، وإذا أراد أي شخص أو طرف أن يُحدث تأثيرات على الناخبين والمرشحين فإننا نؤكّد لهم أنّهم وقعوا في خطأ كبير، إذ إنّ جماهيرنا وناخبي الاتحاد الوطني يعلمون جيداً من بقي في كركوك ودافع عنهم ومن تخلّى عن المدينة”. اتهامات لمجهولين – معروفين!مراقبون أشاروا إلى أنّ الاتهامات بين الحزبين واضحة، رغم عدم ذكرها بشكل علني. فالدعاية الانتخابية لكلا الحزبين تجري في الأحياء ذاتها والبلدات الكردية ضمن مدينة كركوك والمحافظة عامة، ولا يمكن لأي جهة انتخابية أخرى أن تأتي إلى المناطق الكردية وتمارس مثل تلك الأفعال، فمحافظة كركوك منقسمة قومياً بشكل واضح. كذلك لأنّ الحزبين هما الجهتان المتنافستان على القاعدة الانتخابية الكردية نفسها، شبه المغلقة عليهما. 

 اتهامات عرقلة الحملة الانتخابية ترافقت مع زيادة وتيرة المواجهة الإعلامية والسياسية بين الطرفين. ففي وقت أكّد مرشحو الحزب الديموقراطي الكردستاني استعدادهم للفوز بأغلبية مقاعد مجلس المحافظة، وتالياً استبعاد الاتحاد الوطني من الفضاء السياسي والخدماتي لها – مع أنّ الأخير كان الحزب الرئيسي في المحافظة طوال السنوات الماضية، ويشغل الكتلة الأكبر ضمن مجلسها – أعلن في المقابل مرشحو وقادة الاتحاد الوطني المحليون استعدادهم لشغل منصب المحافظ من جديد، مطالبين مؤيّديهم بالتوجّه الكثيف إلى صناديق الاقتراع. استعادة الحرب الأهليةالمواجهة المباشرة بين الطرفين ترافقت مع التذكير بالأحداث والمواجهات السياسية بينهما… أحداث الحرب الأهلية في أواسط التسعينات من القرن الماضي، وما جرى أيضاً في كركوك قبل ست سنوات وما يطابقها من أحداث ومجريات سياسية. الباحثة والكاتبة ليندا شمام شرحت في حديث لـ”النهار العربي” كيف أنّ توازن القوتين الكرديتين الرئيسيتين راهناً في كركوك، سيؤثر على كل المعادلة والتوازن بينهما في كل مناطق كردستان، وعموم العراق. وقالت: “لا ننسى المكانة السياسية الخاصة التي يحملها الأكراد لكركوك، التي يُعتبر الدفاع عنها أساساً لصناعة الشرعية والحضور لدى المجتمع السياسي الكردي، وتالياً فإن السيطرة على مجلس محافظتها والحياة السياسية داخلها من أبرز أدوات صناعة الشرعية الكردية”. أضافت: “يجري ذلك في ظلّ استقطاب حاد بين الحزبين الكرديين، ضمن حكومة إقليم كردستان وعلى الملفات العالقة في بغداد والاستحقاقات الكردية هناك، قبل شهور قليلة من الانتخابات البرلمانية في الإقليم. فالديموقراطي الكردستاني يُقلّل من تمثيل الاتحاد الوطني، ويقول بشكل غير مباشر إنّه أصبح حزباً هامشياً، فيما يريد الاتحاد عبر انتخابات كركوك والانتخابات المقبلة في كردستان ردّ الاعتبار لدوره، والتحوّل من جديد إلى حزب منافس وندّ للديموقراطي الكردستاني. ولأجل ذلك، فإنّ معركة كركوك بينهما هي نوع من كسر العظم”. مخاوف من الإقصاءوفي معلومات خاصة حصل عليها “النهار العربي”، ثمة شكوك متبادلة في أن تكون التحالفات ضمن مجلس المحافظة المستقبلي على أساس قومي، كما كان الحال طوال العقدين الماضيين. فمن خلال متابعة ما يجري في أجهزتها الدعائية وخطابها السياسي غير المباشر، يتخوّف الاتحاد الوطني من وجود اتفاق ضمني بين الحزب الديموقراطي الكردستاني وبعض القوى العربية السنّية ونظيرتها التركمانية، لانتخاب محافظ بالتوافق بين هذه القوى، إذا تمكنت من الحصول على الأغلبية في مجلس المحافظة. في المقابل، فإنّ مناصري الحزب الديموقراطي الكردستاني يعتقدون أنّ الاتحاد الوطني سيعيد المجريات نفسها المتعلقة بملف الانتخابات الرئاسية. فعلى رغم عدم تمتّعه بالأغلبية التمثيلية الكردية، إلاّ أنّه سيلجأ إلى دعم القوى الشيعية وبالذات الحشد الشعبي المنتشر بكثافة في المحافظة، لفرض مرشحه لمنصب محافظ كركوك، ومرشحيه للهيئات الإدارية الرئيسية الأخرى.

التعليقات معطلة.