هل تبدّدت فرص رئيسي بخلافة خامنئي؟

1

مع انتخاب ابراهيم رئيسي رئيساً لإيران العام الماضي، سادت تحليلات بأنه قد يخلف المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي، ولكن بعد مرور عام على رئاسته، تتزايد الانتقادات له بأنه منفصل عن الملفات الحساسة التي استهلكت معظم ولايات أسلافه. وهذا ما يثير تساؤلات عن فرصه لتولي منصب المرشد.

وعندما تولى رئيسي الرئاسة، كان لا يزال رئيساً للسلطة القضائية-وهو أول مسؤول إيراني يتولى منصبين حكوميين في وقت واحد، الرئاسة والقضاء.

 وفي هذا الإطار، كتب مدير السياسات في مؤسسة “متحدون ضد إيران نووية” جايسون برودسكي في مجلة “ناشونال إنترست” أن صعوده يذكر بمسار خامنئي نفسه من الرئاسة إلى منصب المرشد الأعلى، ولكن بعد سنة من الحكم، من الواضح أن الزخم السياسي الذي أوصله إلى الرئاسة بات عبئاً عليه.

متاعب
وتنقسم متاعب رئيسي إلى ثلاث فئات: هجمات يتعرض لها من المحافظون المتشددون، وإخفاق في تلبية الطموحات الاقتصادية، ودراما حكومية. ووجهت العناصر المحافظة في المؤسسة السياسية الإيرانية، التي يتحدر منها رئيسي، انتقادات إلى أدائه على مدى العام الماضي.

ويقول المنتقدون إن حكومته ضعيفة. ويشكو السياسيون المحافظون من أن رئيسي لا يفهم أساسيات الاقتصاد، بينما يتصاعد الجدل بين رئيس مجلس الشورى محمد باقر قاليباف والرئيس. وهناك منتقدون آخرون لرئيسي من أمثال رئيس تحرير صحيفة “جمهوري إسلامي”، يدعون الرئيس إلى الاستقالة إذا لم يكن قادراً على حل المشاكل الإقتصادية.

ويبدو أن وعود رئيسي بتوفير مليون وظيفة سنوياً وخفض التضخم وتحقيق نمو بنسبة 8 في المئة- بعيدة المنال. وبلغت نسبة البطالة بين الإيرانيين الذين تتراوح أعمارهم بين 18 عاماً و35 عاماً 16.6 في المئة في الربع الأول من روزنامة السنة الإيرانية، مما يشكل زيادة سنوية بنسبة واحد في المئة.

وتوجب على وزير العمل والرفاه والشؤون الإجتماعية حجة الله أبوالمالكي الاستقالة في يونيو(حزيران)، كي يتجنب حجباً للثقة عنه في مجلس الشورى. ويدرس المجلس حجب الثقة عن وزراء آخرين بينهم وزيرا الصناعة والإقتصاد.

السياسة الخارجية
ولم يكن سجل رئيسي على صعيد السياسة الخارجية بأفضل حالاً. وخلال المناظرات الرئاسية عام 2021، أبدى رئيسي دعمه للعودة إلى الاتفاق النووي لعام 2015، مفترضاً أن إيران تحتاج إلى “حكومة قوية” لفعل ذلك. لكن العودة إلى الاتفاق النووي ليس في يده. وهذه صلاحية القائد الأعلى، بينما الرئيس هو منفذ وذو تأثير هامشي في هذا المجال. وحتى الآن لا يبدو أن خامنئي مهتم بالعودة إلى الإتفاق النووي وفق شروط معقولة.
وعلى رغم ذلك، اختار رئيسي الإبتعاد عن التدخل في الملف النووي على عكس سلفه حسن روحاني، الذي كان يجتمع مع المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية عندما كان يزور طهران، وهو ما لم يفعله رئيسي. وعوض ذلك، فهو يعتمد على نائبه الأول ورئيس هيئة الطاقة الذرية الإيرانية ووزير الخارجية للقيام بهذه المهمة.

وينطبق الأمر نفسه على الممثل الأعلى للإتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية جوزيب بوريل. وكان روحاني يجتمع إلى فيديريكا موغيريني التي سبقت بوريل في المنصب، بينما ليس ثمة دليل علني على أن رئيسي التقى بوريل خلال زيارته الأخيرة لإيران.

والتقى المسؤول الأوروبي أمين مجلس الأمن القومي علي شمخاني، الذي يضطلع بدور ديبلوماسي أوسع في المفاوضات النووية، مما كان يفعل إبان رئاسة روحاني. وعندما كان الوفد الإيراني في فيينا، غرد شمخاني، أن الوفد يطلعه على سير المفاوضات.

هذا لا يعني أن رئيسي لا يجتمع مع المسؤولين الأجانب، فهو التقى مراراً الرئيس الروسي فلاديمير ، لكنه يتجنب الزعماء الغربيين.

لا رئيس خرج سالماً
منذ تسلم خامنئي منصب المرشد الأعلى عام 1989، لم يخرج رئيس إيراني من الرئاسة سالماً. كلهم تركوا مناصبهم إما منشقين أو مطرودين أو قليلي الشأن. ورئيسي ينتظر دوره.

حتى الآن، لم ينتقد خامنئي رئيسي علناً. وفي واقع الأمر، فإنه يكيل المديح له، ووصفه أمام الرئيس السوري بشار الأسد بأنه “نابض بالحياة”.
ولكن عدم توجيه خامنئي انتقادات يمكن أن يتغير مع المهمة التقليدية الملقاة على عاتق الرئاسة وهي تحمل كل المسؤولية والمحاسبة في النظام السياسي الإيراني من أجل حماية المرشد الأعلى ومصالحه. وهذا يعني أن خامنئي اختار رئيسي للرئاسة لأنه يثق بقيادته لمرحلة انتقال هادئة نحو خليفة آخر للمرشد الأعلى قد يكون نجله المؤثر مجتبى خامنئي.

ومع ذلك، يبقى رئيسي شخصية متقدمة لمنصب المرشد، وهناك مؤشر على أن بعض الشخصيات الأمنية المرتبطة به قد فازت بصراع على المناصب مؤخراً. وقد نجح وزير الإستخبارات الذي يؤيده رئيسي، في الدفع نحو تنحية حسين طيب، المقرب من مجتبى خامنئي، كرئيس لإستخبارات الحرس الثوري. لكن أداء رئيسي خلال السنة الأولى من ولايته تثير بالتأكيد علامات استفهام.

التعليقات معطلة.