هل الرئيس هادي تحت الإقامة الجبرية؟

1

 

ياسين التميمي

تعالت الأصوات مؤخراً التي تنادي بتفسير واضح للوضع الذي يعيشه الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، الذي يتكرس أكثر من أي وقت مضى كرئيس سلطة منفية، في وقت تتهيأ فيه كل الظروف التي تمكنه من حكم بلده من العاصمة المؤقتة عدن، على مساحة تصل إلى نحو سبعين بالمائة من مساحة الدولة المشتعلة بالحروب منذ أكثر من ثلاثة أعوام.

يتحرك الرئيس هادي عبر العالم، ويشارك في المحافل الدولية كرئيس مطلق السراح، ولكنه في الحقيقة ليس كذلك، فحضوره مثقل بالقيود، ويعكس حاجة التحالف إلى إبقاء العالم موهوماً بأنه يقوم بمهمته العسكرية في اليمن تحت مظلة القرار 2216 وتأسيساً على المرجعيات الحاكمة لعملية الانتقال السياسي في اليمن.

بعد مشاركته في أعمال الدولة الـ 72 للجمعية العامة للأمم المتحدة، غاب الرئيس هادي عن الأنظار إلا من إطلالة له عشية الذكرى الـ 55 لثورة السادس والعشرين من سبتمبر عندما ألقى كلمة مقتضبة بالمناسبة وهو يستقل طائرته.

الأرجح أن الرئيس الذي لم يعد إلى الرياض حتى اللحظة، يخضع حالياً لعملية فحص طبية روتينية في أحد المستشفيات الأمريكية، فهو يعاني من مشاكل في القلب، كانت تأخذه سنوياً إلى مستشفى مايو كلينك.

كان الرئيس هادي قد أعلن أنه سيعود إلى عدن قادماً من نيويورك، لكن تساورني الشكوك بشأن ذلك، فكل شيء على حاله في عدن، وقصر المعاشيق المقر الرئاسي يخضع لسيطرة صارمة من جانب القوات الإماراتية على الرغم من أنباء كانت قد تحدثت عن أن القوات السعودية التي قدمت مؤخراً إلى عدن ستتولى حراسة المنشآت السيادية في إطار خطة لفض الاشتباك بين الحرس الرئاسي والنفوذ الإماراتي الذي تمارسه أبو ظبي عبر قواته المتواجدة في عدن وعبر التشكيلات العسكرية المناطقية والمنفصلة عن سيطرة الحكومة التي أنشأتها منذ دخولها إلى عدن في صيف 2105.

في الواقع لا يمكن الحديث عن وضعية الإقامة الجبرية فيما يخص الرئيس عبد منصور هادي، ولكن هذا الرئيس لا يمتلك القدرة على مغادرة الرياض باتجاه عدن، لممارسة صلاحياته والبرهنة على أنه صاحب الكلمة العليا في هذه المدينة وفي المساحة الجغرافية من الوطن، التي يقال إنها محررة.

في تقديري أن الرئيس هادي هو الذي يعطي الوضعية الحالية لإقامته في الرياض صفة التواجد المريح، ربما لأنه لا يمتلك خيارات فعالة لمواجهة الخطط الهادفة إلى تحجيم دوره، ويكتفي حالياً باستخدام صلاحياته لإعادة التوازن أو لفضح جانب من هذه المخططات، وهذا لوحده يتسبب في نتائج سلبية على دوره ونفوذه على الأرض.

لم يصل التحالف إلى مرحلة المفاصلة مع هادي، فهو لا يزال بأمس الحاجة إليه، وقد رأينا كيف اضطر مندوب الإمارات في مجلس حقوق الإنسان إلى التأكيد أن بلاده تدعم الشرعية، وهدفها هو إعادة السلطة الشرعية إلى البلاد.

جاء ذلك في سياق المعركة الحقوقية التي خاضها التحالف في مواجهة المشروع الهولندي الذي كان يرمي إلى اعتماد مجلس حقوق الإنسان قراراً بتشكيل لجنة دولية للتحقيق في مزاعم انتهاكات حقوق الإنسان في اليمن.

صحيح ان القرار ذهب لصالح إبقاء الأوضاع على ما كانت عليه، أي تمكين اللجنة الوطنية التي شكلها الرئيس هادي قبل عامين من القيام بدروها، الذي لا يبدو أنه يحظى بثقة المجتمع الدولي، ولكن القرار الجديد مثل نقطة تحول لأنه تضمن بنداً ينص على إرسال خبراء لمساعدة اللجنة الوطنية، وهو تطور غير مريح بالنسبة للتحالف.

إن أخطر ما يوجه السلطة الشرعية في اليمن في هذه الفترة هو هذا التلاقي في الأهداف بين أبو ظبي المناهضة للرئيس هادي، وبين الرياض التي تعيش مرحلة تحول دراماتيكية ومصحوبة بالجدل، وهدفه الأساس هو خلق واقع سياسي واجتماعي وثقافي جديد تتأسس عليه سلطة الأمير الشاب محمد بن سلمان، الذي بلغ مرحلة متقدمة من مسيرته الطموحة نحو العرش السعودي والإمساك بزمام دولة بالغة الأهمية في منطقتنا.

وهذا التلاقي هو الذي يهدد أحلام اليمنيين في استعادة دولتهم، ويكاد يسلمهم إلى مستقبل يكتنفه الغموض، وينطوي على احتمالات إبقاء البلاد في حالة تفجر دائم على وقد دورات عنف لا تنتهي.

التعليقات معطلة.