الرئيس السوري أحمد الشرع (أ.ف.ب)
دمشق: «الشرق الأوسط»
ما كاد ينتشر كلام نسبته «رويترز» إلى الرئيس السوري أحمد الشرع عن تجريده موظفين من سيارات فارهة وتهديده بمحاسبتهم بتهم «الكسب غير المشروع»، حتى انبرى بعض الموالين له إلى نفي هذه الرواية، متهمين مراسل الوكالة بصناعة هذه الأنباء.
وذكرت «رويترز»، في تقرير الخميس، أن الشرع أمر، خلال اجتماع لم يُعلَن عنه سابقاً، موظفي الدولة الذين يملكون سيارات فارهة بتسليم مفاتيحها، وإلا فسيواجهون تحقيقات بتهمة الكسب غير المشروع.
ونقلت عنه قوله لهم: «لم أكن أعلم أن الرواتب التي تدفعها الحكومة مرتفعة إلى هذا الحد»، وذلك بعد وصول أكثر من 100 من الموالين له إلى قاعدة سابقة للمعارضة، كثير منهم بسيارات رياضية فارهة.
توبيخ مسؤولين
ووفقاً لمصدرين كانا من الحضور، وبّخ الشرع المسؤولين وقادة الأعمال المجتمعين، وسألهم: «هل نسوا أنهم أبناء الثورة»، مشيراً إلى العدد الكبير من السيارات الفخمة المتوقفة في الخارج.
وعُقد الاجتماع المذكور، الذي لم ترد تقارير بشأنه من قبل، في قاعدة بمحافظة إدلب شمال غربي سوريا، بعيداً عن المقر الرئاسي الرسمي في دمشق. وحسب المصدرين وموظفين حكوميين اثنين على دراية بما حدث، أمر الشرع الموظفين الذين يملكون سيارات فارهة بتسليم مفاتيحها «وإلا فسيواجهون تحقيقات بتهمة الكسب غير المشروع».
وطلبت جميع المصادر عدم الكشف عن هوياتها نظراً لسرية الأمر. وقال الاثنان اللذان حضرا اللقاء لـ«رويترز»، إن عدداً من المفاتيح جرى تسليمها لدى خروج الحضور في النهاية.
لمن الرسالة؟
ويرى مسؤولون ومحللون سوريون أن الرسالة الموجهة إلى الموالين تبرز تحدياً كبيراً يواجهه الرئيس البالغ من العمر 43 عاماً، وهو كيفية التحول إلى حكومة مدنية من دون تكرار الفساد الذي استشرى في ظل حكم الأسد.
وقالت وزارة الإعلام السورية، لـ«رويترز»، إن الشرع رتّب «اجتماعاً ودياً غير رسمي» في إدلب مع قادة سابقين ومسؤولين وشخصيات بارزة أخرى، تطرق إلى التحديات السياسية والأمنية وكذلك الحاجة إلى تغيير «ثقافة الاستثمار التي أرساها النظام السابق». وأضافت الوزارة أنه «أكّد عدم التسامح مع أي شبهة فساد بين موظفي الدولة»، لكنها نفت ما ورد بشأن تسليم مفاتيح سيارات.
وردّ بعض الحاضرين في الاجتماع على هذا التقرير، وقالت مصادر في شمال سوريا لـ«الشرق الأوسط» إن الذين ردوا هم أعضاء في المجلس السياسي للثورة، موضحة أن الشرع زار إدلب بعد عودته من نيويورك، حيث شارك في اجتماعات الهيئة العامة للأمم المتحدة، وعقد هذا الاجتماع.
وقال أحمد أبو أدب، مدير مديرية الشؤون السياسية لريف دمشق لدى وزارة الخارجية، إن هذه المعلومات مغلوطة وإنه كان في «اجتماع باب الهوى ولم يتطرق السيد الرئيس إلى هذا الجانب كما ورد في تقرير (رويترز)».
وأضاف، في تدوينة على «فيسبوك»: «حضرت الاجتماع كاملاً ولم أسمع بهذه الرواية. وللأسف، سيارتي قديمة كحال الكثيرين وقد تعطلت في ذلك اليوم؛ لذا تركتها في إدلب ورجعت مع أحد الأصدقاء». وتابع: «كان الاجتماع من أجمل الاجتماعات، جاء بعد التحرير، وفي مكان كنا نجتمع فيه بشكل مكثف لحل الإشكاليات التي كانت تواجهنا في تلك الفترة».
وأشار إلى أن الشرع تحدث عن «الذكريات وكيف أنعم الله علينا، ثم انتقل إلى الواقع وتحدياته ورؤيته لسوريا وما نرغب في الوصول إليه. قدّم بعض النصائح كأب يرعى أبناءه ويحميهم، وكان خطابه مليئاً بالرعاية والطيبة، ومازحَنا أيضاً. دار نقاش ودي تضمّن العديد من الأسئلة من الحاضرين. ومن جملة ما تحدث به ونصحنا بشأنه ضرورة الانتباه لهفوات السلطة ومآلاتها، وأهمية الحفاظ على ثمرة السنوات وتضحيات الثورة السورية. ولم يتطرق أبداً إلى أي شخص بخصوص ما ورد في التقرير، ولا عن سياراتهم أو غيرها من المغالطات التي جاءت فيه».
عضو آخر اسمه محمد خالد كتب في «فيسبوك» أنه حضر الاجتماع كاملاً و«لم أسمع بهذا من قبل».
وأضاف أن «الاجتماع لم يكن عن الاقتصاد، إنما تم التطرق له في النهاية وكانت توصيات عامة من السيد الرئيس بألا يزاحم أحد من العاملين في الحكومة رجال الأعمال، وأن من يعمل في المجال الحكومي لا بد أن يبتعد عن السوق».

