نتنياهو يعيد ترميم حركة كاخ

1

 
 
د. فايز رشيد
 
أتتذكرون حركة كاخ اليمينية الفاشية التي نادت من قبل ولا تزال بقتل الفلسطينيين والعرب عن بكرة أبيهم؟ أتتذكرون رئيسها مائير كاهانا الذي جعل مهمته الوحيدة في العالم الترويج لأهمية قتل شعبنا في دول العالم؟ أطروحاته العنصرية البغيضة استفزت الكثيرين, فتم اغتياله في نيويورك عام 1990. تمحورت خطة كهانا في طرد العرب من فلسطين المحتلة إلى الدول العربية ـ وفقا لويكيبيديا ـ الموسوعة الحرة. لذا فإن محكمة العدل العليا الإسرائيلية منعت قائمته من الدخول إلى الكنيست في انتخابات عام 1991 ـ “التاريخ المختصر للكنيست”. حاليا, يجري بنيامين نتنياهو مباحثات مع مخلفات حركة كاخ, ليضمها إلى ائتلافه الانتخابي للكنيست القادم في 9 نيسان/أبريل القادم.
نتيجة للأطروحات السوبر فاشية لهذه الحركة العنصرية الغاية في التطرف, فإنه حتى كبرى التنظیمات الصهیونیة العالمیة انتقدت نتنیاهو لسعيه من أجل التحالف الضمني هذه الحركة الإرهابیة وضمان تمثیلها مجددا في الكنیست, على الرغم من أنها حركة محظورة في الكثیر من دول العالم, ووفقا لتقرير أعده الصحفي الفلسطيني برهوم جرايسي (من منطقة 48), ونشرته صحيفة الغد الأردنية الأحد 24 فبراير/شباط الحالي, فإنه حتى منظمة “إیباك”, إضافة إلى مستشار الرئیس ترامب جیسون جرینبلات نشر تغریدة, فسرتها أوساط إسرائیلیة بأنها انتقاد مبطن لنتنیاهو على محاولاته هذه لإحياء حركة كاخ. وقد سعى نتنیاهو في الأیام الأخیرة للضغط على تحالف لأحزاب المستوطنین, كي یقبلوا بضم حركة “عوتسما يهودیت” (القوة اليهودیة), وهي الاسم الجدید لحركة “كاخ” الإرهابیة, المحظورة صوریا في إسرائیل. وقد نجحت ضغوط نتنیاهو, بعد أن تعهد لهذا التحالف بأن یكون شریكا في حكومته وأن یحصل على حقائب وزاریة اعتباریة. وحتى أنه ضم نائبا من أحد أحزاب المستوطنین إلى قائمة اللیكود, للتسهیل على التحالف لضم الحركة الإرهابیة.
للعلم, في مثل هذه الأیام في25 شباط/فبراير 1994, ارتكب إرهابي من هذه الحركة, باروخ جولدشتاین مجزرة الحرم الإبراهیمي في الخلیل, التي ارتقى فيها نحو 50 شهیدا فلسطينيا إلى العلا. وعلى الأثر حظرت الحكومة الإسرائیلیة الحركة, إلا أنها بقیت ناشطة بأسماء مختلفة, وقادتها یقفون على رأس عصابات المستوطنین الإرهابیة, وبضمنها العصابات التي ترتكب جرائم “شارة ثمن” أو “دفع الثمن”, وقد تمثلت الحركة مجددا في الكنیست باسمها الجدید في العام 2009 بنائب واحد, ضمن تحالف من أحزاب المستوطنین, إلا أن نتنیاهو رفض إشراك تلك الكتلة في حكومته بسبب هذا النائب! إلا أن نتنیاهو ینقلب الیوم على موقفه بعد 10 سنوات, ما یؤكد حقیقة مواقفه العنصرية. وحسب التقدیرات, فإن قوة هذه الحركة توازي مقعدین برلمانیین, إلا أنهما لا یكفیان لتجاوز نسبة الحسم للتمثیل البرلماني التي توازي 4 مقاعد, ولهذا سعى نتنیاهو إلى عدم حرق عشرات آلاف أصوات المستوطنین, وسعى لتمثیل الحركة. وعلى مدى الأیام الماضیة, صدرت سلسلة من المقالات التي تهاجم نتنياهو في “هآرتس” و”يديعوت أحرونوت”. ومن الكتّاب وصناع الرأي من اعتبر أنه لا یبتعد في طرحه عن حركة “كاخ”, أو حسب الاسم المألوف “حركة كهانا”. إلا أن نتنیاهو قد یكون تفاجأ بأن ردود الفعل الغاضبة, بدأت تصل من المنظمات اليهودية الصهيونية في أنحاء مختلفة من العالم, وبالذات المنظمة التي يحترمها نتنیاهو وتدعمه, منظمة “إیباك” التي تجمع عشرات التنظیمات الصهيونية في الولایات المتحدة, وتعد جسما ضاغطا كبیرا على المؤسسة الأمیركیة الحاكمة, وخصوصا الكونجرس ومجلس الشیوخ.
نتنياهو لا يعمل فقط وفقا لمبدأ “الغاية تبرر الوسيلة”, وإنما جعل من مهمته أمام اشتداد الحملة بالفساد عليه, وإمكانية تقديم لائحة اتهام ضده قبل إجراء الانتخابات, لذا, فإنه يحاول جمع كل الإرهابيين الصهاينة في تحالف متين, في صراع الانتخابات الجاري في إسرائيل, وبخاصة مع الجنرالات الآخرين, الذين يفتون بنفاذ صلاحيته كرئيس للوزراء, وبأنهم الناجحون حتما في الانتخابات, والذين سيتسلمون المرحلة الجديدة. نتنياهو يخاطب الشارع الإسرائيلي بلغته, آخذا بعين الاعتبار التحولات الجارية في الشارع الإسرائيلي, وهي المتجهة نحو المزيد من التطرف والإرهاب والعنصرية. كما المنطلقات الأولى للعقيدة الصهيونية, وأيديولوجياتها التي تقوم على قتل العرب وإبادتهم, وإفراغ فلسطين منهم. نعم, هذه هي إسرائيل, وهذه هي الصهيونية.

التعليقات معطلة.