نهاية “ملك إسرائيل”

1

لم يقبل تشكيل “حكومة حرب” مع بني غانتس المعارض له إلا للهرب من المسؤولية

رفيق خوري كاتب مقالات رأي 

نتنياهو خاض الانتخابات الأخيرة رافعاً شعار، لا فقط منع قيام دولة فلسطينية بل أيضاً “اجتثاث فكرة إقامة الدولة” (أ ف ب)

بنيامين نتنياهو ليس زعيماً، ولا مؤسس حزب، بل موظف تسلق السلم، وورث تجمع “الليكود” الذي عمل الجنرال شارون على تجميعه. لا هو ديفيد بن غوريون زعيم حزب العمل ومؤسس إسرائيل، ولا هو الزعيم اليميني مناحيم بيغن مؤسس حزب “حيروت” الذي صار نواة “الليكود”، لكنه جلس على كرسي رئاسة الحكومة أكثر من بن غوريون، وتحالف مع المتطرفين الدينيين الخطرين الذين رفض بيغن التحالف معهم، وما قام بأية مغامرة على العكس من شارون.

بن غوريون استقال أكثر من مرة كلما رأى أن رئاسته للحكومة تضر بمصلحة الدولة. بيغن استقال من رئاسة الحكومة بعد المضاعفات التي قاد إليها اجتياح لبنان عام 1982. شارون أجبرته لجنة تحقيق قضائية على الخروج من منصبه كوزير للدفاع خلال الاجتياح. غولدا مائير بكت وهي تعلن كوزيرة للخارجية انسحاب إسرائيل بأمر من الرئيس الأميركي دوايت أيزنهاور من الأراضي المصرية التي احتلها الجيش الإسرائيلي بالاتفاق مع بريطانيا وفرنسا في حرب السويس عام 1956، كما استقالت من رئاسة الحكومة بعد مضاعفات حرب أكتوبر (تشرين الأول) 1973.

أما نتنياهو فإنه رفض أن يستقيل وهو يرى مئات الآلاف يتظاهرون ضده في الشارع كل يوم سبت، وسمع بالاعتراض عليه داخل الجيش والأجهزة الأمنية والرفض الحازم لضباط الطيران في الاحتياط العودة للتمارين احتجاجاً على إضعاف القضاء بقوانين من الكنيست لإنقاذ نتنياهو من السجن.

كل شيء كان من أجل شخصه ولخدمته على حساب الدولة. حتى محاكمته بتهم الرشوة وإساءة الأمانة، فإنها لم تمنع الناخبين المغسولي الأدمغة في اليمين المتطرف من إعادة انتخابه. كل شيء حتى جاءت عملية “طوفان الأقصى” التي قامت بها “حماس” وزلزلت إسرائيل.

اقرأ المزيد
  • اجتماع عربي – أميركي في الأردن لبحث الصراع بغزة
  • ما وراء منشور نتنياهو الذي كتبه على “إكس” ثم حذفه
  • السابع من أكتوبر نقطة فاصلة في حياة نتنياهو السياسية
  • سيتجاوز نتنياهو المصاب حربا لم يتوقعها وسيهزمه السلام

نتنياهو لم يعلن أنه يجب أن يقدم “أجوبة” عن التقصير في مواجهة “الطوفان” إلا في إشارة خجلة ضمن تحميل المسؤولية للجميع، وبعد ضغط أميركي واضح، ولا تخلى عن المماطلة وأسلوبه الشهير في “اللا فعل” حتى في التحضير لحرب غزة. ولم يقبل تشكيل “حكومة حرب” مع بني غانتس المعارض له إلا للهرب من المسؤولية وتحميل المعارضة الجزء الأكبر منها، وتحت الضغط الداخلي والأميركي.

غير أن هامش المناورة أمامه ضاق. لا مهرب بعد حرب غزة من أن يخرج من السلطة، بعد أن طوق القضاء لحماية رأسه من دخول السجن، ورفض صفقة لتخفيف الحكم عليه مقابل خروجه من الحياة السياسية. وما دام الهدف من حرب غزة هو “القضاء على (حماس)”، فإن الجانب الآخر للعملية هو نهاية نتنياهو المصر على لقب “ملك إسرائيل”، بصرف النظر عما يحدث لـ”حماس”. وما يزيد في حاجة إسرائيل بمرحلة ما بعد الحرب إلى نهاية نتنياهو هو أن يتعرض الجيش في العملية البرية لخسائر كبيرة على يد “حماس”. ولا مخرج بعد الحرب لبدء التفاوض على حل الدولتين إلا بعد ذهاب الرجل إلى البيت ليكون أسير زوجته سارة التي كانت تتدخل في قراراته خلال الرئاسة.

الرئيس بايدن قال لنتنياهو قبل الرئاسة، “لا أوافق على كل ما تقوله، لكني أحبك”. اليوم، يمسك باللعبة لتصويب مواقف المستوى السياسي والعسكري ويريد رؤية رئيس حكومة غير نتنياهو. غير أن ذهاب نتنياهو لا يبدل شيئاً جدياً ما دامت موجة اليمين المتطرف عالية، والحكومات لا تؤلف إلا بالتحالف مع أمثال بن غفير وسموتريتش ومن على هذه الشاكلة في التطرف الأصولي الديني. فلا بد من الوسط واليسار وانتخابات جديدة تأتي بأكثرية مختلفة وحكومة جديدة. ولا فائدة حتى من حكومة وسط ويسار إن لم تكن حكومة التفاوض الجدي على قيام دولة فلسطينية.

نتنياهو خاض الانتخابات الأخيرة رافعاً شعار “لا فقط منع قيام دولة فلسطينية، بل أيضاً اجتثاث فكرة إقامة الدولة”. ولا أحد يربح في قتال فكرة.

التعليقات معطلة.