هواء نقيٌّ بين النجف والرياض

1

مشاري الذايدي

مشاري الذايدي

صحافي وكاتب سعودي. عمل في عدة صحف ومجلات سعودية. اشتغل في جريدة المدينة السعودية في عدة أقسام حتى صار عضو هيئة التطوير فيها. ثم انتقل لـ«الشرق الأوسط» من 2003، وتدرَّج بعدة مواقع منها: المشرف على قسم الرأي حتى صار كبير المحررين في السعودية والخليج، وكاتباً منتظماً بها. اختير ضمن أعضاء الحوار الوطني السعودي في مكة المكرمة. وشارك بأوراق عمل في العديد من الندوات العربية. أعدَّ وقدَّم برنامجي «مرايا» وبرنامج «الندوة». في شبكة قنوات «العربية».

تشهد العلاقات بين السعودية والعراق مرحلةً حافلةً بالجميل من الفعل والقول، من آخر ذلك، كما سبق الإشارة له هنا، زيارة السفير السعودي لدى العراق عبد العزيز الشمّري لأهم مدن الشيعة في العالم، وليس في العراق فقط: النجف وكربلاء، واجتماعه ببعض المراجع الشيعية الكبرى، مثل إسحاق الفيّاض وغيره.

سبق ذلك فتح خطّ جوّي جديد بين مدينة الدمّام بالمنطقة الشرقية السعودية، ومدينة النجف، حيث تشهد هذه المدينة رحلات «الزيارة» المعتادة لدى طائفة الشيعة من المواطنين السعوديين، شأن بقية الشيعة في كل الدول التي بها مكونات من الطائفة الجعفرية.

الحق أن العلاقات بين الرياض وشيعة العراق، ومراجعهم، ليست وليدة اليوم، لكنها تشهد من غير شك، مرحلة مزدهرة وزخماً جديداً، وهو مسعى حميد وعمل رشيد، يجب الإكثار منه، ومراكمته، والاستمرار فيه، لقطع الطريق على المستثمرين في إيقاد نار الفتنة، ممن يشعلونها كلما انطفأت، فهذا عملهم وهو شغفهم.

لو عدنا للتاريخ القريب، والبعيد، نعرف حرص الملك عبد العزيز، المؤسس على العلاقات مع العراق وإيران، من خلال تعيين شخصية من أهم الشخصيات التي كان الملك المؤسس يضع ثقته فيه، وهو الوجيه الكبير «السيد» حمزة غوث.

وفي التاريخ القريب نتذكر انفتاح الملك عبد الله بن عبد العزيز على الرئيس الإيراني رفسنجاني، ونتذكر زيارة لوزير الخارجية السعودي آنذاك، عادل الجبير، إلى بغداد، في أول رحلة لمسؤول سعودي رفيع للعراق منذ عام 2003.

في عام 2020 قرّرت السعودية والعراق العمل على إعادة افتتاح منفذ عرعر الحدودي الرئيسي بينهما، الذي كان أغلق قبل أكثر من 33 عاماً بعيد غزو العراق للكويت.

«رئيس مركز بغداد للدراسات» مناف الموسوي، في تصريحات لموقع «الحرة»، معلّقاً على الانفتاح السعودي، من خلال سفيرها لدى العراق، على المكون الشيعي قال إنه: «في السابق كان هناك صراع ديني يصل في بعض الأحيان لتكفير الطرف الآخر، قبل سياسة الانفتاح التي قام بها (ولي العهد) الأمير محمد بن سلمان، التي كان لها تأثير واضح في المنطقة والعالم».

وأضاف: «زيارة السفير (السعودي) لعلماء الشيعة تشير إلى إذابة الجليد بين الدولتين، وأتحدث عن الإشكالية الطائفية التي كانت موجودة بين رجال الدين».

أظن أن دور رجال الدين في هذا الصدد ليس كل شيء، بل دور الأهواء السياسية التي كانت في العراق خصوصاً، وإيران ولبنان واليمن، «تقاوم» أي انفتاح عراقي على السعودية، التي هي عمق العرب وحجر الزاوية في الأمن العربي.

هناك روابط لا يمكن القفز عليها بين العراق والسعودية، فمن يفصل بين عشائر السماوة والبصرة والنجف والعمارة والديوانية، ناهيك عن الأنبار والموصل، وبين نجد والأحساء والحجاز؟!

التعليقات معطلة.