يعد الأكثر نفوذاً والأقرب إلى عقل نتنياهو
اختار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو صديقه المقرب وكاتم أسراره رون ديرمر لقيادة فريق المفاوضات الإسرائيلي حول المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار مع حماس، وهي المسؤولية الحساسة التي كان يتولاها رئيس الموساد ديفيد برنياع.
ويبدو أن الوزير الإسرائيلي رون ديرمر (53 عامًا) سيصبح الرجل الأكثر نفوذاً في الحكومة الإسرائيلية والأقرب إلى أذن وعقل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وستكون مهمته في الفترة القادمة إيجاد صيغة لتحقيق أهداف إسرائيل وإطلاق سراح الرهائن والحفاظ على الائتلاف الحاكم ومواصلة التواصل مع الإدارة الأمريكية وضمان توافق مصالح البلدين مع مبعوث الرئيس ترمب للشرق الأوسط ستيف ويتكوف.
ويقول مسؤول إسرائيلي إن نتنياهو لديه ثقة في قدرات ديرمر؛ لأن المفاوضات بشأن المرحلة الثانية من الصفقة من المتوقع أن تكون مختلفة، وتداعياتها أوسع نطاقاً، وتتضمن عناصر سياسية ودبلوماسية وأمنية تتعلق بمستقبل غزة، واتفاقية التطبيع مع المملكة العربية السعودية، والصراع الأوسع مع إيران. وأوضح أن الأمر لا يتعلق فقط بصفقة الرهائن، وإنما بالتوافق مع الرؤية الاستراتيجية لإدارة ترمب الجديدة.
يصفه آخرون بأنه أميركي الهوى وقريب في الفكر من الجمهوريين، ولديه شبكة من الاتصالات والعلاقات داخل الإدارة الحالية، وله صداقات مع الشخصيات المؤثرة المحيطة بترمب، ولديه علاقات قوية مع الكونغرس ومع المجتمع الإنجيلي داخل الولايات المتحدة.
وقد وُلِد رون ديرمر عام 1971 في مدينة ميامي بولاية فلوريدا، وتلقى تعليمه في الولايات المتحدة والتحق بأكاديمية الحاخام ألكسندر غروس العبرية، وتخرج في كلية وارتون بجامعة بنسلفانيا، وكان عضواً مؤسساً لبرنامج التراث اليهودي الذي يديره الحاخام مناحم شميت، وحصل على شهادة في الفلسفة والسياسة والاقتصاد من جامعة أكسفورد، أي أنه أمضى ما يقرب من أربعين عاماً من عمره في الولايات المتحدة طالباً وباحثاً ودبلوماسياً.
ويقول المحللون الإسرائيليون والأميركيون إن العلاقة القوية بين نتنياهو وديرمر هي التي حققت للأخير العديد من الخطوات الكبيرة في مسيرته المهنية، فقد أرسله نتنياهو في عام 2004 ليشغل منصب الملحق الاقتصادي لإسرائيل في السفارة في واشنطن، ثم عينه سفيراً لإسرائيل لدى الولايات المتحدة بين عامي 2013 و2021.
مناورات مرتقبة
وخلال زيارة نتنياهو ولقائه الرئيس ترمب بذل ديرمر جهداً كبيراً في التواصل مع مسؤولي إدارة ترمب لمعرفة مساحة المناورة التي يمكن لنتنياهو استغلالها، والسعي للحصول على ضمانات أميركية تسمح بخيار استئناف المفاوضات.
وديرمر ليس غريباً على الأروقة السياسة الأميركية، بل يمتلك نفوذاً كبيراً، واتصالات قوية بمسؤولين أميركيين سابقين وحاليين منذ عمله سفيراً لإسرائيل لدى الولايات المتحدة. وهو وجه معروف لأي شخص يشارك في العمليات الدبلوماسية بين الولايات المتحدة وإسرائيل.
توجهت الأنظار إلى ديرمر ليس فقط بسبب اللقب الفخم الذي يحمله بصفته وزيراً للشؤون الاستراتيجية في الحكومة الإسرائيلية، بل بسبب تكليفه بإدارة المفاوضات مع «حماس» بشأن المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار.
وتشير تقارير إعلامية إسرائيلية إلى تأثيره القوي على نتنياهو حينما لا تتوافق المصالح الأميركية مع المطالب والطموحات الإسرائيلية، فلديرمر القدرة على إقناع رئيس الوزراء بالتراجع وإظهار المرونة والاستجابة لبعض الموضوعات التي تطلبها واشنطن، وقد كان وراء إقناع نتنياهو بالسماح بدخول المساعدات الإنسانية إلي غزة والاستجابة لمطالب إدارة بايدن السابقة. وتقول التقارير الإسرائيلية إن ديرمر أقنع نتنياهو بأن مقاومة الأميركيين في هذه القضية الحساسة ليست خياراً جيداً، ونجح في إدخال المساعدات بالوتيرة التي تريدها الإدارة الأميركية وتجنب الصدام بين نتنياهو وبايدن.
وخلال العام الماضي لعب ديرمر دوراً مهماً في إعادة الدفء لعلاقة نتنياهو مع ترمب، فقد توترت العلاقات بين الرجلين في أعقاب تهنئة نتنياهو لبايدن بعد فوزه في انتخابات 2020 وانقطعت الاتصالات بين ترمب ونتنياهو، حتى نجح ديرمر في مهمته لإصلاح هذه القطيعة وقام ديرمر بزيارات متكررة إلى منتجع مارلارغو لمقابلة ترمب ونجح في ترتيب زيارة لنتنياهو وزوجته للقاء ترمب في فلوريدا، والتي أعادت المياه إلى مجاريها.
موقف مساند للرهائن
وساند ديرمر إبرام صفقة لإطلاق سراح الرهائن المحتجزين لدى «حماس» بكل قوة، وهو ما أشار إليه الوزيران السابقان، بيني غانتس وغادي أيزنكوت.
ويقول محللون إن ديرمر يتمتع بالذكاء ويعرف كيف يقنع نتنياهو ومتي يتراجع، فقد حاول إقناع رئيس الوزراء الإسرائيلي بالموافقة على الاتفاق الذي اقترحه بايدن في أواخر مايو (أيار) الماضي لكن نتنياهو دفع بالعديد من العقبات فتراجع ديرمر ولم يحاول التأثير على نتنياهو.