هل غادرت امريكا سياسة التوظيف والاحتواء مع ايران ؟

1

حسن فليح / محلل سياسي

لاشك ان تحجيم الدور الايراني بالمنطقة بالحرب او بدون حرب هذا كل ماتسعى اليه ادارة بايدن حاليا ، وان الحشود العسكرية الامريكية بالمنطقة جائت لهذا الهدف ، وليس بهدف الحرب على ايران واسقاط نظامها كما حصل في عام 2003 ضد العراق ، ان جدية الحرب على ايران يتوقف على موقف النظام الايراني ومدى اعلانة بالموافقة وتطبيق الشروط الامريكية الاثنى عشر التي اعلن عنها بوميو وزير خارجية امريكا في عهد الرئيس ترمب والمتضمنة تخلي ايران عن اذرعها بالمنطقة والاذعان للشروط فيما يتعلق بمشروعها النووي ، ومن المرجح جدا ان ايران ستذعن للشروط وتتخلى عن اذرعها في العراق وسوريا وللبنان تتجنبا للحرب الشاملة عليها ، كلنا نعلم ان الولايات المتحدة هي التي سهلت من اسقاط نظام الشاه والاتيان بنظام الخميني ، وهناك الكثير من التقاربر والدراسات الاستراتيجية الدولية التي تؤكد ذلك ، حيث تعتمد فكرة انشاء نظام الملالي كضرورة استراتيجية امريكية لكي يكون النظام المهدد والمخيف لدول المنطقة ودول الخليج بالذات بغية ابقاء حاجة الخليج دائما لصفقات السلاح وتأمين الحماية لهما من قبل الولايات المتحدة ، خاصةً بعد التخلص من نظام صدام حسين وجيش العراق الذي دفع الاذى عن دول المنطقة والخليج لمدة ثمان سنوات في حرب الخليج الاولى ، الامرالذي أخل كثيرا بالتوازنات لصالح ايران ، الغريب ان امريكا بعد غزوها للعراق لم تكتفي بهذا القدر من رجحان ميزان القوى لصالح نظام طهران على حساب دول المنطقة بغياب العراق فحسب ، بل سارعت بتسليم نظام الحكم في بغداد للشيعة الموالين لايران، كما ان اعتراف جورج بوش بتسليم الملف العراقي لايران خير دليل على مدى التعاون الامريكي مع ايران ، والاغرب ان الفصائل المسلحة الحالية بالعراق هي الحامية للنظام السياسي الحالي الذي قام برعاية امريكية ، اذن لماذا الان الولايات المتحدة تريد التخلص من الاحزاب والفصائل المسلحة بالعراق والمنطقة التابعة للنظام في ايران ؟ ان اساس العلاقة الامريكية بالنظام الايراني قائمة على سياسة ( التخادم والتوظيف والاحتواء) استدراك الادارة الامريكية الان للخطر الحقيقي من تلك السياسة انها لم تعد ضامنة لضبط السلوك الايراني في ضل تدهور الاوضاع بالعالم ووجود بوادر تبدل دولية لخروجها عن النظام العالمي الذي تقودة امريكا وهناك تحالفات سياسية واقتصادية وعسكرية قد تشكلت ضدها ، واهمها التحالف الصيني الروسي الايراني وكذلك التحالف الاقتصادي المتمثل باتفاق بريكس الذي ستعقد دوله المشتركة مؤتمرا لها في الثاني والعشرين من هذا الشهر بهدف اقصاء الدولار الامريكي من الهيمنة عالاقتصاد العالمي وهذا هو الاخطر بالموضوع ، وربما قيام الامريكان بالضرب على الفصائل بالمنطقة قبل انعقاد المؤتمر المذكور لحرمان السعودية ومصر من الحضور وخلط الاوراق ، ناهيك ان ايران اصبحت البوابة لدخول الصين وروسيا الى المنطقة بدليل ذهاب السعودية باتفاقات اقتصادية وتسليحية كبيرة مع الصين ذلك الموقف الذي اغاض البيت الابيض كثيرا وجعلها ان تعيد النظر بسياستها المتعلقة بالشرق الاوسط وتعاملها مع ايران ونفوذها المقلق الذي بات يشكل خطرا عليها وليس كما كان مخططا له ضمن سياسة التوظيف والاحتواء التي لم تعد ضامنة بعدم خروج الامر من تحت السيطرة خاصةً بعد الاتفاق السعودي الايراني الذي قلب المعادلة تماما امام تلك السياسة التي استمرت اكثر من اربعين عاما ، ان الحشود العسكرية جائت للتخلص تماما من اذرع ايران بالمنطقة وتحجيم دورها وجعل النظام في ايران على المحك بشأن الشروط الامريكية ولا مجال للمراوغة والتسويف وبعكس ذلك فان للغة المدافع والصواريخ هي الحاسمة .

التعليقات معطلة.