هل تستمر حرب غزّة حتى أكتوبر 2026؟

2

هذه ليست المرّة الأولى التي تتضارب فيها التصريحات قبل أن تنهار مساعي وقف النار في غزّة.

جاد ح. فياض

المصدر: النهار

احتمال استمرار الحرب في غزّة حتى تشرين الأول/أكتوبر عام 2026 ليس مستبعداً، في ظل مؤشرات تشي بأن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ليس في وارد إنهاء الحرب والتوجّه نحو المساءلة السياسية والقانونية، رغم تضارب التصريحات والتقارير عن احتمال اقتراب موعد التوصّل لصفقة، يضعها مراقبون في إطار تضييع الوقت والمراوغة.

الوسطاء يتحدثون عن مفاوضات غير مباشرة جارية، ويشيرون إلى أن التوصّل إلى اتفاق قد يحتاج وقتاً، فيما مبعوث الرئيس الأميركي ستيف ويتكوف يتحدّث عن اتفاق قريب جداً. هذه ليست المرّة الأولى التي تتضارب فيها التصريحات قبل أن تنهار مساعي وقف النار في غزّة، فيكون المراد منها مضيعة الوقت من جهة، ورمي مسؤوليات العرقلة على أطراف بعينها من جهة أخرى.

 

ممر موراغ
وفق تصريحات ويتكوف، فإن عراقيل التوصّل لاتفاق تراجعت من 4 إلى 1، والنقطة الخلافية اليوم هي معبر موراغ، الذي تصر إسرائيل على الاحتفاظ بالسيطرة عليه، نسبةً لموقعه الاستراتيجي بين رفح وخان يونس. وقد اعتبر نتنياهو أن المنطقة، التي يُطلق عليها الآن “ممر فيلادلفيا الثاني”، ضرورية لاستراتيجية إسرائيل لتقسيم قطاع غزة والضغط على “حماس”، وفق “يديعوت أحرونوت”.

الصحيفة العبرية تكشف مخطط إسرائيل لبناء “مدينة إنسانية” جنوب الممر مباشرة على أنقاض رفح لإيواء النازحين الفلسطينيين وعزلهم عن عناصر “حماس”، وتقول الحكومة الإسرائيلية إنها ستحتفظ بالسيطرة العسكرية على الممر لفحص المدنيين العائدين والحفاظ على منطقة عازلة، لكن بعض المحللين يعتبرون هذا الممر ذريعة لتطيير مساعي التوصّل لصفقة في غزّة.

 

مراوغة للمراوحة

المتخصص في الشأن الإسرائيلي محمد دراغمة يضع التضارب الحاصل بالتصريحات والتقارير عن اختلاف الرؤى بين الإدارتين الأميركية والإسرائيلية بشأن غزّة في سياق عمليات التفاوض ومحاولات “كسب المزيد من الوقت” للضغط على “حماس” من أجل تحسين ظروف الاتفاق، ومحاولة إعطاء انطباع بأنهم “جادّون”، مع رمي كرة الفشل في الساحة الفلسطينية.

لكن رواية اختلاف وجهات النظر الحادّ بين نتنياهو والرئيس الأميركي دونالد ترامب، ووصول المسألة إلى عرقلة الاتفاق، غير مفهومة عند الكثير من المتابعين، لكون الرؤى متقاربة، وترامب قادر على إنهاء الحرب. وبتقدير دراغمة “لو كان ترامب جاداً في التوصّل إلى وقف الحرب لضغط على نتنياهو، انطلاقاً من أن إسرائيل لا يمكنها الاستمرار بالحرب من دون الدعم الأميركي السياسي والعسكري”.

 

دبابات في محيط غزّة (أ ف ب).

 

عاملان أساسيان يقفان خلف تردّد نتنياهو وترامب في اتخاذ قرار وقف الحرب، الأول مرتبط بمستقبل نتنياهو السياسي، في ظلّ المحاكمات القضائية والمحاسبة السياسية، والثاني هو استمرار وجود “حماس” -وإن بشكل سياسي وشعبي- بعد تدمير قدراتها العسكرية. وبحسب دراغمة، فإن الطرفين الأميركي والإسرائيلي يريدان “القضاء” على الحركة، ويماطلان من أجل تحقيق هذا الهدف.

أما في ما يتعلق بمستقبل نتنياهو، فبات من الواضح أن المعارضة غير قادرة على فرط عقد الكنيست والتوجّه نحو انتخابات مبكرة، لكون نتنياهو “يمتلك تحالفاً قوياً” برأي دراغمة، وهذا التحالف يدفعه إلى التشدّد أكثر بمواقفه للحفاظ عليه، لكون أي اتفاق مع “حماس” قد يؤثّر على تماسكه ودعمه لنتنياهو؛ وبالتالي التمسّك بالحرب والقضاء على “حماس” جزء من حفاظ نتنياهو على ائتلافه مستقبله السياسي.

ربطاً بما سبق، وبحال لم يستجد متغيّر يفرض مسارات أخرى، فإن الخلاصة تقول إن نتنياهو “يريد استمرار الحرب” حتى موعد الانتخابات الإسرائيلية المقبلة، أي أكتوبر 2026، بحسب دراغمة، الذي يقول إن الحرب قد لا تستمر بشكلها الحالي، وقد لا يكون ثمّة عمليات بحجم ما يجري اليوم، لكن حالة الحرب قد تستمر حتى يضمن نتنياهو تحقيق عدد من أهدافه وبقائه في السلطة.

في المحصلة، فإن لا بوادر حقيقية على انتهاء الحرب في غزّة والتوصّل لوقف للنار؛ والمراوغة الحالية هي جزء من المراوحة المستمرة منذ أشهر لضمان استمرار القتال، وبالتالي ضمان مستقبل نتنياهو في السياسة، إلّا إذا طرأت تبدّلات على المشهد وقلبت ميزان القوى، ودفعت بنتنياهو نحو انتخابات مبكرة، وعندها لكل حادث حديث.

التعليقات معطلة.