14-08-2021 | 07:00 المصدر: دمشق- النهار العربي
- شارك ع
شيخ ينظر إلى فتيات يجلسن إلى جانب الطريق
A+A-يواصل زواج المتعة، وهو نسخة موقتة من الزواج مرتبطة بالمذهب الشيعي، انتشاره داخل بعض مجتمعات المناطق السورية التي تشهد حضوراً عسكرياً لإيران أو لإحدى الميليشيات التابعة لها. ورغم أن رصد هذا الانتشار يعود في جذوره إلى عام 2018 عندما تم توثيق أول حالة زواج متعة بالتزامن مع ثبات خطوط التماس بين قوات جيوش أربعة هي الأميركية والروسية والتركية والإيرانية في أعقاب انحسار سيطرة تنظيم “داعش” وانهيار خلافته المزعومة، فإن الجديد هو أن هذا الانتشار لم يعد يقتصر على تسارع حركة العداد لحساب حالات وقوع زيجات المتعة وحسب، بل بدأ أخيراً بغزو مناطق جغرافية جديدة لم يسبق له الوصول إليها من قبل.المتعة تمتد إلى حمص وحماةووثّق نشطاء سوريون معارضون وقوع أول حالة زواج متعة في ريف حماة الشرقي بين إمرأة نازحة وعنصر من قوات “حزب الله” اللبناني. وذكر النشطاء أن “معمماً شيعياً (شيخاً) محسوباً على “حزب الله” عقد قران المدعوة (س.ن.) على ملهم حسين وهو عنصر في “حزب الله” متحدر من قضاء بعلبك في لبنان”. وأضاف النشطاء أن عقد القران تم بين الطرفين من دون حضور أي شخص من ذويهما باستثناء والدة العروس. ولفتوا إلى أن الاتفاق تم مقابل التزام الزوج بدفع مهر مقداره مليون ليرة سورية مقدماً و3 ملايين ليرة سورية تدفع حين انتهاء مدة العقد المحددة بأربعة أشهر. وشدد النشطاء على أن هذه الحالة التي وقعت في قرية سوحا تعتبر أول حالة من نوعها لتسجيل عقد زواج متعة في ريف حماة الشرقي، الأمر الذي يشير إلى توسيع إيران جهودها الرامية إلى ترك بصمتها الشيعية على المجتمعات السورية المختلفة.ويأتي هذا التمدد نحو ريف حماة الشرقي بعد أشهر قليلة من تسجيل أول حالة زواج متعة في ريف حمص الجنوبي والتي جرت في قرية المنزول بين فتاة قاصر (س.ح.ع.) تبلغ من العمر 15 عاماً فقط، وعنصر من “حزب الله” اللبناني يتحدر أيضاً من قضاء بعلبك. وبحسب النشطاء الذين وثقوا هذه الزيجة فقد كانت مقابل مهر مقداره 800 ألف ليرة سورية ومدة الزواج 3 أشهر فقط. وكان ريف حمص الشرقي سبّاقاً في دخول منافسة تمدد زواج المتعة حيث سجلت قرية خربة التياس أول حالة بين ضابط في “الحرس الثوري” الإيراني (هويته مجهولة) وامرأة تبلغ من العمر 27 عاماً مقابل مبلغ مقداره 500 ألف ليرة سورية لمدة 6 أشهر. ونشرت صحيفة “ليبراسيون” الفرنسية في منتصف شهر تموز (يوليو) من عام 2018 تقريراً موسعاً حول موضوع انتشار زواج المتعة في سوريا وشددت على ما بات يمثله من مصدر قلق بين صفوف المدافعين عن حقوق المرأة لأنه يستغل ضعف النساء وفقرهن في بعض بلدان الشرق الأوسط، بخاصة في الأوساط الشيعية. وقالت الصحيفة إنه بعد رواج زواج المتعة في إيران، على غرار جميع الدول ذات الأغلبية الشيعية، أصبح هذا النوع من الزواج الموقت الذي قد يدوم بين ساعة وبضع سنوات منتشراً في سوريا بخاصة في ظل ارتفاع نسبة النساء العازبات اللاتي تتجاوز أعدادهن الآلاف. ويعتبر تمدد زواج المتعة إلى كل من حمص وحماة دليلاً على نجاح المساعي الإيرانية في توسيع نفوذها وترك بصمتها في المجتمع السوري، حيث كانت حالات المتعة الأولى محصورة في دمشق وتحديداً في منطقة السيدة زينب، قبل أن تمتد بعد ذلك إلى حلب ودير الزور.أربعة فنادق لخدمة المتزوجين متعةًوتولت جمعية “شريعتي” الإيرانية منذ العام الماضي، جهود تكريس عقود زواج المتعة عبر اتخاذها سلسلة من الإجراءات المشجعة على ذلك، أهمها افتتاح مكاتب رسمية لتسجيل زيجات المتعة في العاصمة دمشق، بالإضافة إلى تحديد أربعة فنادق في منطقة السيدة زينب لإتمام طقوس الزواج. وذكرت تقارير إعلامية معارضة أن جمعية “شريعتي” اتفقت مع فنادق في شارعي الحسين والتين في منطقة السيدة زينب لاستخدامها لإقامة المتزوجين زواج متعة من طريقها، مقابل رسوم تتقاضاها الجمعية لقاء الجهود التي تبذلها في تأمين رواد لهذه الفنادق. وتفرض الجمعية على الزوج حجز غرفة في أحد الفنادق طيلة مدة عقد الزواج. وفي سبيل ذلك أبرمت الجمعية عقوداً إضافية مع فنادق أخرى في منطقة البحصة من العاصمة دمشق للإقامة بها من قبل الزوج غير الراغب بالسكن في فنادق الجمعية في منطقة السيدة زينب. و”شريعتي” هي مؤسسة إيرانية يقع مقرها الرئيسي في مدينة مشهد، ولها أفرع أخرى في كل من سوريا والعراق ولبنان. وهي تنشط في سوريا في مناطق انتشار الميليشيات الإيرانية حيث تعمل على ترويج زواج المتعة كمدخل لنشر المذهب الشيعي من جهة ولتحقيق مكاسب مادية من جهة ثانية، بحسب ما يتهمها خصومها.مكاتب رسمية لتسجيل المتعة؟وقد ظلت ممارسة زواج المتعة والعمل على ترويجه من ضمن جهود الظلّ التي تتبعها بعض المؤسسات التابعة للميليشيات الإيرانية طيلة السنوات الماضية. غير أن هذه الجهود بدأت أخيراً تخرج إلى النور وتعمل ضمن إطار أكثر علنية وأقل خوفاً من رد فعل الشارع السوري، وبخاصة رد فعل العشائر العربية التي تنظر إلى هذه الزيجات على أنها مخالفة لعاداتها ولطريقة فهمها للشريعة الإسلامية. ويبدو أن سكوت العشائر شجع هذه المؤسسات الإيرانية على اتخاذ خطوة لم تكن مقبولة من قبل وهي خطوة افتتاح مكاتب خاصة بزواج المتعة. وفي هذا السياق باشر “لواء الباقر” وهو ميليشيا تابعة لـ”الحرس الثوري” الايراني، بافتتاح عدد من مكاتب زواج المتعة، وبخاصة في أحياء حلب الشرقية، الأمر الذي يبدو خطوة جديدة نحو تكريس زواج المتعة بشكل شبه رسمي بعد أن كان انتشاره بين الشباب في حلب مجرد ظاهرة تجري في الظل ووسط تكتم شديد من قبل الأطراف. المتعة في القانون السوريليس في القانون السوري ما يشير إلى قوننة زواج المتعة أو شرعنته، ولكن ليس هناك أيضاً ما ينص على منعه وتحريمه. وينص قانون الأحوال الشخصية السوري على أنه “إذا قيد العقد بشرط ينافي نظامه الشرعي أو مقاصده فالشرط باطل والعقد صحيح” وهذا يعني أن تحديد الزواج بمدة معينة كما في زواج المتعة يعتبر من قبيل تقييده بما يخالف نظامه الشرعي لأن الأصل في عقد الزواج أن يكون مدى الحياة، والنتيجة التي تترتب على ذلك أن القانون السوري يعتبر عقود الزواج الموقتة صحيحة مع بطلان شرط التقييد بمدة معينة. ويقتضي ذلك التفريق بين عقد الزواج الباطل الذي يشمل حالة واحدة هي زواج مسلمة من غير مسلم، عن العقد الفاسد. والفرق أن العقد الفاسد بعد الدخول تترتب عليه بحسب القانون السوري نتائج كثيرة أهمها: استحقاق المهر، وثبوت نسب الأولاد، ووجوب العدة والنفقة الزوجية، ولكن لا توارث بين الزوجين. وهي تكاد تكون الآثار ذاتها التي تترتب على عقد زواج المتعة، الأمر الذي يجعل دائرة الاختلاف تضيق كثيراً بين ما يعتبره القانون السوري زواجاً فاسداً وبين الآثار التي تترتب على زواج المتعة، وربما هذا ما يجعل سلطة القانون محدودة في مواجهة ظاهرة انتشار زواج المتعة.