لم يعد بلوغ الخامسة والستين إشارة للانتقال إلى حياة هادئة؛ إذ يكشف تقرير جديد عن تزايد شريحة من البريطانيين الذين يفضلون مواصلة العمل في السبعينيات والثمانينيات من العمر، بحثاً عن حياة أطول وصحة أفضل. وفقاً لصحيفة «التايمز».
وبحسب تقرير لشركة الرعاية الصحية «بوپا» (Bupa)، فإن ربع من تجاوزوا الخامسة والخمسين يرون أن العمل بعد سن التقاعد يساعد على إطالة العمر، فيما يشير نصفهم إلى أن الاستمرار في الوظيفة يبقي عقولهم أكثر نشاطاً ويحد من خطر العزلة والخرف.
شدد تشارلي مايفيلد، الرئيس السابق لشركة «جون لويس»، على أن الاحتفاظ بالكوادر الأكبر سناً ليس فقط منطقياً اقتصادياً، بل ضروري لدعم النمو مع تقدم أعمار السكان. وقال في مراجعة حكومية إن خروج من تجاوزوا الخمسين من سوق العمل بسبب أمراض العظام والعضلات يمثل تحدياً يجب معالجته: «الكثير من هؤلاء هم الأكثر خبرة ومهارة، وخسارتهم تعني خسارة موارد ثمينة للاقتصاد».
التقرير، الذي أُعد بالتعاون مع مؤسستي «الصحة» و«العمل»، أظهر أن نحو 13 في المائة ممن تجاوزوا الخمسين عادوا بالفعل إلى سوق العمل بعد التقاعد، فيما عبر واحد من كل خمسة عن رغبته في القيام بذلك مستقبلاً. وأشار المشاركون إلى تحسن في صحتهم النفسية والجسدية.
ومن الأمثلة اللافتة، جون شيبتون (94 عاماً)، الذي يعمل ثلاثة أيام أسبوعياً على صندوق الدفع في أحد متاجر الطعام بمدينة إكستر، بعدما عاد إلى سوق العمل وهو في الثمانين من عمره. ويقول: «متعة العمل والتفاعل مع الآخرين هي ما تدفعني للاستمرار».
الدكتور ريكس فان، المتخصص في علم السلوك بـ«بوپا»، أوضح أن تحدي الدماغ ذهنياً عبر العمل «يقوي المسارات العصبية ويخفض خطر الإصابة بألزهايمر»، مشبهاً الدماغ بـ«عضلة تزداد قوة كلما تم تدريبها».
أكد كارلوس جاوريغويزار، الرئيس التنفيذي لـ«بوپا»، أن «بناء مستقبل عمل أكثر صحة واستدامة يتطلب شراكة بين الحكومة وأصحاب الأعمال والموظفين ومقدمي الرعاية الصحية»، لافتاً إلى أن السياسات المهنية يجب أن تراعي احتياجات القوى العاملة المتقدمة في العمر.
أما بن هاريسون، مدير «مؤسسة العمل» بجامعة لانكستر، فدعا إلى ابتكار أدوات جديدة مثل الإجازات الممتدة (Sabbaticals) ودعم تغيير المسارات المهنية لكبار السن، خصوصاً في المناطق الصناعية التي يواجه فيها العمال أعمالاً بدنية مرهقة دون بدائل مناسبة.