نتانياهو.. و«جيرانه الأعزاء»!

2

عبدالرحمن الطريري – عكاظ

حمل رئيس الوزراء الإسرائيلي أربعة ملفات معه إلى البيت الأبيض، تشمل السعي إلى المماطلة ومد آجال المعركة العسكرية في غزة كقارب نجاة يسبح عليه خوفاً من المحاسبة القضائية، كما كان يشتري الوقت مرة تلو الأخرى من إدارة بايدن، حيث منحته فرصة إلى يناير (كانون الثاني) 2024، ثم أخرى إلى فبراير(شباط) من العام نفسه، وبالطبع أي توقف في العمل العسكري خاصة في غزة يهدد بقاء التحالف الحكومي القائم.

وكان فتح جبهات جديدة يمثل كذلك رافداً لغريزة بقاء نتانياهو، سواء كان ذلك في لبنان أو في اليمن، ولبنان اليوم خاضع لاتفاق وقف إطلاق نار، وإن كان الجيش الإسرائيلي لم يفِ بالتزاماته وما زال موجوداً على التراب اللبناني، وما زالت عناصره على التلات الجنوبية الخمس.

وبالحديث عن إيران، التي كانت بطبيعة الحال أحد الملفات في جعبة نتانياهو، كان يأمل في ضوء أخضر لضربة على منشآت إيران النووية، وحث الإدارة الأمريكية على الضغط على طهران نحو تطبيق النموذج الليبي في 2003، وذلك بتفكيك البرنامج النووي بشكل كامل.

الملف الأخير، وهو آخر ابتكارات رئيس الوزراء الإسرائيلي لإبقاء حالة الصراع العسكري، كان قصف مناطق داخل سوريا بذريعة منع وجود نفوذ تركي داخل سوريا، وهذا الملف تحديداً يرمز إلى تباين وجهات النظر بين الإدارة الأمريكية والإسرائيلية، فالرئيس الأمريكي ذهب أبعد من ذلك ولم يتحدث عن نفوذ تركي داخل سوريا، بل اعتبر تركيا قضمت سوريا بالفعل كما لم يفعل أحد منذ ألفي عام، ثم التفت إلى نتانياهو وقال يجب أن تكون عقلانياً نحو ذلك.

من جانب آخر، قد يكون أسوأ خبر سمعه نتانياهو خلال اللقاء في المكتب البيضاوي أن أمريكا ستعقد مباحثات مباشرة مع طهران يوم السبت، وتعد مفاوضات رفيعة المستوى بين وزيري خارجيتي البلدين، لبحث فرص اتفاق حاد يجنب المنطقة أي سيناريوهات عسكرية، وإن كان الخيار العسكري على الطاولة بطبيعة الحال.

وربما الخبر الآخر السيئ، الذي سمعته خلال الأسابيع الماضية، كان عقد واشنطن مفاوضات مباشرة مع حماس، وهذا ما استدعى الأخيرة تعليقاً على تصريحات نتانياهو بالرد «ليست تلك الأجواء في محادثاتنا مع واشنطن»، ومن هنا يتبين لنا نهج الإدارة الأمريكية ومقاربتها بعيداً عن ضجة الإعلام والتصريحات، حيث يتسم هذا النهج أولاً بالمباشرة وعدم الإطالة في مفاوضات غير مباشرة على طريقة الديمقراطيين.

كما يتسم هذا النهج بهدف رئيسي في الختام، بغض النظر عن ما يثيره السير على هذا الطريق من أتربة، والهدف الرئيسي هو حصول ترامب على جائزة نوبل للسلام، وتحقيق إرث لا ينافسه عليه أي رئيس أمريكي، فبالتالي لا يهمه ما يريده أردوغان أو نتانياهو في سوريا، بل يهمه أن تطبع سوريا مع إسرائيل، والمقاربة ذاتها في لبنان.

كذلك بالنسبة لإيران، حيث لا يعد ضربها هدفاً بالنسبة له، أو لنقل إن الحلول العسكرية بالنسبة له ما هي إلا موقد يُنضج الطبخة وليست هدفاً بحد ذاتها، وبالتالي في سبيل نوبل قد يكون الرئيس الأمريكي الأوحد الذي يلتقي المرشد الأعلى كما التقى رئيس كوريا الشمالية في فترته الأولى، وأخيراً لا يوجد دعم مطلق لأي شخص إذا ما تحول عبئاً على هذا المسار، ولعل نتانياهو لم يكن يرى أمامه إلا سيناريو زيلينسكي ويحاول الخروج بأقل الخسائر.

لعل رئيس الوزراء الإسرائيلي مر بمضاربنا معشر الصحافيين، فقيل له إن الصورة بألف كلمة، ولذا حرص على ربطة عنق حمراء تطابق تلكم التي ارتداها الرئيس الأمريكي، لتكون مؤشراً على التوافق بين الطرفين، لكن التباين في وجهات النظر كان أكبر من أن تحجبه صورة.

التعليقات معطلة.