ينجح كبير مستشاري الرئاسة الأميركية لشؤون الطاقة آموس هوكشتاين في بدء تحفيز الجانبين الاسرائيلي واللبناني على التفاوض، توصلاً إلى اتفاق للترسيم الحدوديّ البريّ بعد الترسيم البحري، رغم أنّ أيّ مشاورات ستحصل في المرحلة المقبلة بعد انتهاء المناوشات الحربية على الحدود اللبنانية الاسرائيلية، ستكون بمثابة مسيرة بمراحل عدّة، حتى يكون في الإمكان بلورة الترسيم الحدوديّ البريّ. ويهدف هوكشتاين إلى إنهاء المعارك الحربية وتأمين عودة السكان الاسرائيليين إلى المستوطنات الشمالية والنازحين اللبنانيين الجنوبيين إلى القرى الحدودية والاتفاق على انتشار الجيش اللبناني حصراً إلى جانب قوات “يونيفيل” جنوب الليطاني، وبعدئذٍ المباشرة في البحث عن نموذج ناجع للتوصل إلى الترسيم الحدوديّ البريّ بين لبنان وإسرائيل. لا يُعتبر حراك هوكشتاين مؤجّلاً، لكن التفاصيل لم تتبلور حتى اللحظة استناداً إلى المسعى المتخذ على عاتقه، مع تأكيد مواكبين لبنانيين للاجتماعات الدبلوماسية لـ”النهار العربي”، تأزّم المرحلة والحاجة للبحث عن حلّ يعيد الاستقرار إلى الشرق الأوسط. وكان هوكشتاين ناقش خلال زيارته الماضية لبنان موضوع الترسيم البري تحديداً، وما في الإمكان فعله للتوصّل إلى معالجة للنقاط الحدودية، لكنه لم يؤكّد استنتاجات معيّنة بل “جسّ النبض” حول أهمية التوصل إلى تسوية هادفة إلى ترسيم الحدود البرّية بين لبنان وإسرائيل، علماً أنّه لم يقترح نموذجاً ترسيمياً تفصيلياً. ويأتي حضور هوكشتاين في المنطقة بمهمّة أساسية، في محاولة منع تفاقم المناوشات الحربية وتأجّجها في الداخل اللبناني والمنطقة، والانتقال إلى مرحلة استقرار، وسيعمل على تحفيز المجلس النيابي على الالتئام وانتخاب رئيس للجمهورية في المرحلة المقبلة. وليست هناك معطيات حتمية أو مؤكّدة عن انضمامه إلى اجتماعات اللجنة الخماسية حتى اللحظة، التي تشمل نقاشاتها أوضاع حرب غزّة إضافة إلى ضرورة تحييد لبنان عن الحرب الشاملة وبلورة استحقاق انتخابات رئاسة الجمهورية اللبنانية. ومن المبكر ترجيح ما يمكن أن تحقّقه اللجنة نتيجة الأوضاع الحالية في المنطقة، مع الإشارة إلى أنّ مشاوراتها ستحتاج مراحل عدّة، خصوصاً بالنسبة إلى الاستحقاق الرئاسي. انطلاقاً من تفاصيل تعبّر عنها أوساط سياسية معارضة لـ”حزب الله”، فإنّه لا يمكن الإغداق في الإشارة إلى إمكان انتهاء الشغور الرئاسي في غضون أشهر قليلة، رغم الاجتماعات الدبلوماسية الهادفة إلى حلّ لانتخاب رئيس للجمهورية سريعاً، في حال لم تحرّك إيران الورقة الرئاسية اللبنانية عبر محور “الممانعة” الموالي لها في لبنان، ذلك باعتبار أنّ “حزب الله” لا يمكنه اتخاذ القرار رئاسياً إضافةً إلى عدم إمكان اتخاذه قراراً في خفض وتيرة المناوشات الحربية جنوب لبنان أو الانسحاب عسكرياً لأنّ القرار إقليميٌّ. لا يلغي ذلك الرهان على احتمال أن تشكّل المساعي الهادفة إلى ترسيم الحدود البرية بين لبنان واسرائيل باباً يمنع الاحتدام الحربي الشامل، خصوصاً أنّ هناك معطيات عن موافقة إسرائيلية على الانطلاق في التفاوض الترسيمي البريّ وفق نتائج زيارة أكثر من دبلوماسي غربي قبل أيام لتل أبيب، واللقاءات مع المسؤولين الاسرائيليين التي أفضت إلى موافقة تفاوضية، لكن مع إبقاء موضوع ضرورة تطبيق القرار الدولي 1701، وخصوصاً المنطقة الخالية من السلاح جنوب الليطاني بمثابة مطلب إسرائيلي أساسي تنطلق منه المداولات الدبلوماسية في هذه المرحلة. في المحصّلة، يعمل هوكشتاين على بحث سبل حلّ المسائل الخلافية على مستوى الترسيم الحدودي البريّ بين لبنان وإسرائيل بعد نجاحه في مهمّة الترسيم البحري، مع اتخاذ الوزير السابق الياس بو صعب على عاتقه التواصل بتفويض من “حزب الله” نقلاً للرسائل. وثمة من يعتبر أنّ مهمّة الترسيم البريّ سهلة بين لبنان وإسرائيل، في استثناء البتّ بمزارع شبعا التي قد تتحوّل مسألة سياسية باعتبارات إيرانية خاصّة بوضع مفاوضاتها الإقليمية في المنطقة. ولا ترجيحات في بلورة الترسيم الحدودي البريّ سريعاً قبل اتضاح نتائج المناوشات الإقليمية في المنطقة أقلّه وتطبيق مندرجات القرار الدولي 1701 جنوباً. وقد لا تشمل مفاوضات الترسيم مزارع شبعا في المرحلة المقبلة، خصوصاً أنّ اقتراح هوكشتاين الذي تداوله مع المسؤولين اللبنانيين والاسرائيليين خاص بالنقاط الترسيمية الخلافية الحدودية تحديداً من دون مزارع شبعا. وثمة من يقلّل من منحى التوازي بين المناوشات الحربية والترسيم البريّ، مع اعتبار أنّ هوكشتاين يعمل حالياً على مرحلة انتقالية تبدأ مع عودة الاستقرار إلى الجنوب اللبناني والمستوطنات الاسرائيلية الشمالية قبل الانتقال الجذري إلى الترسيم البريّ.
التعليقات معطلة.