هل هدف ترامب من لقاء بوتين إيقاف حرب أوكرانيا… لإشعال حرب في الشرق الأوسط؟

12

 

 

ترامب وبوتين… سلام على طريقة تولستوي هناك ، وجحيم على طريقة الشرق الأوسط

 

 

في السياسة، كما في الأدب، هناك روايات تُكتب بالمدافع وأخرى تُحاك بالمصالح. لقاء ترامب – بوتين هذه المرة يبدو وكأنه نسخة حديثة من “الحرب والسلام”، لكن الفارق أن فصولها قد تُختتم بسلام في أوروبا وتُفتتح بحرب في الشرق الأوسط .

ما يجري ليس مجرد دبلوماسية عالية المستوى، بل عملية إعادة توزيع لخرائط الصراع: إطفاء جبهة أوكرانيا التي استنزفت الجميع، مقابل إشعال جبهة جديدة حيث النفط، والممرات المائية، والتحالفات القلقة… أي في قلب الشرق الأوسط.

ترامب يعرف أن التاريخ لا يتذكر من أطفأ حروب الآخرين، بل من صنع الحروب التي غيّرت المعادلات. وهنا، يطرح السؤال نفسه: هل نحن أمام “سلام هناك” لإفساح الطريق لـ”حرب هنا”؟

 

ترامب يدرك أن حرب أوكرانيا أصبحت حفرة استنزاف بلا قاع. الحرب هناك تحرق المليارات وتستهلك التحالفات، وتمنح روسيا الوقت لترتيب أوراقها. إغلاق هذه الجبهة ليس “سلامًا” بقدر ما هو إعادة تموضع… واستعداد لجولة أخطر.

والجولة المقبلة؟ الشرق الأوسط. الساحة المفضلة لتصفية الحسابات، حيث النفط والممرات المائية والخصومات التاريخية… وحيث يمكن لشرارة واحدة أن تحرق الإقليم كله .

تجميد حرب أوكرانيا سيعني تحرير يد أمريكا. وترامب، الذي لا يتحرك بلا مقابل، يعرف أن إشعال الشرق الأوسط سيحقق ثلاثة أهداف دفعة واحدة:

ضرب إيران وحلفائها، وتقليص نفوذهم قبل أن يكتمل تحالفهم مع روسيا والصين .

إعادة واشنطن إلى كرسي المايسترو، بعد أن تجرأ الآخرون على احتلال مواقع نفوذها.

توحيد الحلفاء العرب والإسرائيليين تحت راية “الأمن الإقليمي” بقيادة أمريكية.

لقاء ترامب – بوتين قد لا يكون مجرد محاولة لإنهاء الحرب في أوروبا، بل ربما صفقة لتغيير ساحة الصراع. وكأن الرسالة هي: “سنوقف النار هناك… لنشعلها هنا.”

 

اليوم، الشرق الأوسط يعيش ما يشبه الصفحة الأخيرة في فصل “السلام المؤقت”. كل الخيوط مشدودة، وكل الشخصيات على المسرح: غزة تشتعل تحت الرماد، إيران تحصي أنفاسها، العراق ولبنان واليمن فوق حافة هاوية، وإسرائيل في حالة استنفار دائم .

إذا كانت رواية تولستوي “الحرب والسلام” انتهت بتوازن هش بين المعارك والهدنة، فإن نسخة ترامب – بوتين قد تعكس الصورة تمامًا: هدنة هناك، وبداية معركة هنا .

الفرق أن هذه المرة، السطر الأخير لن يكون عن جنرالات يعودون إلى بيوتهم… بل عن بركان يفتح فمه، وعن شعوب تستعد لسماع الصفارة الأولى للانفجار . وحين يبدأ الفصل الجديد، لن يقرأه أحد في الكتب… بل سيعيشه الجميع على الأرض .

التعليقات معطلة.