مراقبون: الأزمات متشابهة رغم اختلاف الظروف السياسية والمعارضة قد تجتمع في إسطنبول وعمان
رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني (أ ف ب)
يبدو أن أزمة انخفاض قيمة الدينار العراقي مقابل الدولار وتعليمات البنك الفيدرالي الأميركي في شأن بيع الأخير بالأسواق وتأثيرها في مجمل النشاط الاقتصادي بشكل سلبي ستهيء الأرض من جديد لاحتجاجات مرتقبة في البلاد عقب دعوات إلى التظاهر ضد الحكومة العراقية برئاسة محمد شياع السوداني وإسقاطها.
وكان البنك المركزي العراقي اتخذ إجراءات بضغط من البنك الفيدرالي الأميركي والمنظمات الدولية لتغيير آلية بيع الدولار، خصوصاً مبالغ الاستيراد والتصدير، وجعلها منسجمة مع التطورات المالية والمصرفية في العالم، وأدت بدورها إلى زيادة سعر الصرف إلى حدود 1700 دينار للدولار الواحد بزيادة عن السعر المحدد من قبل البنك المركزي العراقي الذي يبلغ 1470 ويتم بيعه عبر نافذة البيع الذي حدده المركزي.
وعلى رغم محاولة السوداني طمأنة الشارع العراقي عبر سلسلة من التصريحات متعلقة بإمكانية عودة سعر الدينار العراقي لسابق عهده والتأكيد على تحسين واقع السلة الغذائية التي تقدمها الحكومة للمواطنين فإن هذه الوعود لم تأت بجديد يخفف من زخم الدعوات إلى الاحتجاج من جديد.
الاحتجاجات مقبلة
يقول مدير مركز العراق للدراسات الاستراتيجية غازي فيصل إن “هناك جملة من المشكلات السياسية والاقتصادية والاجتماعية تعصف بالبلاد، إضافة إلى الصراعات بين الأحزاب المختلفة ضمن إطار تحالف إدارة الدولة والإطار التنسيقي والأحزاب الراديكالية والتيارات السياسية الأخرى التي يمكن وصفها بالمعتدلة، كل هذا ربما يمهد إلى تجدد الغضب الشعبي”.
سيناريو عادل عبدالمهدي
وأضاف أن “اندلاع الغضب الشعبي سيعني تكرار سيناريو عادل عبدالمهدي، لا سيما أن الظروف مشابهة من أزمة البطالة والفقر والجوع والمدن العشوائية والسكن فيها، وانتشار المخدرات والسلاح بصورة خطرة، مما يؤسس للعنف المستمر”.
وأوضح أن “حكومة السوداني لن تحقق المعجزات وعلى رغم جولاته الأوروبية وعقد اتفاقات في مجال الطاقة، فإن من الوارد خروج الاحتجاجات وانضمام التيار الصدري إليها بسبب سوء الأحوال الاقتصادية والاجتماعية والسياسية”، ولم يستبعد فيصل أن يكون مصير السوداني على غرار عادل عبدالمهدي بتقديم استقالته والتنازل عن السلطة.
الأزمات متشابهة
فيما يرى الباحث في الشأن السياسي محمد نعناع أن “هناك تشابهاً ما بين الأزمات التي مرت بها حكومة عادل عبدالمهدي وحكومة السوداني من استمرار الضغوط نفسها والغضب الشعبي والعلاقة المتنافرة بين الولايات المتحدة وإيران”، وأضاف أن “حكومة عبدالمهدي لم يكن فيها طرف داعم للحكومة كالذي تلاقيه حكومة السوداني والمتمثل في نوري المالكي، وأن الدور الذي يلعبه الأخير سيكون عامل صمود للسوداني، إذ لا يزال المالكي يحكم سيطرته على كثير من المؤسسات بفضل هذا الدعم”.
وتابع أن “المتغير الثاني هو صمت المرجعية التام ممثلة بالسيستاني بعكس ما كان يجري سابقاً في حكومة عبدالمهدي وأن هذين المتغيرين هما اللذان سيبقيان السوداني، لكن تظل الظروف الداخلية نفسها”.
الصدر ينتظر الانتخابات
وتوقع نعناع اندلاع تظاهرات جديدة غير أن دخول الصدر على الخط غير مرجح حالياً، بل من المرتقب انتظاره للانتخابات المبكرة التي ستوضع لمساتها النهائية من خلال انتخابات مجالس المحافظات. ولفت إلى أن “الحراك الشعبي وما تبقى من ثورة أكتوبر (تشرين الأول) والشخصيات المتضررة تجمع شتاتها وسيكون هناك اجتماع في عمان وإسطنبول بين تلك الأطراف”.
بقاء السوداني
فيما يرى مدير مركز “كلواذا” لقياس الرأي باسل حسين أن بقاء حكومة السوداني رهين بعوامل عدة منها مواجهته تحدي أزمة ارتفاع الدولار ونقمة الجمهور المتزايدة جراء التضخم الناتج من تدهور قيمة الدينار العراقي.
وأضاف أن “هناك احتمالية دخول التيار الصدري في أي لحظة على خط الأزمة، لا سيما مع عدم نية الإطار إجراء الانتخابات التشريعية المبكرة والاكتفاء بإجراء انتخابات مجالس المحافظات العام المقبل”.
كبش فداء
وأوضح حسين أن “السوداني يخشى من أن يتم تقديمه من قبل قوى الإطار ككبش فداء في حال تصاعدت حدة الأزمات ووصلت إلى حافة الانهيار، لذا فهو يسابق الزمن من أجل منع تفاقم الأزمات وفي مقدمتها أزمة ارتفاع الدولار”، مشيراً الى أن السوداني اتخذ سلسلة من الإجراءات لم تؤت ثمارها إلى الآن، كما يعول على زيارته لواشنطن لحل أزمات البلاد.
وأكد أن الأزمات لا تنتهي عند هذا المفصل، إذ إنه مقبل على مجابهة مع القوى السياسية بما فيها قوى الإطار التنسيقي في البرلمان حول الموازنة وما سيعانيه جراء طلباتها التي ستشكل ضغطاً عليه على نحو كبير، لافتاً إلى أن الأسابيع المقبلة ستكون حاسمة في تحديد مصير حكومة السوداني.