وسط الضجيج التركي المتصاعد خلال الايام الاخيرة وتهديده بدخول مدينتي عفرين ومنبج السوريتين لم نشهد سوى القصف المدفعي التركي للمناطق التي يتواجد فيها الاكراد وهذا دليل واضح على ان تركيا لا تستطيع حتى الساعة ان تقوم بهذه المجازفة الخطيرة المنافية للقانون الدولي والذي يعتبر اعتداء على بلد مستقل مهما كانت المبررات مع العلم ان الروس متواجدون في هذه المناطق وهذا ما تدركه تركيا جيدا بان حجم المخاطر كبيرة جدا اذا ما قامت بذلك وهذا كان بالطبع قبل العملية العسكرية الهامة للجيش السوري بالامس الذي حررت فيه قاعدة ابوالضهور العسكري التي تعتبر نقطة انطلاق لتحول استراتيجي على صعيد المحافظة خاصة وانها تقع في ادلب الجنوبي التي هي نقطة متقدمة لتحرير محافظة ادلب المكان الاخير الذي يراهن عليه الاتراك كورقة يمسكون بها لكن ما حدث بالامس في ابوالضهور من تحول هو البداية لاسقاط هذه الورقة من يد الاتراك وهذا ما تجلى فورا في حديث داود اوغلو وزير الخارجية التركي الذي قال بالحرف الواحد “ان انقرة ستنسق عملية عفرين مع روسيا وايران” .
وبالطبع يستحيل هذا الامر بان توافق موسكو وطهران على استباحة الارض السورية لذلك بات الامر منتهيا لتركيا عسكريا وهذا ما سينسحب على الشق السياسي ايضا والذي سرعان ما اتضح معالمه من خلال التصريحات الاخيرة لـ”الكسندر لافرينتييف” مبعوث الرئيس بوتين الى سوريا بان “مؤتمر سوتشي سينعقد في الـ 30 من يناير وان الدول الضامنة قد اتفقت على قوائم المشاركين فيه”. هذه التصريحات اتت في وقت كانت تركيا تتملص حتى الامس من انعقاد المؤتمر وكانت تضع عفرين امام ادلب التي كسر الجيش السوري خطوطها الامامية عبر السيطرة على قاعدة ابوالضهور العسكري كنقطة متقدمة لتحرير محافظة ادلب على ان السيطرة على هذه القاعدة التي تربط ثلاث محافظات هي ادلب وحلب وحماة ستؤدي الى محاصرة الارهابيين في المنطقة والقضاء عليهم خاصة وان تشغيل مطار ابوالضهور سيكون له دور مفصلي في تسريع العمليات العسكرية لتحرير ادلب واريافها.
ولابد من الاشارة اليه ان الموقف الحازم لدمشق الذي عبر عنه فيصل المقداد مساعد وزير الخارجية السوري في تحذيره لتركيا من الاعتداء على سورية كان له الاثر الكبير في سحب البساط من اردوغان واحلامه التي لازالت عينه على الاستثمار في سوريا وعلى حساب سيادتها واستقلالها ودماء ابنائها وهذا ما هو مرفوض في كل المعايير والاعراف الانسانية والقوانين الدولية، لكن المحير هو متى تصحو انقرة من سباتها وتدرك بان العالم يعيش القرن الواحد والعشرين ولايسمح لها بالتطاول على شعب وبلد مستقل يمتلك نظامه الشرعية وهو عضو في الهيئة الاممية وبقية المنظمات الدولية والاقليمية.
هذا من الناحية السياسية اما من الناحية العسكرية فما افصح عنه المقداد من ان سوريا ستقابل اي تحرك تركي عدواني وان دفاعها الجوي جاهز لتدمير الاهداف الجوية التركية اذا ما تجاوزت الحدود السورية، كان بمثابة الرد الصادم لتركيا لتوقف ممارساتها العدوانية ضد هذا البلد وان تدرك هذه الحقيقة ان مساعيها المحمومة طيلة اكثر من ست سنوات انتهت الى الهزيمة وما عساها ان تفعل في الدقيقة التسعين لتوجد لها موطئ قدم في محور المنتصرين الذي حسم امره نهائيا لصالح سوريا الموحدة والمستقلة وحكومتها الشرعية المتمثلة بالرئيس الاسد.