هل نحتاج مصححاً..؟!

2

 

 

المستشار عادل بطرس

 

يدهشني جداً وقوع معظم المذيعين ومقدمي البرامج في أخطاء نحوية أو لغوية بسيطة، فهي لا تعدو أن تكون مخالفات لقواعد درسناها في المرحلة الابتدائية، ويزداد الأمر سوءاً حين نجد الاخطاء ذاتها تتكرر على صفحات السوشيال ميديا أو في الصحف أو على شاشات التلفزيون،‏ فلا شكّ أن الوقوف أمام حشد كبير من الناس لإلقاء خطاب أو لتقديم أحد العروض تجربة صعبة بعض الشيء، وقد تزيدك تلك التجربة توترًا إذا لم تكن معتادًا على هذا الأمر، ومع ذلك فإن التحدث أمام جمهور كبير قد يكون تجربة جميلة ومفيدة إذا تصرّف المتحدِّث بالشكل المناسب، فالتحدّث أمام الجمهور جزء لا يتجزأ من حياة أرباب الأعمال الذين عليهم أخذ الحيطة أكثر من غيرهم، فأي خطأ في الكلام أو التصرف قد يعرضهم لخسارة فرصة استثمار جديدة أو العثور على مؤسّس شريك.
ففي مقال نشر على موقع The Next Web، قدّم مؤسّس الموقع –الذي حضر شخصيًّا عددًا لا يحصى من العروض – قدم ثمانية أخطاء غالبًا ما يرتكبها المتحدثون خلال العرض أو الحديث، فنصح في مقاله المتحدثين ألا يبدأوا حديثهم بوصف حالتهم الجسدية، وأن يتجنبوا عبارات مثل «سأتطرق إلى هذا الموضوع لاحقًا»، أو «هل تسمعني؟»، أو «سأحاول أن أختصر كلامي قدر الإمكان» أو «انني لا يمكنني رؤيتك بسبب الإضاءة». ففي رأيه أن ما يريد الجمهور أن يسمعه هو حديث مثير للاهتمام ومفيد بغض النظر عن مدّته – ولهذا فانه بإمكانك جذب انتباه المستمعين إذا تجنّبت هذه الأخطاء الثمانية: 1– لا تستهلّ حديثك بكلمة شُكر، فبدلاً من بدء حديثك بعبارة «شكرًا»، اجعل كلماتك الأولى قوية، ولا تقرأ خطابك لانك إذا قرأت خطابك فلا تنظر إلى عيون أو وجوه المستمعين‏، على عكس ما يحدث في حالة الارتجال، وهو الأمر الذي يضايقهم بلا شك، لكن هذا لا يعني أن خطابك يجب أن يكون مرتجلاً بالكامل، وانما الأفضل أن تنظّم أفكارك على ورقة، وتحفظ بعض الوقائع والأرقام التي تساعدك على إبقاء الحديث جذاباً مسليًّا، كما يفضل أن تلقي بعض النكات أو توجه بعض الأسئلة فذلك سيبقي جمهورك متفاعلاً معك، وحاول أن تتجنب العبارات الفنية المعقّدة فمن‏ واجبك أن تكون واضحًا بقدر الإمكان، حتى يمكنك إيصال رسالتك بسهولة إلى كلّ شخص موجود في القاعة، كما يجب عليك عدم استخدام عبارات تقنية أو مفردات معقّدة، فهذا سيصعّب على الجمهور فهم ما تقول. 2–‏ ولا تقلّد شخصيات معروفة فكثير منّا يتمنّون لو كانوا مثل بعض المشاهير، فيلجأون إلى اقتباس بعض الأقاويل المأثورة عن متحدثين مشهورين، وهو ليس بالأمر السيئ لكن تقليد تصرفاتهم وردود أفعالهم أمر غير مقبول، فمن المعروف في وسائل التواصل الاجتماعي، أنّ من يقلّدون متحدثين مشهورين يخسرون هويتهم، فالجمهور يريد أن يرى الهوية الحقيقية للمتحدث، فإن تصرّفنا معهم بطريقة طبيعية وصادقة، سنستفيد كثيراً. ‏3– والواقع انك لست مضطرًّا إلى جعل حديثك عاطفيًّا لكي يتعاطف معك المستمعون، لكن احرص على أن توصل رسالة معينة إلى جمهورك أو أن تحثّهم على إحداث تغيير في حياتهم، ألهِمهْم وشجّعهم على تحقيق أفكارهم، لعلّهم إن حققوا نجاحًا باهرًا، اقتبسوا أقوالك في أحاديثهم. ‏4– تحدّث بإيجاز ووضوح ‏فخير الكلام ما قلّ ودلّ، فيجب أن تكون جملك قصيرة على شكل تغريدة، وبإمكانك تحسينها لاحقًا إن لم يفهم الجمهور المعنى الذي تقصده. ‏5– لا تتحدّث بسرعة أو ببطء ‏فالتحدّث بسرعة قد يعطي صورة بأنك متوتر ويجعل من الصعب على المستمع فهم ما تقوله، كما أن التحدث ببطء قد يعكس قلّة تحضير أو تردّد. ولمساعدتك على حلّ هذه المسألة، ينصحون بأخذ نفس عميق قبل اعتلاء المسرح، وأخذ النفس العميق هو من أبسط الوسائل التي تزيد فرص نجاحك. ‏6– لا تتحدّث بصوت عالٍ أو منخفض، ‏فالبعض يظنّ أن التحدث بصوت عالٍ يدلّ على الثقة بالنفس، ولكن من يتحدثون بصوت عالٍ عادة ما يكونون متوترين ويحاولون إخفاء توترهم، والتحدث بصوت منخفض ليس جيدًا أيضًا، فالبعض يقولون أن الإصغاء إلى شخص يتحدث بصوت منخفض ولو لفترة وجيزة أمر مزعج للغاية. 7– لا تتباه بنجاحك ‏فالناس يحبّون سماع قصص عن النجاح، ويهمّهم بلا شكّ معرفة كم جنيت من المال في العام الماضي، أو كيف بعت شركتك لشركة كبيرة، لكن عند سرد هذه القصص من الضروري أن تكون متواضعًا، فلا تتفاخر بإنجازاتك، فكلّما كنت متواضعًا أفسحت المجال ليقدّر الجمهور قيمتك. ‏ففي مقال نشر في احدى المجلات، تحدّثوا عن الأخطاء التي يرتكبها رواد الأعمال عند عرض أفكارهم أمام المستثمرين، وقد نصحوا رواد الأعمال بألا يقارنوا شركتهم بشركات ضخمة، وألا ينفوا وجود أي منافسين لهم، فليس من المقبول استخدام عبارات مثل «نستهدف سوق العالم كله أو المنطقة كلها» أو «فكرتنا رائعة للغاية» – كن متواضعًا وواقعيًّا. ‏8– كن على طبيعتك، ‏لعلّك سمعت هذه العبارة كثيرًا، ولكن تطبيقها ليس بالأمر السهل، فالبعض يشبّهها بالمواعدة. فالتباهي أمام شخص تواعده لن يفيدك بشيء، إلا إذا كان هدفك الوحيد الانفصال عنه في اليوم التالي.

والواقع ان هناك أخطاء شائعة يقع فيها كثير من المذيعين دون ان يدروا، اهمها ضعف التحضير قبل التسجيل أو البث، فالإعداد الجيد هو الأساس لانه من دون معرفة دقيقة بموضوع الحلقة وتسلسلها، ستظهر العشوائية ويتأثر تماسك المحتوى، كما يجب على المذيع التحدث بنبرة صوت واضحة، فالصوت هو وسيلة التواصل الأساسية، ولذلك فان التنويع في الإيقاع والنبرة يضمن جذب انتباه المستمع، كما ان عليه ان يتجنب مقاطعة الضيوف باستمرار لان المقاطعة المتكررة تُفقد الحوار عمقه وتُشعر الضيف بعدم التقدير، مما ينعكس سلبًا على الجو العام للحلقة، كما ان عليه ان يتجنب الإطالة غير الضرورية، لان كل دقيقة في البودكاست ثمينة، كما ان عليه ان يتجنب التعقيد، فاستخدام كلمات بسيطة يضمن وصول الرسالة للجميع دون لبس وعليه ان يتفادى الأسلوب الشخصي أو تقليد الآخرين، فالجمهور يبحث عن التميز والهوية الخاصة، كما عليه ان يعلم ان الصوت النقي والواضح يعبّر عن احترامك للمستمع، بينما الصوت السيئ يجعل حتى المحتوى القيم غير قابل للاستماع، ولا يحق له التحيز أو فرض الآراء الشخصية لانه قد ينفر المستمعين ويُضعف المصداقية…!

 

عادل بطرس

 

التعليقات معطلة.