هل تصبح التكنولوجيا عنصراً مهما في حياة المكفوفين؟

1

في عالم تكتسب فيه التكنولوجيا مساحات جديدة كل يوم، يمكن قراءة مقولة هيلين كيلر “المشي مع صديق في الظلام خير من أن تمشي وحدك في الضوء”، بطريقة مختلفة يعبر فيها الظلام عن حالة ذات طبيعة خاصة عند من فقد البصر كلياً أو جزئياً، ويتحول الصديق إلى تقنيات حديثة تساعد في إنارة الطريق من تطبيقات صوتية إلى نظارات تساعد ضعاف البصر، وساعات تستخدم الصوت أو تقنية برايل.

وخلال المؤتمر السنوي للدول الأطراف في اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة الذي استضافه مقر الأمم المتحدة في نيويورك في حزيران (يونيو) الجاري، تم دراسة كيفية تحويل التكنولوجيا إلى جزء من آليات تطبيق شعار “لا تترك أحد في الخلف”، تنفيذاً للاتفاقية التي دخلت حيز التنفيذ في العام 2008.

المؤتمر الذي تناول أهمية الشراكة بين القطاع العام والخاص من أجل تعزيز الاتفاقية عقد بعد أقل من شهر من الاحتفال بحدث أخر شديد الأهمية في تمكين ذوي القدرات الخاصة وهو يوم الإتاحة العالمي. ويهدف يوم الإتاحة للتوعية بضرورة وصول ذوي الاحتياجات الخاصة للتقنية، ويتم الاحتفال به عالميا من قبل العديد من الهيئات والمؤسسات، والشركات العاملة في مجال التكنولوجيا ومنها شركة آبل، التي أكد رئيسها التنفيذي توم كوك، أن توفير منتجات قابلة للإتاحة هو هدف آبل الأساسي، وأعلن 2018 عام الإتاحة التعليمية، وضمت مصر للاحتفال من خلال ورشة عمل أقامتها شركة “تريد لاين” الموزع الرسمي لمنتجاتها في مصر.

الإتاحة بين الفكرة والتطبيق

أكدت اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، أهمية اتخاذ الدول الأطراف التدابير المناسبة لضمان الحق في الوصول إلى البيئة المادية المحيطة ووسائل النقل وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات والمرافق والخدمات الأخرى المتاحة للجميع، مع التأكيد على التعليم وغيره من الحقوق المهمة من أجل تمكين ذوي القدرات الخاصة والتوعية بهم في المجتمع.

ويعد الاحتفال باليوم العالمي للإتاحة الذي يوافق يوم الخميس الثالث من أيار (مايو) من كل عام، آلية من آليات الوصول وتوعية المجتمع بأهمية وصول ذوي الاحتياجات الخاصة لكل ما هو رقمي مثل الإنترنت والبرمجيات والمواقع والتليفونات، وفقا لموقع “اليوم العالمي للإتاحة” على الإنترنت. وفي العام2018، تم الاحتفال بالمناسبة في17 دولة من بينها مصر التي عقد فيها للمرة الأولى، حسبما أشار محمود محمد، رئيس قسم التنمية البشرية في شركة “تريد لاين”، ومشارك رئيس في تنظيم ورشة العمل التي جاءت ضمن مبادرة “آبل” الخاصة بالتركيز على التعليم.

التكنولوجيا وإضاءة الطريق 

على رغم أهمية البنية التحتية المادية في تمكين ذوي الاحتياجات الخاصة، بخلاف التعليم في تحسين فرص العمل ومواجهة حقيقة أنهم يشكلون 15 إلى 20 في المئة من أفقر الأفراد في البلدان النامية، وفقاً للبنك الدولي، يظل الوصول للتكنولوجيا عنصراً شديد الأهمية بعدما تحولت إلى وسيلة مهمة للتعليم والعمل، إلى جانب ما تقدمه من تطبيقات تسهل الحياة وفرص المشاركة.

يصبح حديث شادي، طالب التجارة الذي فقد بصره في حادث، عن أهمية منتجات “آبل” الصوتية وكيف أن خدمات مثل Siri وVoiceOver قدمت شعاع نور وفرصة للحياة، شديد الأهمية في توضيح دور التكنولوجيا وتأثيرها في الحياة مع الإعاقة. وخلال ورشة العمل التي عقدت في مصر، تحدث المهندس مصطفي رضا، المدرب بشركة تريد لاين والمسؤول الرئيس عن تنظيم الورشة، عن تجربة شادي، الذي بدأت علاقته بالشركة العام 2015، وكيف ينافس في ألعاب ويستخدم برامج معقدة وغيرها من الخبرات التي رتبت علاقة تبادلية وتعليمية من أجل تسهيل استخدام الأجهزة والبرامج لذوي الاحتياجات الخاصة.

تحول شادي إلى حالة ملهمة خلال خلفية ورشة العمل التي ركزت على ذوي الاحتياجات الخاصة البصرية، اتساقا مع موقف آبل والمبادرات التي تقدمها ومنها إعلان توم كوك عن مشاركة الطلاب من ذوي القدرات الخاصة في جهود الترميز تحت شعار “كل شخص يمكن أن يشارك”، كما أكد علاء ياسين، مدير قسم الدعم الفني بالشركة.

يتداخل شعار “كل شخص يستطيع” مع شعار الأمم المتحدة “لا تدع أحد في الخلف”، ويوضح كيف يمكن أن تساعد التكنولوجيا، عبر التطبيقات والتعليم وفرص المشاركة، في تحويل ذوي الاحتياجات الخاصة من مستهلكين للتكنولوجيا إلى مشاركين في صناعتها، وفي تحقيق أهداف اتفاقية الأمم المتحدة.

الشراكة من أجل الإتاحة

تؤكد اتفاقية الأمم المتحدة ويوم الإتاحة العالمي على أهمية التوعية التي تتجاوز تعريف ذوي الاحتياجات الخاصة بما لهم من حقوق وفرص، إلى تعريف المجتمع وضمان مشاركته في تحقيق تلك الأهداف. هنا تبدو أهمية الورشة التعليمية، التي شارك فيها 30 من فاقدي البصر، في تفعيل المشاركة بين شركة تريد لاين، ومدرسة “سمارت فيلج” التي استضافت الحدث، والمؤسسات المشاركة بحكم علاقتها برعاية المكفوفين، وعضو مجلس النواب خالد حنفي، من ذوي الاحتياجات الخاصة. حيث تساهم هذه الشراكة في التوعية من خلال التغطية الإعلامية التي يزيد منها إعلان الشركة عن خصومات لذوي الاحتياجات البصرية في خطوة تدمج بين التعليم وفرصة الحصول على الأجهزة والتطبيقات، أو التمكين عبر الإتاحة التقنية التي تجمع بين توفير المعلومة والجهاز أو التطبيق المطلوب.

من الأفكار التي تسمح بمشاركة مجتمعية فعالة يشير مهندس مصطفي إلى تطبيق “Be My Eye”، والذي يقوم على التطوع من أجل مساعدة شخص كفيف أو ضعيف النظر قد يحتاج للتأكد من صلاحية طعام، أو تناسق الملابس وغيرها، من خلال التواصل عبر الكاميرا، هذه الخدمة التي لا تحتاج للكثير من الوقت تعنى الكثير لمن يحتاج إليها، وكما يروج للتطبيق على موقعه على الإنترنت “يوفر البصر لمن حرم منه”.

ويمثل الاحتفال الأول في مصر خطوة مهمة في جهود دعم ذوي الاحتياجات الخاصة، وتعريف عدد أكبر منهم ومن المجتمع بفكرة الإتاحة، ومعها التعريف بالتطبيقات القائمة، والجهود والخبرات المتوافرة من أجل تحسين الحياة، وخصوصاً العنصر البشري الذي يقدم تلك الخدمات، ومعها فرص أفضل للتواصل مع الحياة، أو صديق وسط الظلام.

التعليقات معطلة.