هل انهار الديمقراطيون بعد معركة الإغلاق الحكومي؟

3


24 – أبوظبي

في الرابع من نوفمبر (تشرين الثاني)، حقق الديمقراطيون أداءً أفضل من المتوقع في الانتخابات المحلية التي جرت في ولايات فرجينيا ونيوجيرسي ونيويورك، ما مثّل صفعة للرئيس الأمريكي بعد عام مليء بالتوترات الداخلية، وأعطاهم دفعة معنوية كبيرة مع اقتراب انتخابات منتصف الولاية المقبلة.

لكن بعد أيام قليلة فقط، بدأت موجة التفاؤل الجديدة تتلاشى، بحسب تقرير لصحيفة “إيكونوميست”، إذ انشقّ 7 من أعضاء مجلس الشيوخ الديمقراطيين، إضافة إلى نائب مستقل يصوّت عادةً مع حزبهم، وصوّتوا إلى جانب الجمهوريين لصالح مشروع قانون تمويل قصير الأجل ينهي أطول إغلاق حكومي في تاريخ الولايات المتحدة.

فشل مطالب الديمقراطيين
وبذلك لم يخرج الديمقراطيون بالكثير بعد مواجهة استمرت 40 يوماً، فمشروع القانون المؤقت، الذي أقرّه مجلس الشيوخ، يُبقي الحكومة الفيدرالية مفتوحة حتى 30 يناير (كانون الثاني). كما يُلزم الاتفاق الوكالات الفيدرالية بإعادة تعيين الموظفين الذين سُرّحوا خلال فترة الإغلاق، وضمان حصولهم على رواتبهم المتأخرة.

إلا أن مشروع القانون فشل في تلبية المطلب الأهم الذي تمسك به الديمقراطيون طوال فترة الإغلاق، وهو تمديد الاعتمادات الضريبية الخاصة بالرعاية الصحية التي تنتهي بنهاية العام.

وفي خطوة تهدئة، وعد زعيم الأغلبية الجمهورية في مجلس الشيوخ جون ثيون بعرض التصويت على تمديد تلك الاعتمادات الشهر المقبل، لكن المعارضة داخل مجلس النواب لهذا الإجراء تعني أن التصويت، إن تمّ فعلاً، سيُواجه على الأرجح بالفشل، بحسب التقرير.

وسيتوجّه مشروع القانون الآن إلى مجلس النواب للتصويت عليه خلال الأيام القليلة المقبلة. ويُتوقّع أن تكون نتيجة التصويت متقاربة نظراً للأغلبية الجمهورية الهامشية ومعارضة الديمقراطيين الشديدة للاتفاق.

وقال حكيم جيفريز، زعيم الأقلية الديمقراطية في المجلس، إنه سيرفض دعم مشروع القانون. لكنّ الرئيس دونالد ترامب منح الاتفاق دعمه قائلاً: “سنُعيد فتح بلادنا بسرعة كبيرة… الصفقة ممتازة”. كما أكد رئيس مجلس النواب الجمهوري مايك جونسون أنه يتوقع تمرير الاتفاق.

حسابات سياسية
تغيّرت الحسابات السياسية لمجموعة الديمقراطيين الثمانية المنشقين مع تفاقم الأضرار الاقتصادية والفوضى الناجمة عن الإغلاق. فقد أصدرت الحكومة أوامر بتقليص الرحلات الجوية لأسباب تتعلق بالسلامة، ما أدى إلى تأخيرات هائلة يُتوقع أن تزداد سوءاً مع اقتراب عطلة عيد الشكر.

وفي الوقت نفسه، حاول ترامب مراراً وقف تمويل “برنامج المساعدات الغذائية التكميلية” المعروف باسم “بطاقات الطعام”، الذي يقدّم مساعدات غذائية لأكثر من 40 مليون شخص.

كما لجأت الإدارة إلى تحايلات مالية مثيرة للجدل وربما غير قانونية لتقويض استراتيجية الديمقراطيين ونفوذهم السياسي، إذ استمر أفراد القوات المسلحة في تقاضي رواتبهم بينما تمّ تجميد مليارات الدولارات من التمويل المخصص للمدن والولايات التي يديرها الديمقراطيون، بحسب التقرير.

وقال السيناتور المستقل من ولاية مين، أنغوس كينغ، الذي قاد المفاوضات لإنهاء الإغلاق، إن “التصدي لترامب لم ينجح، بل منحه مزيداً من القوة”.

وأظهرت معظم استطلاعات الرأي أن الرأي العام حمّل الجمهوريين المسؤولية الأكبر عن الجمود السياسي. لكن ترامب أقرّ ضمناً بذلك حين ألقى باللوم على الإغلاق في النتائج السيئة للجمهوريين في الانتخابات الأخيرة.

انشقاقات ديمقراطية
ومع ذلك، واصل الجمهوريون استراتيجيتهم في استمالة عدد كافٍ من الديمقراطيين المعتدلين مع تزايد كلفة الإغلاق، بحسب ما نقل أحد مساعدي الحزب الجمهوري البارزين.

يبدو أن هؤلاء الديمقراطيين المنشقين لم يكن لديهم الكثير ليخسروه، إذ إن أياً منهم لا يخوض انتخابات إعادة العام المقبل، فيما يعتزم اثنان منهم التقاعد.

وأثار تراجع الديمقراطيين غضباً واسعاً داخل قواعد الحزب، في مشهد يعيد إلى الأذهان انتقادات “حركة حزب الشاي” ضد زعماء الجمهوريين قبل أكثر من عقد.

فقد دعا بعض الناشطين التقدميين ونواب الحزب إلى استقالة زعيم الديمقراطيين في مجلس الشيوخ تشاك شومر، رغم أنه صوّت ضد إنهاء الإغلاق. وكتب النائب الديمقراطي عن كاليفورنيا رو خانا على وسائل التواصل الاجتماعي قائلاً: “السيناتور شومر لم يعد فعالاً ويجب استبداله”.

حتى المعتدلون أعربوا عن استيائهم من التراجع وانهيار الانضباط الحزبي. ووصف حاكم كاليفورنيا غافين نيوسوم، الذي يُرجَّح أن يترشح للرئاسة، الموقف بأنه “مثير للشفقة”.

ومع ذلك، لا يزال شومر يحتفظ بدعم معظم أعضاء حزبه في الوقت الحالي، لكن من الواضح مرة أخرى أنه، قبل أن يتمكّن الديمقراطيون من مواجهة الرئيس، عليهم أولاً أن يتصالحوا مع أنفسهم، كما يشير التقرير.

التعليقات معطلة.