أ.د. علي الهيل
قبل سنة تقريباً أعلنت الإدارة الأمريكية الجديدة أن سياسة “الصبر الإستراتيجي” المتبعة إزاءَ كوريا الشمالية قد نفدت. الآن هي نفدت و شبعت نفاداً و تبين أنها مجرد أكذوبة و أخدوعة لتضليل الرأي العام الأمريكي و حلفاء أمريكا في شبه الجزيرة الكورية و في العالم أن أمريكا ستلجم طموحات كوريا الشمالية النووية و ما بعد النووية أيالهيدروجينية. تلك السياسة كانت بالتزامن مع كل ذلك تهدف إلى الضغط على الصين في أي مفاوضات إقتصادية و تجارية و سياسية مقبلة. ذاك من ناحية و أما من الناحية الأخرى فهي غطاء للعجز الأمريكي عن معاودة الكرّة في شبه الجزيرة الكورية. أمريكا عانت كثيراً خلال سنوات الحرب الباردة من فصل الكوريتين و من تداعيات إلقائها القنبلة الذرية على اليابان و إحداث الفوضى الجيو سياسية في شبه الجزيرة الكورية.
اليوم أمريكا بقيادة “رجل التويتر” لا تكاد تجد من العقوبات الجديدة التي يمكن أن تفرضها على كوريا الشمالية بقيادة “رجل الصواريخ الصغير” غير أنْ تحظر على كوريا الشمالية أن تتنفس الأوكسجين من الهواء و تخرج ثاني أكسيد الكربون أو أن تحظر عليها شرب الماء. وزير الدفاع الأمريكي (ماتيس) أمس تحدث عن الذهاب تارةً أخرى إلى مجلس الأمن الدولي. إنها محاولة لذر الرماد في العيون و خداع الرأي العام الأمريكي و حلفاء أمريكا أن أمريكا لن تقف مكتوفة الأيدي أمام استفزازات كوريا الشمالية. هذا أقصى ما تستطيع أمريكا أن تفعله حيال كوريا الشمالية في مرحلة ما بعد نفاد “الصبر الإستراتيجي.” مو يا الشمالية التي لا تبدو أنها اكتفت بإطلاق الصاروخ الباليستي العابر للقارات أمسِ الأول و الذي حلق أعلى بكثير من كل صواريخها الباليستية السابقة و سقط في بحر اليابان مما جعل اليابان ترتجف من جديد، تنوي إطلاق التجربة النووية السابعة و إطلاق المزيد من نوعية الصاروخ الباليستي الذي أطلقته أمسِ الأول. كوريا الشمالية ليستِ العراق في عهد الراحل (صدام حسين) و جيران كوريا الشمالية الجنوبيون ليسوا جيران العراق.
كوريا الشمالية قارئة فذّة للخريطة الإقليمية و لذلك تدرك أن أمريكا لن تعطيَ حلفاءها سوى الكلام و أمام حلفائها نموذج (تايوان) قائماً الذي تخلت أمريكا عنها بسبب مصالحها مع الصين. تدرك كوريا الشمالية الآن بعد أن وجهت رسالتها المدوية لأمريكا أنها أصبحت دولة نووية بالكامل و أن أمريكا لن تجرءَ على مهاجمتها لأن صواريخها الباليستية موجهة على اليابان و كوريا الجنوبية و جزيرة (جوام) و ولاية كاليفورنيا. هذه الفرصة التاريخية الذهبية السانحة التي أعدت لها كوريا الشمالية منذ سنوات الإنفصال إبّان الحرب الباردة لتنتقم من أمريكا. إنها المنازلة الكبرى بين “رجل التويتر” و “رجل الصواريخ الصغير.”
هل أزفتِ الآزفة الكبرى بين “رجل التويتر” و رجل “الصواريخ الصغير؟”
التعليقات معطلة.