هل تنتقل مشاعر وأهواء من واهب القلب إلى من يُزرع في صدره؟

1

هل نرث شيئاً من شخصية الواهب وأذواقه بعد زراعة عضو متبرع به؟

تناولت دراسات عدة مسألة مهمة في وهب الأعضاء تتعلق بالسؤال المحيّر عن إمكانية انتقال ذكريات وأذواق وملامح شخصية إلى المتلقي. تظهر التجارب أن هذه الخطوة قد تنقل بالفعل تفاصيل عديدة تتعلق بالمتبرع، بحسب ما نشر في “دوكتيسيمو” Doctissimo.

 

هل نرث شيئاً من شخصية الواهب وأذواقه بعد زراعة عضو متبرع به؟

ربما بدا بديهياً أن يدور هذا السؤال في خلد كثيرين حينما يتعلق الأمر بزراعة القلب، التي استُهلت جراحاتها في عام 1967 على يد الدكتور كريستيان برنارد، في جنوب أفريقيا. ويرجع ذلك إلى أن كلمة “القلب” تحمل في ظلالها معانيَ ومفاهيم تتخطى كونه عضواً مسؤولاً عن ضخ الدم وتلقيه من أوعية الجهاز الدولي.

وينقل كثيرون ممن مروا بتجربة زرع أعضاء من متبرعين أنهم شعروا بالفعل بتغيير على مستوى الأهواء والأذواق والأحاسيس والأفكار بعد عملية الزرع، بدت كأنها تتماهى مع تلك التي عُرِفَتْ عن المتبرِع.

وفي دراسة حديثة أجريت حول هذا الموضوع، وتحديداً حول عملية زرع القلب، تابع باحثون سعوديون مجموعة أشخاص ممن خضعوا لعملية زرع قلب، ولوحِظَ لديهم أ تغيير في أذواقهم وأهوائهم في الأكل والموسيقى وحتى الميول الجنسية. ويبدو أن هذه التغييرات ترتبط ارتباطاً وثيقاً بأذواق المتبرع المتوفى.

ومثلاً، لاحظ أحدهم أنه عانى فوبيا من الماء بعد تلقيه عضواً من شخص توفي في حادث غرق. وكانت دراسة سابقة في عام 2002 قد أشارت إلى حادثة مماثلة لامرأة خضعت لعملية زرع قلب.

 

كيف يمكن تفسير انتقال الذكريات عبر العضو الموهوب؟

بدا من الصعب تحديد سر هذه العلاقة بين الواهب والمتلقي في عملية زراعة القلب، لكن يتجه الباحثون إلى التركيز على أربع طرق لها علاقة بذلك.

1-ذاكرة الخلايا. ثمة اعتقاد بأن خلايا الفرد قد تكون قادرة على تشكيل نوع من الذكريات. انطلاقاً من ذلك، مع إدخال خلايا جديدة قد تنقل معها ذكريات جديدة أيضاً. لكن يُطرح سؤال أيضاً عن إمكانية تفسير ذلك بحدوث اضطرابات في الروابط بين الخلايا المستزرعة وخلايا أخرى في الجسم تملك “ذاكرة” أيضاً.

2-التغيّرات اللاجينية “إيبِجيناتكس” Epigenetics. يشير مصطلح “إيبجيناتكس” إلى عوامل في البيئة المحيطة بالخلايا أو الجسم بأكمله، تؤثر في طريقة عمل الجينات من دون أن تؤثر في تركيبتها. وثمة من يقترح أن زرع عضو في الجسم قد يحفّز تلك التغيّرات اللاجينية.

3-التفاعلات المرتبطة بالطاقة. تعتمد هذه الفكرة على وجود شبكة كهربائية في القلب من المعتقد أنها تحرّك أيضاً حقلاً مغناطيسياً حولها. ولربما أثر ذلك الحقل على عمليات تبادل الطاقة بين مختلف خلايا الجسم وأنسجته وأعضائه.

4-القلب له دماغ صغير. تبين أن في القلب خلايا عصبية متشابكة تؤدي دوراً أهم مما يمكن توقعه. لكن هل من الممكن أن تخزن الذكريات والمشاعر؟ ثمة دراسة ظهرت قبل بضعة أسابيع أشارت إلى وجود أدلة عن “ذاكرة” مباشرة للقلب، وربما أعضاء أخرى.

كخلاصة، هناك إثباتات متزايدة ودلائل تؤكد أن عملية زرع القلب قد تؤدي إلى انتقال ذكريات وسمات معينة في الشخصية من الواهب إلى المتلقي، وفق ما ورد في الدراسة السعودية. وتضاف تلك المعطيات إلى العلاقة الوثيقة المعروفة بين القلب والدماغ. لكن لا تزال هناك ألغاز كثيرة تسعى الدراسات إلى كشفها في مجال زرع الأعضاء الموهوبة. وقد يفيد ذلك أيضاً في تحسين العناية بالمرضى الذين يتلقون الأعضاء، خصوصاً لجهة إدراك كل الحقائق التي تتعلق بهذه التجربة.

التعليقات معطلة.