دفع رئيس الوزراء الإسرائيلي باتفاق وقف النار إلى حافة الانهيار، برفض إطلاق الدفعة السابعة من الأسرى الفلسطينيين، الذين كان من المفترض أن يفرج عنهم السبت الماضي في مقابل ستة أسرى إسرائيليين أفرجت عنهم “حماس”. إلى ذلك، لا شيء يوحي بأن الجيش الإسرائيلي في طريقه إلى الانسحاب من محور فيلادلفيا السبت مع انتهاء المرحلة الأولى من الاتفاق، لا بل إن نتنياهو أعطى أوامر للجيش الإسرائيلي بالاستعداد لاستئناف الحرب “في أيّ لحظة” رداً على ما يعتبره خرقاً للاتفاق من جانب “حماس” على خلفية “الطريقة المهينة” التي تحيط بعمليات الإفراج عن الأسرى الإسرائيليين.
لا يمانع ويتكوف، الذي أرجأ زيارته لانشغاله بالملف الأوكراني الذي يبدو أن الرئيس دونالد ترامب يعطيه أولوية على غزة في الوقت الحاضر، من حيث المبدأ تمديد المرحلة الأولى التي أرادها نتنياهو منذ البداية أن تكون مرحلة نهائية، يُصار خلالها إلى استعادة الأسرى الأحياء والأموات من غزة، ثم يجري استئناف العمليات العسكرية، لتحقيق هدفه المعلن في تحقيق “النصر المطلق”، بما يعنيه ذلك من استكمال تدمير قدرات “حماس” وإجبار سكان غزة على تهجير قسريّ، من خلال تطبيق “خطة الجنرالات” في أنحاء القطاع.وعندما وضع نتنياهو شرطاً تعجيزياً للقبول بالانتقال إلى المرحلة الثانية، مثل أن تقبل “حماس” بالخروج من غزة بإرادتها ونزع سلاحها، فإنه كان مدركاً استحالة قبول الحركة بهذا الشرط، ويكون لديه تالياً المبرّر للعودة إلى الحرب.
يسعى ويتكوف إلى تدوير الزوايا بالعمل على خطين: مع إسرائيل من جهة، ومع الوسطاء في اتفاق وقف النار، لا سيما مصر وقطر ودول عربية أخرى، بهدف “عدم مشاركة حماس في حكم” غزة مستقبلاً، وفق ما صرح به في مقابلة مع شبكة “سي أن أن” الأميركية للتلفزيون الأحد. أمّا كيف سيتحقق ذلك، فهذا متروك للنقاش في الآتي من الأيام، مع الإشارة إلى أن ما نقلته صحيفة “النيويورك تايمز” عن رئيس مكتب العلاقات الخارجية في “حماس” موسى أبو مرزوق، من أن ثمة استعداداً داخل الحركة للتفاوض بشأن أسلحتها في غزة، يتلاقى مع الجهود المبذولة إقليمياً لوضع خطة بديلة لاقتراح الرئيس الأميركي دونالد ترامب القاضي بتهجير سكان القطاع إلى مصر والأردن. وتبقى إدارة من التكنوقراط المدعومة عربياً هي من بين الخيارات التي قد تتضمنها الخطة الشاملة، التي يفترض أن تكون بنداً أول ووحيداً على جدول أعمال القمة العربية الطارئة في القاهرة في 4 آذار/ مارس.
لذا، يشدد ويتكوف على تمديد المرحلة الأولى إفساحاً في المجال لتبلور المزيد من الخيارات. والتمديد يعفي نتنياهو من الانسحاب من فيلادلفيا، ويحرره من ضغوط اليمين المتطرف، ويمنح “حماس” فترة أطول من الهدوء، وهي لا تمانع أصلاً عملية تبادل شاملة للأسرى، بشرط وجود ضمانة بعدم عودة إسرائيل إلى الحرب بعد استعادة أسراها.
هنا، يتخذ نتنياهو موقفاً غامضاً يرتكز على ضمان مستقبله السياسي قبل كل شيء. وتوسيع أهداف الحرب وفق ما هو حاصل في الضفة الغربية، التي يمعن فيها الجيش الإسرائيلي تهجيراً دائماً لمخيم تلو الآخر، يؤكّد أن ذهنية الانتقام من 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، لا تزال هي المتحكمة.
غاية نتنياهو الآن تأمين إطلاق الأسرى الإسرائيليين دفعة واحدة، من دون إعطاء أي ضمانة بعدم معاودة الحرب. والتصعيد في الضفة والاستعدادات العسكرية في غزة وحولها، لا تبعث على الاطمئنان. وسيستخدم ويتكوف ذلك لممارسة مزيد من الضغط على “حماس”… وعلى قمة القاهرة.