هل تحظى مصر بدور أكبر في السودان؟

1

 المصدر: النهار العربي

أسعد عبود

أسعد عبود

السيسي مستقبلاً البرهان في العلمين. (أ ف ب)

بعد زيارة قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان لمصر ولقائه الرئيس عبد الفتاح السيسي في مدينة العلمين، هل تقوى حظوظ المساعي المصرية لإيجاد حل سلمي للحرب الدائرة منذ 15 نيسان (أبريل) الماضي؟ ما استدعى هذا السؤال، هو أن مصر هي الأكثر قرباً من السودان وتعطي أولوية لحل تفاوضي، وهي استضافت الشهر الماضي مؤتمراً لدول الجوار السوداني، وأطلقت مبادرة تستند أولاً وقبل كل شيء إلى وقف دائم لإطلاق النار. كذلك كانت القاهرة منصة لحراك القوى السودانية المدنية المطالبة بوقف فوري للحرب، والانتقال بعدها إلى البحث في الصيغ التي يمكن أن تنقل السودان إلى مرحلة الهدوء والتفكير بحل تفاوضي. وتخشى مصر تدفق المزيد من اللاجئين السودانيين إلى أراضيها، وتدرك أن السبيل إلى ذلك لن يتحقق إلا إذا توقفت الحرب. ولا بد من التوقف بعض الشيء عند دلالات زيارة البرهان. فهي تؤشر إلى أن الضغط ربما يكون قد خف على الجيش السوداني في الخرطوم، الأمر الذي مكّن البرهان من السفر إلى بورتسودان ومنها إلى مصر، في أول رحلة له إلى الخارج منذ بدء الحرب. وعلى هامش زيارة البرهان، طرح الأخير تشكيل حكومة وطنية تحظى بموافقة القوى السياسية بالسودان تعمل خلال فترة انتقالية تراوح من 9 أشهر إلى 18 شهراً، كما تشمل حظر أي مجموعات مسلحة. وكان لافتاً في موقف البرهان استبعاده فكرة عودة النظام السابق، لأنه يعرف حساسية القاهرة حيال ذاك النظام الذي كان الإسلاميون يسيطرون عليه. ومع انطلاق البرهان في جولات ميدانية على مواقع الجيش السوداني في مناطق متفرقة من العاصمة قبل زيارة مصر، أطلق قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو “حميدتي” هو الآخر “مبادرة سياسية شاملة” للحل تستند إلى “نظام ديموقراطي فيدرالي حقيقي”. إطلاق الخصمين المتحاربين لمبادرات لا يعكس بالضرورة أية نية حقيقية لديهما لوقف الحرب. والحديث عن السلام والاستعداد للبحث عن حلول سياسية، لا يعدو كونه من قبيل استرضاء الأطراف المحلية والإقليمية والدولية، التي تلح على ضرورة وقف القتال. الحرب فرضت وقائع جديدة مؤلمة على الأرض. الخرطوم تحولت إلى ساحة للهجمات المتبادلة بين الجيش وقوات الدعم السريع. ودارفور عادت مسرحاً لارتكاب الفظائع التي سبق وأن شهدتها في العقد الأول من القرن الحالي، وسرعان ما اتخذ النزاع وجهته القبلية. وضراوة القتال تطغى على أي فرصة لنجاح أية مبادرات للتسوية. وعندما يقول البرهان إنه لا يقاتل من أجل الاحتفاظ بالسلطة، أو عندما يقول “حميدتي” إنه يقاتل من أجل سودان ديموقراطي، يصعب أخذ كلامهما على محمل الجد، في وقت اندلعت الحرب بسبب طموح الرجلين إلى الموقع الأول في السودان. إن حدة الصراع الآخذة في التصاعد، تصعّب على القوى الإقليمية والدولية مهمة الانخراط في جهود دبلوماسية فعلية. وعلى سبيل المثال صدر عن محادثات جدة التي حضرها ممثلون عن طرفي القتال أكثر من 12 اتفاقاً لوقف النار، لم يصمد أيٌّ منها أكثر من 24 ساعة. والمسؤولون الأميركيون والسعوديون الذين كانوا يرعون المحادثات، وصلوا إلى اقتناع بأن لا البرهان ولا “حميدتي” يريدان وقف الحرب. وكان هذا سبباً رئيسياً في وقف محادثات جدة. لا تخفي الأمم المتحدة قلقها من أن الحرب والجوع يهددان بتدمير السودان بالكامل ودفع المنطقة إلى كارثة إنسانية. وثمة نحو 4.6 ملايين مشرد بين الخارج والداخل. ومنظمات الإغاثة غير قادرة على القيام بالمسؤوليات الملقاة على عاتقها بسبب مواصلة المعارك. هل شكلت هذه الكارثة التي تلم بالسودانيين، دافعاً للبرهان و”حميدتي” لإطلاق مبادرات؟ إن الرؤيتين المتناقضتين اللتين يطرحهما البرهان و”حميدتي” للحل، ستبقيان بلا مضامين حقيقية، إن لم تترجما وقفاً فورياً للقتال. وهذا ما يبدو بعيداً عن التحقق.

التعليقات معطلة.