اخبار سياسية

هل اغتالت إسرائيل نصر الله حقاً؟

قد تكون صورة ‏‏‏شخص واحد‏، و‏لحية‏‏ و‏ابتسام‏‏

مقـالات

احمد حسين

العنوان تساؤل مضحك، أليس كذلك؟، نعم هو كذلك فحزب الله اللبناني أعلن في بيان رسمي أن عملية الاغتيال التي نفذتها إسرائيل ظهيرة يوم الجمعة في الضاحية الجنوبية بالعاصمة بيروت أدت إلى استشهاد الأمين العام للحزب حسن نصرالله، والحرس الثوري الإيراني أكد رسمياً استشهاد مساعد قائد عمليات الحرس الثوري وفيلق القدس بلبنان عباس نيلفروشان، وتحدثت مصادر ووسائل إعلام عن قادة آخرين لبنانيين وإيرانيين قضوا في هذه العملية، إذاً لماذا التشكيك؟.رغم كل هذه التأكيدات الرسمية من جهات رسمية وهي المعنية بهذا الشأن، ما زلت أفترض وجود شك بالموضوع؟، نعم، أليس من حق أي إنسان أن لا يصدق كل ما يتم طرحه في الإعلام، هل كل ما تعلن عنه أنظمة حاكمة أو تنظيمات سياسية أو تشكيلات عسكرية يجب أن يكون حقيقة مطلقة ولا نضع احتمال أنها تمارس تمويهاً مخابراتياً لحماية وجودها؟، خصوصاً إذا كانت مهددة أصلاً كوجود أو كمصالح مرتبطة بها؟، لا أظن أن لأحد الحق أن يسلبني هذا الحق.دعونا نفكر بعقلية هادئة متوازنة تشكيكية بعيداً عن التهم الجاهزة والحماسة العاطفية و”الشماتة”، منذ سنين طوال حزب الله يعتمد السرية المخابراتية وتضييق الدائرة حول قياداته خشية استهدافهم وكشف مخططاتهم، مما يعني أنهم بلا أدنى شك افترضوا سيناريوهات عدة ومن ضمنها نجاح محاولة اغتيال واحدة على الأقل، واختراقهم مخابراتياً ودس جواسيس في دوائرهم الضيقة، هل هذا الأمر مستبعد؟، من المستحيل قطعاً أن هذه السيناريوهات لم يتم طرحها، إذاً في حال تم طرح سيناريو اغتيال هرم قيادات الحزب وهو الأمين العام حسن نصرالله بكاريزميته المؤثرة داخل لبنان وخارجه، هل نستبعد أنهم طرحوا أيضاً ما هو الخيار الأنسب والأكثر خدمة لأهداف الحزب، هل تأكيد نجاح العملية ومقتل نصرالله أم نفي ذلك؟!.من الذي يجزم بنجاح عملية الاغتيال، كلمات أصدرها الحزب أم شيء ملموس يتمثل بجثمان نصرالله؟، طبعاً سيقال أن جثامين الجميع ما زالت تحت الأنقاض ولم يتم استخراجها وهذه العملية تحتاج إلى وقت لرفعها والوصول إلى جثث الشهداء، إذاً حتى ذلك الحين لا دليل ملموس على نجاح العملية، وفي حال تمت عملية رفع الأنقاض والوصول إلى الجثة ما هو موقفي؟، ببساطة ستكون قد مرت أيام وملامح الرجل تشوهت أو أنهم أصلاً لن يجدوا له جثة بسبب شدة الانفجار، وبالتالي لن تكون هناك جثة تؤكد مقتل الرجل، إذاً ما هو الدليل على مقتل نصرالله فعلاً؟، لا دليل.لماذا أنا أصلاً أفترض هذا الافتراض الذي قد يبدو مضحكاً للبعض؟، ببساطة لأن مقتل نصرالله سيغير بعض قواعد اللعبة:أولها: الأهوج المتهور نتنياهو سينتشي بهذا النصر ويدفعه غروره المجنون إلى توسيع دائرة الحرب والاستهدافات التي من غير المستبعد أن تشمل العراق واليمن وإيران في محاولة لجرّ الأخيرة إلى ساحة الحرب وهو ما تريده أميركا وبريطانيا وأوروبا عموماً، وبالتالي سيضع نتنياهو إسرائيل في دائرة إبادة تضيق شيئاً فشيئاً لتعدد جبهات القتال حتى وإن ساندتها أميركا وأوروبا اللتان لن تجازفا بحرب واسعة النطاق طويلة الأمد تستنزف الاقتصاد والدماء فجبهة أوكرانيا أرهقتهم منذ عامين ونصف العام ولم يحققوا أي تقدم.ثانيها: الرأي العام العالمي بدأت ضغوطه تتزايد على إسرائيل وعلى أنظمته الداعمة إلى إسرائيل بعد المجازر الدموية التي ارتكبتها في قطاع وغزة ومن ثم جنوب لبنان وبمقتل نصرالله ومن قبله رئيس المكتب السياسي لحركة “حماس” الفلسطينية إسماعيل هنية، من المفترض أن زعيميّ أخطر تهديدين رئيسيين لإسرائيل تمت تصفيتهما وبالتالي من المفترض أن تخفف إسرائيل من وتيرة جرائمها لكن هذا لم يحصل، ما يعني تزايد الضغوط بشكل أكبر.ثالثهما: وهو الأهم، بإعلان مقتل نصرالله من المفترض أن تخفف إسرائيل ومن خلفها أميركا وأوروبا جهودها المخابراتية بتجنيد العملاء بحثاً عن نصرالله مما يفسح له مجالاً أوسع للتحرك بحرية لأنه بالأساس لم يعد موجوداً.ربما يا عزيزي القارئ قد تكون اقتنعت بهذا الأسباب والمبررات نوعاً ما، أو على أقل تقدير جعلتك تشكك بما تم الإعلان عنه؟، وهدفي الأساس من هذا المقال هو زرع الشك فيك لسبب محدد وهو جملة في تقرير نشرته صحيفة “وول ستريت جنرال” الأميركية وهي “من المبكر القول إن مقتل نصرالله سيساعد أو يعرقل مفاوضات وقف إطلاق النار بين حزب الله اللبناني وإسرائيل”، هذا هو نص الجملة من دون زيادة ولا نقصان، عزيزي القارئ هذه الصحيفة “قدس الله سرها” هي مرجع صحفي عندما يذكرها بعض الصحفيين يجب أن يتوضأ لأهميتها، لكن في الحقيقة تقريرها بمجمله وهذه الجملة تحديداً هي مصداق لبيت الشعر الشهير “وفسر الماء بعد الجهد بالماء”، ومن منّا لم يدّر بخلده أن الحديث مبكر عن تأثير مقتل نصرالله على نجاح المفاوضات أو فشلها، رغم أنه على أرض الواقع إسرائيل لم توقف هجماتها وحزب الله كثف هجماته؟.عزيزي القارئ أنا شاكر لك لاستهلاك جزء من وقتك في قراءة هذا المقال حتى آخره، وأريد أن أقول لك، كل ما ذكرته مجرد افتراضات لا أكثر ولا أقل، لكن الهدف الأساس منها هو “وفسر الماء بعد الجهد بالماء”، لا تغرك الأسماء الرنانة في الصحافة والإعلام، أبحث عن المصداقية والمهنية ولا تصدق كل ما تسمع ما لم ترى بعينيك، أبحث عن وكالة أو قناة تلفزيونية أو “كروب” موثوق قبل أن تصدق، دقق في مصداقية ما يتم نشره وأحكم بنفسك هل ما تتابعه مصدر ثقة أم لا، وسائل إعلام عربية وغربية بارزة جداً تركز الآن على ما تقوم به الفصائل المسلحة العراقية من عمليات قصف لإسرائيل، نفس هذه الوسائل كانت لا تنشر شيئاً لعمليات هذه الفصائل إلا بشكل هامشي لكن منذ يوم السبت 28 أيلول/ سبتمبر بدأت تتحدث عن فصائل المقاومة العراقية ابتداءً ومن بعدها اليمن وإيران رغم أنها كانت في السباق تضع هذه الفصائل في آخر هذا الترتيب.وللشامتين أقول: الإناء ينضح بما فيه وما نضح منكم منذ بدء الهجمات الإسرائيلية على جنوب لبنان كان هو تفسير ومصداق لقصة “أبي بصير مع الإمام الصادق في موسم الحج”.