كتب / محمود الهاشمي
تعالت أصوات الرد ب(الرفض) من قبل المسؤولين في مملكة الأردن وفي مصر ضد إعلان الرئيس الاميركي (ترامب )بتهجير شعب غزة إلى الأردن ومصر ..
قبل الإعلان كان ترامب قد استثنى (مصر )من قرار تعليق المساعدات الأميركية أسوة باسرائيل فيما لم يستثن الأردن رغم ان العلاقة الأمريكية الأردنية اكثر عمقا واطول عمرا
ورغم ان المساعدات إلى الأردن اغلبها في الجوانب (الإنسانية )من غذاء وماء وخدمات وتدريب وغيرها ..
مصر (غارقة )بالديون ووصل الأمر بيع (الأصول ) فيما المساعدات الأمريكية محصورة بالجانب العسكري خاصة وان مصر محاطة بتحديات أمنية من جميع حدودها مع الدول الأخرى (اسرائيل -السودان -ليبيا-)
ناهيك عن أزمة (الماء)المستدامة مع إثيوبيا .
صحيح أن الشعب المصري يتفاعل مع القضية الفلسطينية وطالما كانت له تضحيات على هذا الطريق ويرى في تهجير الشعب الفلسطيني (أزمة إنسانية )تضاف إلى أزمات الشعب التي رافقته على مدى سنوات الاحتلال الصهيوني لأرضه،
ناهيك انها تثقل على مصر كدولة لديها أزمات كثيرة.
مصر لم تستطع أن تقاوم الضغط الأمريكي وزيارات (بلينكن)لمرات إلى القاهرة والتأكيد بضرورة السماح لاسرائيل باحتلال معبر (رفح )
حيث وبعد عدة أشهر من التحذيرات والرفض المصري لأي عملية عسكرية إسرائيلية في مدينة رفح أو محور فيلادلفيا، أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي صباح يوم ٧-٥-٢٠٢٤ الثلاثاء الموافق سيطرته على معبر رفح، الذي يربط مصر بقطاع غزة.
وبذلك تكون قوات الاحتلال قد توغلت في محور صلاح الدين “فيلادلفيا” -لأول مرة منذ انسحابها من قطاع غزة منتصف أغسطس/آب 2005-
الجميع يعلم حجم الألم الكبير والمعانات التي سببها احتلال الجيش الصهيوني لهذا المعبر .
وحتما فان أوراق امريكا على مصر كثيرة بالشأن الاقتصادي فحتما المساعدات العسكرية الأمريكية لمصر والمحصورة بالجانب العسكري ستذهب (رواتب) إلى القوات العسكرية..وماذا لو تم قطعها ؟
المذكرة الامريكية بالتعليق يشرف عليها وزير الخارجية روبيو. وهو من منح بالفعل إعفاءات فيما يتعلق بتقديم “تمويل عسكري خارجي لإسرائيل ومصر، إلى جانب النفقات الإدارية، بما فيها الرواتب، الضرورية لإدارة التمويل العسكري الخارجي”.
ترامب يؤكد أن الولايات المتحدة قدمت معونات اقتصادية كثيرة للأردن ومصر بمعنى (وبذا لابد من رد الجميل )!
بعد سلسلة بيانات وتصريحات رفض رسمية وغير رسمية من كلا البلدين (الأردن ومصر )فقد ختم الرئيسان العاهل الأردني والرئيس المصري الأمر حيث اكد العاهل الأردني (الموقف الراسخ بضرورة تثبيت الفلسطينيين على ارضهم )فيما اعتبر الرئيس السيسي ان ترحيل وتهجير الشعب الفلسطيني ظلم لايمكن ان تشارك به مصر .
مبعوث الرئيس الأمريكي لشؤون الأسرى آدم بولر اليوم الخميس ٣٠-١-٢٠٢٥
-وبعد سماعه الردين -اجاب كما نقلت القناة 12 العبرية، إنه يعتقد أن على مصر والأردن تقديم بديل بعد رفضهما فكرة استقبال الفلسطينيين.!
ترى ماهو البديل ؟
اسرائيل من جهتها تواصل (مشروع الضم) وتهجير أهالي (الضفة) وكما يقول مدير عام التوثيق والنشر في هيئة مقاومة الجدار والاستيطان أمير داود، (منذ 21 كانون الثاني /2025،
أصبح عدد الحواجز والبوابات في الضفة ومدينة القدس 898 حاجزاً وبوابة إسرائيلية موزعة على مختلف المناطق،وقد خنقوا القطاع )
كذلك تواصل اسرائيل تهجر أهالي غزة والقدس وآخر آلية لها لتطبيق مشروعها بتهجير الفلسطينيين العودة وفرض السيادة على هذه المناطق .وكما يقول الخبير الأمنيّ والعسكري الأردني نضال ابو زيد ان اسرائيل عمدت إلى (انشاء مستعمرة جديدة شرق معاليه ادوميم تحمل اسم “ترامب واحد “تمتد من القدس إلى أراضي الغور )أضف الى ذلك أوقفت اسرائيل عمل (الأونروا ) كمنظمة إنسانية داعمة للشعب الفلسطيني ..ويكمل ابو زيد (مايعني تكامل مؤشرات ضم الضفة الغربية والتوسع نحو المنطقة (ج)التي تشكل ٦٠٪ من مساحة الضفة وتمتد ٩٠كم على الحدود مع الأردن ..
اذن كل شيء يجري وفق مسلسل يقابله (ضعف عربي) فلا مصر قادرة بظروفها الاقتصادية أن تواجه المشروع الصهيوني ولاالاردن المحاط بظروف داخلية وخارجية صعبة.
لا يمكن لنا أن نحاسب الأردن او مصر على قبولهما للمساعدات الأمريكية التي -حتما -توقعهما في دائرة (الابتزاز )فامريكا تعمل وفق مصالحها وترى ب(أسرائيل )ممثلا لها بالمنطقة وغير قابلة (للنقاش)،كما من الصعب ان (تعاتب )دول الخليج عن أسباب توقفهم من مساعدة مصر والأردن لانهم اتفقوا (كفى هذه الدول تحلب بنا )!
اذن نحن امام معادلات (معقدة ).
وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي انتقد “الأجندة العنصرية المتطرفة” للحكومة الإسرائيلية وقال إنها تتحدى العالم برفضها قبول حل الدولتين لإنهاء الصراع بين إسرائيل والفلسطينيين.
ونقول (اذا اسرائيل تتحدى العالم )فما عسانا نفعل ونحن النقطة الأضعف ؟
الدول العربية تنقل أخبار غزة وتهجير الفلسطينيين وكانّها خارج المعادلة السياسية والجيوسياسية ،وحتى الان لم اجد بيانا او خطابا عربيا داعما لموقف الأردن او مصر ويقفون موقف (الشامت )احيانا باعتبار ان البلدين (الأردن ومصر )رضيا ان يكونا على (خط امريكا )فليتحملا مصيرهما ..!
ونسال :-ماذا لو عجزت الدولتين امام الضغوط الأمريكية والاسرائيلية وتم تهجير شعب فلسطين إلى أراضيهما ؟
ترى هل المشروع يعني الأردن ومصر ام يعني الامة بكاملها ؟
بعض الدول العربية لاتعرف ماذا تفعل اتجاه تحولات المنطقة وتنتظر دحرجة الكرة أين ستقف (ولكل حادثة حديث) !
والبعض أسعدته التحولات الأخيرة في لبنان وسوريا وكانّه يؤكد (استحالة هزيمة اسرائيل )!
فيما صعوبة الأردن ومصر أن تغيرا سياستهما اتجاه امريكا في (الوقت الضائع)..
المعول الأخير سيكون حتما على (شعب فلسطين) والى اي حد تقوى المقاومة على المنازلة مع جيش الاحتلال،باعتبار انه من اختار المنازلة مع العدو الصهيوني وعليه ان يتدبر امره .!
يبدو ان (الامة العربية)متخلفة عن (المرحلة)ولا تملك اجوبة للاسئلة التي تواجهها منتظرة (الأصدقاء الاعداء) الإجابة نيابة عنها …لقد أدت (الحكومات العربية )كل ماعليها اتجاه (خنق المقاومة) ومحاصرتها،
ورضيت ب(الجولاني) ثائرا بسوريا لانه اكفاهم “شر المقاومة “وأرضاهم اكثر يوم اعلن (جئنا بالضد من النفوذ الإيراني وحزب الله ) لانهم يخشون من (هلال شيعي )مفترض ولايخشون من عدو صهيوني غاشم ..
السؤال ؛-الامة إلى أين ذاهبة ؟
أنا باعتقادي أن وجهة نظر (ترامب )توافق (حكومات التطبيع )ومعهم (دول الخليج )
بشروطها وهي (غزة بلاحماس)!
بمعنى أن يتم الاتفاق على نقل مليون مواطن غزي إلى الأردن ومصر وبدعوى اعادة إعمار غزة يتم هدم البنى التحتية (العسكرية) لما هو تحت الارض بغزة وإنشاء مدينة (تحت النظر) حت ادارة (السلطة الفلسطينية) او ما يشابه ذلك ثم عودة السكان (بلا عنوان)!
وان جملة مبعوث ترامب إلى الشرق الأوسط (يتعين على مصر والأردن تقديم خيار بديل) اي ان البلدين جزء من الحل وبذا ستخرج (اسرائيل) من معادلة تهمة تهجير الفلسطينيين) وان تتبنى دول الجوار (الحل) عبر وعود ترامبية (بان أهل غزة من حقهم
العيش بحياة كريمة) وبذا تخلصت كل الأطراف (اسرائيل -امريكا -دول التطبيع ) ودول الخليج الأخرى من أزمة اسمها (مقاومة)!
خاصة المدة التي طرحها لاعمار غزة من (١٠الى ١٥)عاما كافية لإغراء المهجرين بحياة مستقرة بعيدة عن قرقعة السلاح مثلما هم بالأردن الان ترافقها تكفل السعودية وبقية دول الخليج بعودة المعاونات الى الأردن ومصر .
إذا اشتد (الضغط الأمريكي )على الأردن ومصر سيضطرون لقبول الفكرة خاصة وان جميع المبادرات أمامهم للتخلص من (مشروع التهجير) غير فاعلة ولم نقرأ دعما عربيا لكلا البلدين ومجرد (ناقلين اخبار)!
بل لم يكلفوا انفسهم الدعوة الى عقد قمة عربية للوقوف ضد مشروع التهجير ..
مادامت حكومة ترامب قد القت الحل على عاتق الأردن ومصر فسوف يطالب كلا البلدين بتعهدات أمريكية اسرائيلية (خليجية) دولية بان يعاد سكان غزة لغزة بعد اعادة الإعمار وبذا تخلصوا من (المقاومة وسلاحها) وكأن (يابو زيد ماغزيت)!
وهذا المشروع يتمددعلى لبنان و (سلاح حزب الله وبناه التحتية العسكرية تحت الارض )وهناك مخطط على أسلحة المقاومة بالعراق واليمن .
هذا (المخطط) في شكله العام قد يبدو (رومانسيا) للجهات الناقمة على (المقاومة )خاصة وانها مستعدة لدفع كل نفقات إعمار غزة مقابل ذلك مثلما تخطط الان (لإعادة انتاج لبنان )والهيمنة على قراره وكذلك في سوريا ولكن الأمر اكبر من ذلك وللأسباب الاتية ؛-
١-ان الشعب الفلسطيني عموما بات يفكر بعقلية وروح أكبر من عقول دول (التطبيع) ويدرك المخططات قبل أوانها وقد وقف بوجه أمثالها من قبل وأفشلها ..
٢-الشعب الفلسطيني قرأ المشهد العربي وكيف خذلته الحكومات العربية بأصعب الظروف ،فلا يثق بوعود العرب .
٤-الشعب الفلسطيني ادرك انه ليس لوحده بالساحة فقد بات أنصاره اكبر من مساحة فلسطين والمنطقة .
٥-الشعب الفلسطيني بات يعلم ان (السلاح) هو الذي يصنع الكرامة وليس التفاوض والمساومات ،وقد قاتل بالحجارة فكيف لا يقاتل بالصواريخ؟
٦-الشعب الفلسطيني يرى في هذا المشروع مخطط (تهجير) مهما كانت عناوينه.
٧-الولايات المتحدة في ظل حكومة ترامب غير مأمونة الجانب .
٨-محاور المقاومة لم تخسر المعركة حتى تسلم سلاحها
انما (صدمة سوريا) صنعتها اخطاء (بشار) وتراها المقاومة (مؤقتة) ومن يفكر بمستقبل
الشرق الأوسط دون مقاومة فهو واهم ..
٩-ايران لم تخسر شيئاً ولم تدخل المعركة (مباشرة) وحافظت على كامل قوتها العسكرية والأمنية وتراقب عن كثب ولن تقبل بأخراجها من (معادلة الشرق الأوسط) ولأمن دعم المقاومة
١٠-تركيا تعيش ظروفا (سياسية) صعبة وقد دخل اردوغان الصراع معها من الان واذا كان الفارق بالانتخابات السابقة قليلا جدا فالقادم ينذر بغير ذلك والقضية الفلسطينية عنوان كبير لهذه الانتخابات ..
النخب المثقفة في الأردن قدمت عدة حلول لمواجهة مشروع تهجير الفلسطينيين لبلادهم منها ما قاله النائب عن الحركة الإسلامية ينال فريحات، التلويح بإلغاء اتفاقية وادي عربة وما قاله الكاتب والمحلل السياسي الأردني عريب الرنتاوي
في تمتين الجبهات الداخلية،
والانفتاح على “الكل الفلسطيني” والتحريك نحو موقف عربي فاعل او توسيع دوائر التحرك السياسي والدبلوماسي، أوروبيًا وأمميًا.
وهناك آراء أردنية اخرى كثيرة ربما لم أطالعها او هي مكررة .
فيما مصر عبر شعبها عن تظاهرة على حدود معبر رفح اليوم (الجمعة )وزار رئيس وزرائها العراق للتوقيع على حزمة مشاريع اقتصادية ..
هذه الآراء والمقترحات لاتكفي لمواجهة المشروع التهجيري الصهيوني ولنتعلم من صبر وكفاح وقتال أهل غزة الذين يفاوضون وأيديهم على البندقية واذا لم يشعر (خصومنا) بجاهزيتنا لكل الاحتمالات فلن ينفع معه القيم ولاالتوسل ويكفي انه يلوح بخارطة ضم الاردن للكيان ..
نعتقد ان امام الاردن مفاتيح حل أهمها تجييش الشارع ضد الاحتلال ومخططاته والتفكير بالانفتاح على المعسكر (الآخر) حيث ان تلويحة واحدة بالذهاب لايران والصين والعراق ستتغير المعادلات فمثلما هم يقولون (امريكا اولا) نقول (الاردن مصر فلسطين إلى آخره.) اولا ايضا.