مقالات

{نحنُ ننسنى والتاريخ يُذكرنا}

حسن فليح /محلل سياسي

هل ينسى التاريخ العراقي لحظة استبدال الحكم الملكي بالنظام الجمهوري؟ وهل يغفل التاريخ حقيقة ثورة 14 تموز 1958 بقيادة الزعيم عبد الكريم قاسم ؟! اذا كانت عقول من سعى الى شطب عطلة 14 تموز العظيمة فاللتاريخ ذاكرة لاتنسى ولهُ لسان يتكلم بطريقة قد لاتعجب تلك العقول الخائرة التي سعت وساهمت بذلك العمل اللاوطني والبعيد كل البعد عن مناسبات الشعب الوطنية والتي لاتغيب عن وجدان العراقيين ، ان محاولة شطب ثورة 14 تموز من العطل الرسمية الغاية منها هو محو آثار وفكر ومنهاج هذه الثورة التحررية،
ومحاولة بائسة لتغييب كل ما هو وطني ،حتى لاتكون تلك المناسبة احد عوامل المقارنة بين ماهو حاضر يمثل الرذيلة بكل اشكالها وبين ماهو ناصع ومشرق وخالد ،
أذ يدعونا الامر الى التسائل من الذي حرر العراق من الاستعمار البريطاني ومن الذي طرد القواعد العسكرية البريطانية ومن الذي انهى سطوت الاقطاع على الفلاحين ومن الذي حرر الاقتصاد العراقي من هيمنة الجنيه الاسترليني ومن الذي اطلق سراح السجناء السياسيين ومن الذي حرر الثروة النفطية من شركات الاحتكار الاجنبية بقانون رقم 80 ومن الذي شرع قانون العمل وقانون الاصلاح الزراعي ومن الذي شرع قانون محو الامية ومن الذي انسحب من حلف بغداد الاستعماري ومن الذي شرع قانون الاحوال المدنية وساوى حقوق المرأة بالرجل والاول مرة في تاريخ العراق ، هذا على الصعيد السياسي والقانوني والاجتناعي، اما المنجزات على صعيد البنى التحتية بالعراق فكانت التالي ،
قام النظام الجمهوري في بناء 25 مستشفى و 160 الف مستوصف
وبناء 22 جسراً وأنشأ 10 مدن سكنية
2334 مدرسة و 44 مصنع
وبناء معرض بغداد الدولي
وميناء أم قصر
وملعب الشعب الدولي ،
كل تلك المنجزات خلال فترة حكم امدها (اربع سنوات وستة اشهر وخمسه وعشرون يوما) السؤال ماذا فعلتم انتم خلال 21 عام ؟؟؟ غير الفساد والفتنة الطائفية وسياسة العمالة الولائية !!! بتاريخ 14 رمضان عام 1963 حصل انقلاب البعثيين على نظام عبد الكريم قاسم بمساعدة عبد الناصر وبدفع من المخابرات الامريكية ، الامر الذي احال العراق الى دوامة العنف الدموية والى يومنا هذا !؟ ان ثورة 14 تموز كانت امتدادا لثورة العشرين التي كانت الانطلاقة الاولى للحراك السياسي الشعبي والوطني ضد الاستعمار البريطاني، وعلى الرغم من فشلها عسكريا، لكنها أجبرت بريطانيا على التخلي عن الحكم المباشر وتشكيل حكومة من العراقيين، ثم القبول بإعلان العراق دولة ملكية ناقصة السيادة،
مر العراق بالعديد من الانقلابات العسكرية اثناء الحكم الملكي بدءاً من انقلاب عام 1936 بقيادة بكر صدقي، تلاه انقلاب بقيادة العقداء الأربعة، صلاح الدين الصباغ وكامل شبيب وفهمي سعيد ومحمود سلمان، إضافة إلى المحامي والصحافي يونس السبعاوي. وكان في مقدمة هؤلاء السياسي الكبير رشيد عالي الكيلاني، لتعقبه انتفاضات ووثبات عديدة قادتها الأحزاب الوطنية، مثل وثبة 1948، التي أسقطت معاهدة بورت سموت الجائرة، وانتفاضات 1952 و1954 و1956، رافقتها نشاطات سياسية كثيرة انتجت عنها عام 1957 تشكيل جبهة وطنية من الأحزاب الرئيسية، مثل حزب الاستقلال بزعامة صديق شنشل والحزب الشيوعي العراقي بقيادة سلام عادل والبعث العربي الاشتراكي بقيادة فؤاد الركابي والوطني الديمقراطي بزعامة كامل الجادرجي. في حين نشط ضباط كبار كثيرون بالجيش العراقي، فشكلوا قيادة تحت مسمى الضباط الأحرار. الأمر الذي أدى إلى تفجير ثورة 14 تموز ، كل تلك المواقف والانشطة السياسية والتحركات العسكرية كانت المُمهد الكبير للثورة وامتدادا لها وليست بمعزل عنها، علما هناك من يظن من العراقيين ان التحولات التي حصلت بعد اعلان النظام الجمهوري ونهاية النظام الملكي وما جرى في قصر الرحاب ببغداد، ضد العائلة المالكة هو تحول كبير يمثل نهاية مشروع الدولة المدنية، وظهور نظام جديد مهد لمرحلة الانقلابات العسكرية والسياسية دفعت بالبلاد لمزيد من الخطر والحروب ، نقول لاصحاب ذلك الرأي انكم متناسين ان ثورة تموز ثورة حقيقية وليست انقلابا عسكريا بحتا وانها حضيت بدعم شعبي منقطع النظير ونالت التأييد السياسي للقوى السياسية حينذاك ، كما انها
حققت الحفاظ على كيان العراق السياسي واستقلاله الناجز وسيادته الوطنية الكاملة وإلغاء جميع المعاهدات الاستعمارية الجائرة والمخلة بالسيادة الوطنية واصبح العراق لاول مرة عبر تاريخه السياسي المعاصر يمتلك قراره السيادي والسياسي الوطني،
ونقول للطبقة السياسية الحالية المتخبطة أين انتم اليوم من كل ذلك العمل الوطني والتاريخي؟! في حين انكم جعلتم البلاد تعيش الان بين احتلاليين الايراني الامريكي والثالث التركي الذي توغل في شمال العراق وفي طريقة للتوسع اكثر !!! من المؤكد سيذكركم التاريخ بابشع الصور والاوصاف وأن التاريخ لايرحم من امضى بشعبه وبلاده الى الهاوية السحيقة!!!
.

admin