حسام السندنهوري
مع احترامي وتقديري وحزني أيضًا على الدماء التي تسيل على أرض سيناء من أفراد الجيش المصري، سواء منذ تفويض الشعب للرئيس السيسي، أو منذ بدء العملية الشاملة في سيناء 2018. مرورًا بعمليات مثل حق الشهيد… إلخ.
إلا أنني أستطيع أن أقول لكم على طريقة الكابتن رضا عبد العال الزملكاوي ناديًا والوطني كرويًّا، حينما تحدى المذيع في إحدى اللقاءات الفضائية، قبيل كأس العالم 2018 قائلًا له إن المنتخب المصري سيصبح حصالة المجموعة، وقام بالرهان على ذلك، وكتب إقرارًا بهذا المضمون، وعلى هذا المضمون أقول لحضراتكم:
1- إن الحرب على الإرهاب في العملية سيناء 2018 لن تقضي على الإرهاب في سيناء.
2- اذا امتدت العملية إلى العملية سيناء 2019 سوف تكون النتيجة هي النتيجة نفسها.
3- وهكذا سيمتد الأمر لأعوام 2020- 2021- 2022.
وأنصح هنا بألا يقترن التاريخ بالعمليات، يعني مثلًا نقول العملية الشاملة سيناء ونصمت، ولا نربطها بتاريخ أو بألقاب ومصطلحات؛ لأنه ببساطة إذا اقترنت العملية بتاريخ، فإن ذلك يؤدي إلى مزيد من التحدي وزيادة العزم والإرادة لدى الإرهابيين لإفشال العملية بمزيد من العمليات بعد هذا التاريخ. يعني مثلًا لو قلنا العملية سيناء 2018 سيزيد هذا الامر من عزيمة وارادة الارهابيين لاستمرار العمليات لما بعد 2018. وذلك لإحراج الجيش المصري أمام الشعب والعالم والمجتمع العربي.
وبالبلدي الصريح سيقول الإرهابيون باللهجة المصرية: «شوفتوا يا شعب أهو الجيش بتاعكو اللي فوضتوه مش قادر علينا، وخلصت السنة (2018) ولسة العمليات مستمرة وما خلصتش». وطبعًا هذا سيكون موقف الإرهابيين بعد مرور عام 2018 مع استمرار عملياتهم الإرهابية لهذا الهدف ليس أكثر ولا أقل، عملية سياسية بحتة، ولكنها في منتهى البشاعة، لأن نتيجتها أرواح تزهق.
والقائل من أفراد الجيش أو من غيرهم تطبيقًا للنظرية العنترية: «نحن لا يهمنا ولو ضحينا بالجيش كله فداء لمصر، المهم تطهير مصر من دنس الإرهاب ولا يدخل مصر خسيس وجبان»، أرد عليهم بالبلدي الصريح: «اسكت أنت مش فاهم حاجة»؛ لأن الإرهاب الذي تواجهه مصر ليس إرهابًا داخليًّا فقط، بل إرهابًا خارجيًّا تدعمه دول وأنظمة وحكومات.
يعني الحرب على الإرهاب التي تجري في مصر، كان من الممكن أن تنتهي في ساعتين لو أنها حرب بين الدولة والإرهاب الداخلي، ولكنها للأسف تعد حربًا دولية قذرة يستخدمون المغرر بهم من أجل تحقيق مكاسبهم على حساب الدولة المصرية، من جيش، وشعب، وشرطة.
وللأسف فإن الكادر الذي يفقده الجيش في هذه الحرب، فإنه يستهلك سنوات وسنوات من أجل إعداد كادر غيره. وللأسف لنكون واقعيين، فالكادر الذي يفقده الجيش لا يتكرر مهما فعلت، لأن هذه سنة الحياة، ليس هناك أحد مثل الآخر، كل واحد له خصائصه ومميزاته التي تختلف عن الآخر. فمثلًا تريد أن تقنعني أن واحدًا مثل الشهيد المنسي ممكن أن يتكرر بالفكر نفسه، والثقافة نفسها، أعتقد أن ذلك مستحيل.
من الممكن أن تخرج آلاف الضباط ممن يستطيعون إطلاق النار من بنادقهم، ولكنك لن تستطيع تخريج ضابط مثل المنسي بأسلوبه نفسه وشخصيته نفسها. ومثلًا، هناك ضابط واحد هو من اقترح تدمير خط بارليف بالمياه، تخيل أن هذا الضابط اغتيل قبل أن يقول فكرته، فكم سنة إذن أمكن ذلك من أن تخرج ضابطًا بثقافته نفسها وشخصيته، ليقترح عليك الاقتراح نفسه، ولماذا لم يقترح أحد غيره ذلك الاقتراح؟ إنها سنة الحياة، ولن يستطيع أحد تغييرها.
إذن ماذا أريد من هذا المقال؟ هل أريد إحباط الجيش المصري بدلًا من رفع معنوياته في حربه على الإرهاب؟ الإجابة هي: لا والله لا أريد ذلك، ولكنه دورنا أن نقول كلمتنا. فاستمرار تأريخ العمليات العسكرية بمدد محددة أمر مرفوض، اجعل العمليات مفتوحة بدون تواريخ، ومن يصمد للنهاية ينتصر. فإذا قلنا 2019 أو 2020 أو 2021 أو 2022 ستكون النتيجة هي هي، استمرار العمليات الإرهابية ضد الجيش المصري، مهما كلفهم الأمر من مال، وأشخاص يدخلون الجنة بجوازات سفر. بالإضافة إلى أن مدة الرئيس السيسي ستستمر إلى 2022، أي إن استمرار العمليات سيكون مرجحًا له الاستمرار لهذا التاريخ.
لذلك نقترح هنا من خلال هذا المنبر الكريم، أن تمد الفترة الرئاسية إلى ست سنوات بدلًا من أربع سنوات للمدة الواحدة. بالإضافة إلى جواز التجديد لمدد مماثلة بدون حد أقصى للتجديد. والانتخابات والصندوق يكون هو الفيصل لاستمرار الرئيس من عدمه. والشعب يعلم جيدًا الطريق إلى ميدان التحرير إذا زورت الانتخابات رغمًا عن إرادة الشعب. وهكذا نكون قد قطعنا دابرهم، وسيعرف اليأس الطريق إلى قلوبهم.
أما عن الإشاعات التي تقول إن هناك ضغوطًا من الإدارة الأمريكية على مصر لعدم التجديد أو التمديد، «فكلنا معك يا ريس»، وأدعو الناس للنزول إلى الميادين من أجل تفويضك في الاستمرار، وأراهن أن الجميع سيخرج تأييدًا للرئيس.
ونعود إلى موضوعنا الأساسي، فما الحلول من أجل القضاء على الإرهاب؟ بالإضافة إلى ما سبق وذكرنا، فإنه يجب السير في الطرق والحلول السياسية بجانب المواجهة العسكرية. فسيناء ولمن زارها مساحات شاسعة من الرمال لو سرت وحدك فيها بدون دليل لأخذك التيه من مكانك. فأنت مثلًا في حرب 1973 كنت تواجه إسرائيل في أماكن تمركز محددة، أما الإرهابيون فتنقلهم سريع وبسيط؛ لأنهم أفراد بأسلحة يمكن التنقل بها. فمثلًا يجب عقد مؤتمرات مواجهة الإرهاب بمشاركة الولايات المتحدة الأمريكية، والاتحاد الأوروبي، وروسيا الاتحادية، والصين، والمجتمعات العربية التي تعاني من تلك المشكلة للبحث عن حلول ومخرج من هذه الأزمة بأسرع وقت، وأقل خسائر.
ولا تستهن بما أقول فربما يظهر رأي في المؤتمر أو اقتراح مثلما اقترح الضابط المصري القبطي اقتحام خط بارليف بالمياه، فربما يكون هذا الرأي به منفعة للجيش في حربه على الإرهاب. ويجب أن تعقد هذه المؤتمرات بصفة دورية أو شبه دورية لمتابعة المستجدات التي تحدث على أرض الواقع.