هل الامة على تخوم حالة انتظام تاريخية جديدة ؟

1

 
ا.د احمد القطامين
تنزلق المنطقة حثيثا باتجاه نقطة الحسم التاريخية، حيث ما سيتبع تلك النقطة يختلف كليا عما سبقها. ما يجري في المنطقة يمثل عملية انتظام تاريخية جديدة لها قواعدها ومعطياتها تقود الاحداث الى نقطة الحسم النهائية.
مر التاريخ العربي بثلاث نقاط انتظام تاريخية، بدأت الاولى عندما اقتحم هولاكو بغداد ودمرها واجتاح المنطقة العربية في قارة اسيا واخضعها لجبروت قوته الهائلة. كانت حالة الدولة العباسية تشبه الى حد كبير حالة الامة اليوم.. في قمة الانحطاط الحضاري والانساني والضعف على كافة المستويات، وكانت عملية الانتظام الاولى ضرورية لاخراج الامة من وضعها البائس وكان هوكو المحرك الاساسي لتلك العملية. كان ما قام به هولاكو من افعال وجرائم وقودا مهما لاستفزاز عناصر القوة الراكدة في الامة وهكذا جاءت معركة عين جالوت بقيادة سيف الدين قطز خلاصة نهائية حاسمة لعملية الانتظام التاريخي الاولى نتج عنها انهيار استراتيجي لكل ما مثله هولاكو من حالة.
ام نقطة الانتظام التاريخية الثانية فقد جاءت بينما كانت الامة قد دخلت في نفق مظلم خطير نتيجة لسيطرة الغرب على المنطقة فيما عرف بالغزوات الصليبية.. كانت الامة في حالة انهيار شامل تشبه الى حد كبير حالة الانهيار التي تعانيها اليوم. كان سلوك وافعال ملوك اوروبا في المنطقة المحتلة من ديار الامة استفزازيا ومهينا، وكان لابد لنقطة ما تفجر واقع الامة البائس.
ظهرصلاح الدين الايوبي لتجميع شتات الامة وخاض حربا طويلة دامية ضد جيوش الغزو الصليبي وتمكن من حسم الحالة في معركة حطين الفاصلة التي ادت الى الحاق هزيمة استراتيجية كبرى بجيوشهم، فحدثت حالة الانتظام التاريخية الثانية.
في الحقب الاولى للقرن العشرين الماضي اخذ الغرب الاستعماري يعد العدة لانهاء مرحلة الاستعمار المباشر للمنطقة، وذلك بانشاء نقطة ارتكاز استراتيجية يمارس من خلالها السيطرة على المنطقة دون ان يتواجد فيها مباشرة، وهكذا تم انشاء اسرائيل لتقوم بالدور الوظيفي المحدد لها. تكمنت اسرائيل بدعم متناهي من الغرب من الحاق هزائم كبرى بالدول العربية في عدة حروب تماما كما الحق هولاكو وكما الحق قادة الغزو الصليبي هزائم كبرى بالعرب، لا جديد في الصورة العامة لما حدث للعرب في كافة الحالات السابقة.
وبما ان ما تقوم به اسرائيل والغرب الان يشكل استفزازا كبيرا لمكونات الامة الداخلية، اذن لماذا لا يعتبر ما يجري الان انه حالة انتظام تاريخية جديدة في وجدان الامة، وهل هناك اكثر استفزازا للمشاعر الوطنية والقومية مما يجري فعلا.
اذن نحن على تخوم حالة انتظام تاريخية جديدة في حياة الامة، متى تصل الى نقطة الحسم ؟ الله اعلم ولكنها بالتاكيد انها وشيكة.
لاحظوا ان حالات الانتظام التاريخية التي حدثت كان يسبقها دائما قوى خارجية تقتحم المنطقة وتقتل بلا رحمة وتدمر كل شئ بما فيه وجدان الانسان العربية وكرامته الشخصية والقومية، وكانت – كما هو الحال الان – تقوى وتتعملق وتزدهر ومن ثم تطيح بها الامة وتصبح ذكرى في مجرى التاريخ.
فلا تيأسوا، ان الحق معكم دائما، والحق دائما ينتصر عندما تتحقق اللحظة التاريخية المناسبة..

التعليقات معطلة.