مقالات

موازنة 2018 .. الإخفاق يتكرر!!

 
كتب/ مازن صاحب
 
تتطلب المراجعة الموضوعية لبرنامج الإصلاح الاقتصادي والإداري الذي أعلنته حكومة رئيس الوزراء حيدر العبادي الكثير من الحنكة والموضوعية سيما وان السيد العبادي يتوعد ويهدد كبار الفاسدين بحلول قانونية تجتث مفاسد حكومتهم العميقة.
 
مشكلة هذه المراجعة ان مشروع قانون موازنة 2018 مثله مثل قانون موازنة عام 2017 وما قبله يتحدث عن وصفة صندوق النقد الدولي للإصلاح الاقتصادي ضمنا فيما تصر الكتل البرلمانية على تقليل ما تصفه بالأضرار البالغة على جمهورها الانتخابي في التعامل مع الخصخصة التي اخذت منحى جديدا بان تتمحور هذه الخصخصة للقطاع العام لتمتلك بأموال الفساد التي استحصلت عليها من مفاسد المحاصصة ، وتقف هذه المتناقضات الحزبية ما بين القول بإلغاء مبدأ المحاصصة ومفاسد السلطة من جهة وما تفعله الحكومة العميقة من توجيه دفة الحلول للعجز الحكومي نحو غسل أموال الفساد بشراء مواقع اقتصادية جديدة سواء بالإكثار من افتتاح البنوك الاهلية او تحويل العقود الحكومية لإعمار المناطق المحررة من داعش نحو شركات تتحكم بها ذات الأحزاب المتصدية للسلطة .
 
السؤال: هل يتكرر الإخفاق الحكومي في موازنة 2018 وما مسؤولية البرلمان عن هذا الاخفاق؟؟
 
واقع حال الكتل السياسية وهي تحث الخطى نحو التمسك بمكتسباتها من مقاعد البرلمان ان لا يكون ضمن هذه الموازنة ما يجعل نوابها امام مسؤولية الإجابة على تساؤلات خطرة اذا ما وصلت نسبة الاستقطاع الى 20% من مجموع رواتب الموظفين فعلا او حتى أي نوع من زيادة الاستقطاعات، ناهيك عن تفضيل صندوق النقد الدولي تطبيق نموذجه للتقييم المؤسسي الذي اذا ما اتبعته لجنة الإصلاح الاقتصادي في مكتب رئيس الوزراء فهذا يعني ان الكثير والكثير جدا من قيادات هذه الأحزاب لن تحصل على وظيفة تحت ادنى هذه المعايير للتقييم المؤسسي، فما بالك بجمهور هذه الأحزاب الذي تسلق مواقع المسؤولية بفضل سياسات الدولة العميقة، وهناك الالاف من العاطلين عن العمل من حملة الشهادات غير المزورة يتضرسون من هذه السياسات التي جعلت الوظائف العامة اثر بعد عين اذا لم تكت هناك رشوة او وساطة قرابة حزبية!!
 
المشكلة الأخرى ان الكثير من النواب يؤكدون على ان أسعار النفط في دولة ريعية مثل العراق يتصاعد حيث تصل صادرات العراق الى 70% اعلى مما كانت عليه أيام الفورة لأسعار النفط ، وبعملية حسابية بسيطة فان تصدير مليوني برميل من النفط بسعر 120 دولار للبرميل يمكن الوصول الى ذات الريع عندما يصل تصدير النفط سقف 4 ملايين برميل او اقل بقليل يوميا بسعر50 دولار للبرميل الواحد، لكن هذه المعادلة الحسابية التي يستبشر بها الكثير من نواب الشعب، تخالف قاعدة اقتصادية تتعلق بخدمة الدين العام التي تصل الى 14% في بعض القروض ولا تقل عن 5% في قروض أخرى، وهناك اكثر من 120 مليار دولار يدفع عنها العراق سنويا ما لا يقل عن 12 مليار دولار فضلا عن الأموال المخصصة للشركات النفطية في عقودها الاستثمارية يضاف الى ذلك ان مفاسد المحاصصة ما زالت تفرض شروطها في جذب الاستثمارات الخارجية او الأموال التي يمكن ان تخرج من جيوب الفاسدين كمشاريع لخدمة الاقتصاد الوطني ، حالة أيضا مطلوب منها غسل أموال الفاسدين تحت عناوين فاضحة للاستثمارات ليس في القطاع الزراعي او الصناعي بالقدر الذي يحقق الأرباح السريعة من خلال المضاربة بالعملة الأجنبية او تمويل صفقات شراء بضاعة استهلاكية من دول اجنبية دون المواصفات القياسية .
 
لذلك ستتكرر عملية الهروب نحو الامام من جديد وتراكم ديون أخرى على الخزينة العامة ، وأيضا هبوط المخزون النقدي للعراق من العملات الأجنبية والذهب بسبب مزاد البنك المركزي اليومي مما يعرض العملة الوطنية لمخاطر اقتصادية شتى ، سيظهر نواب الشعب المعنيين باللجان الاقتصادية في برامج حوارية خلال حملاتهم الانتخابية يتنابزون بالاتهامات فيما بينهم عن ما وصل اليه الاقتصاد العراقي من دون تخطيط استراتيجي ورقابة مسبقة ولاحقة لعقود حكومية انتهت الى شواهد تراثية فحسب، فيما يبقى المواطن العراقي ينتظر حلولا من حكومته وبرلمانه المنتخب لكن مفاسد المحاصصة هي السائدة ومن يرفض عليه ان يشرب من بحر الانتخابات المقبلة !!