هل نجحت قمة بغداد؟

2

سمير داود حنوش – العرب اللندنية
   

لم يكن حضور القادة العرب إلى قمة بغداد بالمستوى الذي كانت تتوقعه الحكومة العراقية، تلك حقيقة تحاول حكومة محمد شياع السوداني التغطية عليها، من خلال الإشادة بنجاح القمة وبيانات الشجب والاستنكار للعدوان الإسرائيلي على غزة التي لم تأت عليها هذه القمة بجديد.

لم تنفع أطنان الحنطة ومنح الحكومة العراقية في إقناع بعض القادة والرؤساء الذين كانت تُعوّل عليهم بغداد لحضور قمتها.

أكثر من 200 مليون دولار خُصصت لهذه القمة وتحضيرات سبقتها حركة إعمار وتزيين شوارع وفنادق وصلت إلى حد رفع صور قاسم سليماني والحشد الشعبي من شارع المطار، وهو ما أثار حفيظة بعض الجماعات التي تحمل السلاح في بغداد على حكومتهم، كل ذلك لم يشفع لحكومة السوداني في إقناع قادة الدول العربية بالحضور إلى بغداد.

يبرر البعض ذلك الإخفاق بحضور إسماعيل قاآني قائد فيلق القدس إلى بغداد قبل ساعات من انعقاد المؤتمر وما يحمله من رسائل إيرانية للعرب وأمريكا بأن العراق مازال ضيعة إيرانية، وأن هذا البلد مازال ممسوكاً بأيادٍ إيرانية لن تتخلى عنه، فيما يعزو البعض ضعف التمثيل إلى هشاشة الدبلوماسية العراقية التي فشلت في إقناع الزعامات والقادة بالحضور.

لكن ذلك لا يمنع من تلقي الحكومة العراقية رسائل سلبية من بعض الأطراف السياسية المشاركة في السلطة بالتهديد والوعيد والخروج بتظاهرات إذا ما حضر الرئيس السوري أحمد الشرع إلى بغداد واعتقاله لدى دخوله الأراضي العراقية، وذلك ما فُسّر بأن القرار العراقي مشتت وضائع بين الأطراف السياسية ويؤكد بأن حكومة السوداني عاجزة عن اتخاذ قرار عراقي موحد.

ما صرّح به وكيل وزارة الخارجية العراقي هشام العلوي من عدم حضور الزعماء العرب إلى القمة مؤكداً أنه كان مخيّباً للآمال وسيكون هناك عتب عراقي على ذلك يؤكد ذلك الشعور بالإحباط من الحضور المتواضع لمؤتمر القمة.

حضور خمسة زعماء من بين 22 زعيماً، أوقع بغداد في مأزق بالرغم من تأكيد بعضهم حضوره القمة العربية الـ34 مثل ملك الأردن عبدالله الثاني وملك البحرين حمد بن عيسى والذي كان من المفترض أن يُسلّم رئاسة القمة إلى الرئيس العراقي وهو ما لم يحدث، والمفاجأة هو إلغاء القمة الثلاثية التي كان من المفترض أن تجمع العراق ومصر والأردن، حيث تم التحضير لها على مستوى وزاري.

حضور الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى الخليج ولقاؤه قادة السعودية والإمارات وقطر وتوجه الأنظار إلى هذه القمة التي تزامنت مع مؤتمر بغداد ربما يكون ضمن الأسباب التي جعلت قمة بغداد لا توازي بالمستوى الذي ظهرت فيه القمة الخليجية، وكان المفترض من الدبلوماسية العراقية أن تدرس جيداً موعد انعقاد القمة التي توافقت مع زيارة ترامب.

لم تخرج القمة العربية ببيانها الختامي سوى بكلمات الشجب والاستنكار والرفض لتهجير الفلسطينيين، بيانات يمكن لأيّ تجمع أو محفل دولي ترديدها، ومحاولات لحكومة السوداني التأكيد بنجاحها لتوفير البيئة الصالحة لتجمع عربي قد يُحسب نجاحاً للحكومة العراقية أو على الأقل يكون عاملاً من العوامل التي تقرّب السوداني من ولايته الثانية، لكن متى كانت القمم العربية قد ساهمت بحل مشكلة من مشاكل العرب المستعصية، ومتى كان هذا التجمع يفضي إلى قرارات تنفع المواطن العربي؟

مؤتمر القمة الذي لم يرَ منه المواطن العراقي سوى تزيين الشوارع ونظافتها وتوفير الكهرباء بشكل مستمر وتحضيرات لوجستية في كل مفاصل الحياة حتى بات المواطن يتمنى لو كانت كل أيامه مناسبات متكررة من انعقاد مؤتمرات القمة.

قمة بغداد كشفت حقيقة كان ساسة العراق يخشون البوح بها من أن القرار العراقي مشتت ومتنازع عليه بين الأطراف السياسية، وأن العراق مازال مرهوناً بالسياسة الإيرانية التي ترفض عودته إلى المحيط العربي، وذلك ربما يكون الأهم في عدم تحقيق مؤتمر قمة بغداد أهدافه المنشودة.

التعليقات معطلة.