هواجس “التعويم” و”الأسعار” تسيطر على الشارع المصري قبل اجتماع “المركزي”

1

AFP/ مقر المركزي المصري في القاهرة

إسلام محمد

في خطى متوازية مع متابعة الشارع المصري لجملة التحديات التي يواجهها الاقتصاد المصري والأزمات المرتبطة باضطرابات سعر الصرف وتأثيرات التضخم المستمرة على تفاقم أسعار السلع والخدمات، تسود حالة من الترقب والحذر تجاه ما سيسفر عنه اجتماع لجنة السياسات النقدية فى البنك المركزى المصري اليوم الخميس، سواء من حيث توقعات أسعار الفائدة، أو ما هو أبعد من ذلك.

طبيعة المرحلة الحالية وتحدياتها أطلقت ردود أفعال متحفظة وسيناريوهات يشوبها القلق بين المواطنين خلال الساعات السابقة لأولى اجتماعات المركزي المصري في 2024، وتبعات نتائجها خلال المرحلة المقبلة.

تحرير سعر الصرف (التعويم) يمثل أبرز السيناريوهات المتوقعة خلال الفترة المقبلة في الشارع المصري، في ضوء تقارير صندوق النقد الدولي وتصريحات مسؤوليه حول ضرورة وجود سعر صرف مرن، وهو ما يمثل السيناريو “الأصعب” الذي يعتبره الكثير بداية جديدة لتفاقم مستويات أسعار السلع والخدمات، ووصول الدولار إلى مستويات يُصعب السيطرة عليه في ضوء عدم وجود متحصلات وموارد دولارية.

صندوق النقد

وخلال الساعات الأخيرة، أعلن صندوق النقد الدولي، أنه أحرز تقدماً في المناقشات مع مصر بشأن السياسات وحزمة التمويل بما يدعم استئناف صرف دفعات قرضه البالغ ثلاث مليارات دولار للبلاد.

ووفقًا لمدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد جهاد أزعور، فقد أشار إلى أن الصندوق والسلطات المصرية يناقشان تأثير الحرب في قطاع غزة على مصر، وإنَّ أي تمويل إضافي سيعتمد أيضاً على الإصلاحات الاقتصادية ذات الأولوية في إطار البرنامج.

ويؤكد خبراء واقتصاديون أن الإصلاحات الاقتصادية المرتبطة بالموافقة على تمويل إضافي لمصر تتمثل في الالتزام بالتحول إلى نظام وسعر صرف مرن، تنفيذ خطط تتعلق ببيع أصول مملوكة للدولة وتقليص دور الدولة والجيش في الاقتصاد لصالح القطاع الخاص.

أزمات الاقتصاد المصري

وخلال الأعوام الماضية تعرض الاقتصاد المصري للعديد من الصدمات، بداية من تداعيات جائحة كورونا والتأثير السلبي لسلسلة الإجراءات الاحترازية، ومرورًا بالتوترات الإقليمية وتأثير الحرب الروسية الأوكرانية، والتي انعكست بالسلب على مختلف القطاعات لاسيما السياحة وأزمة السيولة الدولارية التي تأثرت بقوة في السوق الرسمية عقب خروج 22 مليار دولار استثمارات غير مباشرة خلال النصف الأول من 2022.

كما شهدت الفترة الأخيرة تبعات التطورات الجيوسياسية التي يشهدها العالم، من تأثير الحرب في غزة والاضطرابات في البحر الأحمر، والتي انعكست بصورة سلبية على قناة السويس والتي تعد المورد الرئيسي من موارد العملة الصعبة للاقتصاد المصري.

وعلى إثر الأزمة الأخيرة، سجلت “قناة السويس” تراجعاً بنسبة 40 في المئة في إيراداتها منذ بداية العام، وفق رئيس هيئة القناة، الفريق أسامة ربيع، جراء الهجمات على السفن في البحر الأحمر وتحويل عمالقة الشحن مسار السفن حول أفريقيا.

وفي ضوء هذه التحديات، خفضت وكالة موديز للتصنيف الائتمانى نظرتها المستقبلية لمصر من «مستقرة» إلى «سلبية»، نهاية الأسبوع الماضي، مشيرة إلى المخاطر المتزايدة وسط صعوبة إعادة التوازن للاقتصاد الكلى وسعر الصرف.

سيناريوهات أولى اجتماعات 2024

يرى عدد من الخبراء أن قرار تثبيت أسعار الفائدة يعد السيناريو الأكثر توقعًا خلال أولى اجتماعات 2024، في ضوء المعطيات الاقتصادية الحالية والتأثير السلبي لزيادة الفائدة على استقطاب استثمارات للسوق المصرية، لاسيما عبر سوق المال والذي يشهد ارتفاعات ومستويات تاريخية خلال الأسابيع الأخيرة.

وتتوقع الدكتورة حنان رمسيس الخبيرة الاقتصادية في تصريحات خاصة لـ”النهار العربي” اتجاه البنك المركزي المصري إلى تثبيت أسعار الفائدة، وذلك لعدد من الأسباب، في مقدمتها التأثير السلبي لقرار زيادة أسعار الفائدة في التوقيت الحالي نحو مزيد من عجز الموازنة، بالإضافة إلى مستهدفات الدولة خلال المرحلة الحالية بشأن السيطرة على معدلات التضخم، والذي سيكون عبر الاستمرار في تثبيت الفائدة.

وأضافت أن ثالث الأسباب المُرجحة لقرار التثبيت خلال اجتماع الخميس، يتمثل في الاهتمام بوثيقة ملكية الدولة، وبالتالي التخارج من الأنشطة والعمل على تشجيع الاستثمارات الخاصة، خاصة في البورصة، والتي قد يؤثر عليها سلبا قرار رفع أسعار الفائدة، الأمر الذي يُرجح إلى الإتجاه نحو قرار تثبيت أسعار الفائدة لتفادي ذلك الأثر السلبي.

واستبعدت الخبيرة الاقتصادية اتجاه البنك المركزي المصري نحو تحرير وإقرار سعر صرف “مرن” للدولار خلال المرحلة الحالية، كما قد يعتقد كثير من المواطنين، خاصة وأن تحرير سعر الصرف وإطلاق الدولار لقوى العرض والطلب حاليًا، يتطلب المساواة بين مستويات الدولار في السوق الرسمية مع السوق الموازية (السوداء)، وهو أمر سلبي للغاية خاصة في ضوء عدم امتلاك الدولة لأي متحصلات دولارية كافية لهذا الغرض.

وأشارت رمسيس إلى أن غياب المتحصلات الدولارية والاتجاه نحو تحرير سعر الصرف سيؤدي إلى تفاقم مستويات سعر الدولار في السوق الموازية بصورة كبيرة، ومن ثم الإضرار بمنظومة الاقتصاد المصري، خاصة وأن هيكل المنظومة يندرج ضمن شريحة الدول المستوردة وليست المصدرة، بالإضافة إلى أن مصر دولة غير نفطية تعتمد على استيراد النفط من الخارج، وهي جميعها مؤشرات سلبية تتطلب ضرورة عدم ربط العملة المحلية للدولة بالدولار والاتجاه لربطها بمصادر أخرى.

وأكدت أنه في حال مضي الدولة نحو قرار (التعويم)، فسيكون “مُدارا” وليس “حرا” والذي سينعدم مردوده دون إضافة جديد، ومن ثم استمرار السوق الموازية في مختلف القطاعات مثل السيارات والذهب والعقارات، ومن ثم استمرار تفاقم المشكلة.

محددات لرفع الفائدة

إدارة البحوث بشركة “إتش سى” للأوراق المالية والاستثمار توقعت تثبيت لجنة السياسات النقدية سعر الفائدة، خلال اجتماع الخميس.

وقالت هبة منير، محلل الاقتصاد الكلي بالشركة في مذكرة بحثية حديثة: “نتوقع أن تبقي لجنة السياسات النقدية على أسعار الفائدة للإيداع والإقراض لليلة واحدة في اجتماعها في ظل عدم حدوث تغيير في سعر الصرف الرسمي”.

وأشارت المذكرة إلى أنها لا تستبعد رفع سعر الفائدة في حال تغير سعر الصرف الرسمي، ومن المتوقع أن تأتي هذه الخطوة بالتزامن مع الانتهاء من المراجعة الأولى والثانية المؤجلة لصندوق النقد الدولي والتوصل أيضاً إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي بشأن مضاعفة قيمة “تسهيل الصندوق الممتد” والتي تبلغ قيمته 3 مليارات دولار، “إن لم يكن أكثر”.

وفيما يتعلق بالتضخم، تتوقع منير أن يرتفع معدل التضخم للحضر لشهر كانون الثاني (يناير) بنسبة 6.7% على أساس شهري و36.3% على أساس سنوي، وذلك مع الأخذ في الاعتبار ارتفاع أسعار تذاكر المترو، وأسعار خدمات الانترنت والاتصالات، بالإضافة الي ارتفاع أسعار الكهرباء للمنازل.

التعليقات معطلة.