خالد الجيوسي
هو أمرٌ بالغ الأهميّة، أن يحصد العراق مليارات الدولارات من الدول المُشاركة في المُؤتمر الذي عُقد في دولة الكويت، بحُضور عدد من الوزراء والمسؤولين من مُختلف دُول العالم، فالكويت التي احتضنت مُؤتمر “إعادة الإعمار”، أعلنت وعلى لسان أميرها الشيخ صباح الأحمد الصباح أنها ستُقدّم لوحدها مليار دولار قروضاً، وستقوم باستثمار مليار دولار أُخرى، وذلك للمُساهمة في إعادة البلد الجار، وهو البلد الذي عانى الأمرين خلال ثلاث سنوات في حربه ضد “الدولة الإسلاميّة”.
الكويت لم تستضف المُؤتمر فحسب، بل بذلت مجهوداً لإنجاحه على أراضيها، وسعت لحُضور أكثر من سبعين دولة، و1350 شركة، حتى أن الجمعيات الأهليّة الكويتيّة تبرّعت بأكثر من 100 مليون دولار وذلك ضمن المنح المُقدّمة لإعادة إعمار العراق.
الكويت، وبغض النظر عن بعض الأصوات، التي شكّكت بحقيقة نواياها لإعادة إعمار العراق “المُحتل” كما يصفه البعض، يكفيها أنها استضافت المُؤتمر، وهي في كل الأحوال تستطيع عدم استضافة المُؤتمر على أراضيها، وهذه رسالة واضِحة من قيادته على إيمانه العَميق، بوجوب عَودَة العِراق “العظيم” إلى سابِق عَهْدِه، قويّاً ومُتماسِكاً، وحِرْصها التَّام على مُساعدته وعَودَة أهله المُهجّرين والنازحين إلى مُدنهم، ومنازلهم.
هُناك أصوات “نشاز” تعالت قائلة في معرض تعليقها على استضافة الكويت مُؤتمر إعادة العراق، أنها ترى في ذلك المُؤتمر، وكأنه في إطار “العلاقة العاطفيّة” التي تَجمع الكويت بإيران، خاصّةً أن الكويت خرجت عن السرب الخليجي في مُقاطعة قطر بالحِياد، ولم تكن عُدوانيّةً في تصريحاتها ضد الجمهورية الإسلاميّة، وعليه جاء هذا المُؤتمر الإعماري، إرضاءً للحاكم الفِعلي للعراق، وهي إيران، التي ساهمت وبشكلٍ كبير في مُحاربة والقضاء على تنظيم الدولة.
لا نعتقد أن الحكمة التي تُدار بها الكويت، ستأخد البِلاد إلى مُنعطف خطير، كما يحصل في دولة خليجيّة شقيقة “للديرة”، والحرص على العراق كوطن للعراقيين، مُستقر وآمن، فيه خدمة للمصالح الكويتيّة، قبل أن تكون كُرمى عُيون العراق، أو كما يُقال من يحكمه إيران، والمُساهمة في نهضة العرب وبلادهم، هو علامة فارقة، ومن الجيّد أن تعرف كل دولة حجمها، ولا تُغامر بعنتريات، هي في غنىً عنها، وحديثنا هُنا عن دول بعينها، وما الضير لو كانت العلاقات الكويتيّة- الإيرانيّة في أوجها، بالنهاية دول إسلاميّة، ولا تدخل علاقاتها في خانة التحريم والتطبيع!
لا نود خِتاماً، أن نخوض في جدل دخول الجيش العراقي إلى الكويت، وأسبابه في حينها، وأحقيّة الرئيس الراحل صدام حسين بهذا “الغزو” لأسباب تاريخيّة واقتصاديّة، قد نخوض فيها في مقال تفصيلي بأحد الأيّام، لكن وبما أن قيادة الكويت “الحكيمة” ارتأت” مُساعدة العراق “الشقيق” بإعماره انطلاقاً من أراضيها، كان حَريّاً ببعض المسؤولين والنواب فيها، طي صفحة “الغزو”، والتعامل مع العراق بحُكومته الحاليّة، فالجارة الغازية، رحل “غازيها” وسقط نِظامُه، وحين أساعد جاري، لا أحمّله جميلاً، ونُقطة أوّل السطر.